المواطن بين فكّي نقابة الأطبّاء وشركات التأمين؛
المواطن بين فكّي نقابة الأطبّاء وشركات التأمين؛
الأجور الطبية إذُ تفترس المواطن والحكومة صامتة.!
المواطن الأردني على موعد يوم السبت القادم مع الموجة الأولى من ارتفاع الأجور الطبية، وسوف يشعر المواطنون بأن أجسادهم أصبحت مكشوفة لتلقّي ضربات سياط أسعار لائحة الأجور الطبية الجديدة لسنة 2024 التي وضعتها نقابة الأطبّاء الأردنية وأقرّتها الحكومة الرشيدة بسهولة.
على الجانب الآخر أعلنت الجمعية الأردنية للتأمينات الصحية في بيان مشترك مع الاتحاد الأردني لشركات التأمين عن بدئها بتطبيق أسعار أجور طبية جديدة مختلفة إلى حدٍّ ما عن تعرفة لائحة نقابة الأطباء، تطبيقاً لمضمون كتاب رسمي كانت قد بعثت به إلى وزير الصحة بتاريخ 16-1-2024، أي قبل عشرة أشهر من إقرار الحكومة للائحة الأجور الطبية الجديدة لسنة 2024 الخاصة بنقابة الأطباء.
وقد تضمّن إعلان الاتحاد والجمعية رفع كشفية الطبيب العام بشكل فوري بنسبة 100% ورفع كشفية طبيب الاختصاص بنسبة 50% بشكل فوري أيضاً. إضافة إلى رفع تدريجي للإجراءات والتدخّلات الطبية الأخرى، وهم يستندون في ذلك إلى مسوّدة لائحة الأجور الطبية لسنة 2021. وأيضاً إلى لائحة أجور 2008 في بعضها، ويقول الاتحاد والجمعية بأنهما اختارا الانحياز إلى جانب المواطن في هذا الموضوع تفهّماً وإدراكاً لوضعه الاقتصادي والمعيشي.!
وأتساءل في ظل هذه التناقضات والقرارات الأحادية والاختلافات بين الفُرقاء؛ واللوائح المتعدّدة والأسعار المتفاوتة في تعرفة الأجور الطبية؛ ما موقف الحكومة ووزير الصحة تحديداً من هذه "اللخبطة"، وهل تسمح الحكومة بأن يقع المواطن بين فكّي كمّاشة فريسةً لهذا الصراع بين شركات التأمين من جهة ونقابة الأطباء من جهة أخرى, ثم ما ذنب المواطن البسيط الذي لا يملك أي تأمين صحي أن يدفع الثمن غالياً على حساب قوت "عياله".؟!
مستهجن تماماً موقف وزير الصحة الذي لم ينبس ببنت شفة حين تم نشر لائحة تعرفة الأجور الطبية لسنة 2024 من قِبل نقابة الأطباء في الجريدة الرسمية قبل نحو شهر، والتي لم يصدر أي تعليق عليها من الحكومة، لا من وزير الصحة ولا من الناطق الرسمي باسم الحكومي اللذين لاذا بصمت مُطبق إزاءها وكأن شيئاً لم يحدث.!!!
كما لم يعلق وزير الصحة على بيان اتحاد شركات التأمين والجمعية الأردنية للتأمينات الصحية، الذي جاء برفع على الأجور مختلف نوعاً ما من حيث التوقيت والنسبة عن لائحة الأجور الطبية الأخيرة.!
المفارقة المضحكة أن كلا الطرفين المتصارعين يدّعي بأنه يقف إلى جانب المواطن وينحاز إليه.. وأي انحياز بمضاعفة الأجور الطبية على المواطن وتهديد صحته وحياته في ظل وضع اقتصادي معيشي صعب يعانيه أغلب المواطنين.؟!
أخيراً، فإنني الدعوة لمؤسسة الضمان الاجتماعي التي سبق أن عقد رئيس مجلس إدارتها الحالي أكثر من اجتماع مع مجلس إدارة جمعية المستشفيات الخاصة بأن تفرض شروطها في موضوع المعالجات الطبية للمؤمّن عليهم من مُصابي حوادث وإصابات العمل وضمن الحد الأدنى للأجور الطبية السابقة. كما أدعو المؤسسة إلى البدء بدراسة جدية عاجلة لتطبيق التأمين الصحي الاجتماعي على المؤمّن عليهم والمتقاعدين وعائلاتهم، في إطار شمولي متوازن يضمن الحماية والرعاية الصحية المناسبة ويكون مستداماً، وبذلك تستطيع مؤسسة الضمان أن تكون اللاعب الرئيس في ميدان التأمين الصحي وتفرض شروطها العادلة على مختلف الأطراف.
لكَ الله يا مواطن.. لكَ الله..
(سلسلة توعوية تنويرية اجتهادية تطوعيّة تعالج موضوعات الضمان والحماية الاجتماعية، وتبقى التشريعات هي الأساس والمرجع- يُسمَح بنقلها ومشاركتها أو الاقتباس منها لأغراض التوعية والبحث مع الإشارة للمصدر).
خبير التأمينات والحماية الاجتماعية
الإعلامي والحقوقي/ موسى الصبيحي