تباينت اراء الخبراء والاقتصاديون حول إقدام المركزي المصري، على إلغاء القيود على تحويلات النقد الأجنبي للخارج، إذ رحب البعض بالخطوة معتبرين إنها ستسهم في طمأنة المستثمرين الأجانب، فيما أبدى آخرون تخوفهم من أن ذلك سيؤدي إلى زيادة جديدة في سعر الدولار
وأعطى المركزي المصري، الضوء الأخضر للبنوك بتنفيذ طلبات عملائها بالتحويل للخارج، بدون حد أقصى اعتباراً من 14 يونيو/ حزيران الماضي، مع ضرورة مراعاة قواعد التعرف على هوية العملاء.
ويقول المركزي المصري، إن رفع القيود يأتي استكمالاً لخطة الإصلاح الاقتصادي التي بدأ تنفيذها العام الماضي، بما يسهم في تعزيز الثقة بالاقتصاد وجذب مزيد من تدفقات الاستثمارات الأجنبية، ومدخرات المصريين في الخارج.
موارد شحيحة
ويرى عز الدين حسانين (مصري)، المحلل الاقتصادي، أن خطوة المركزي برفع القيود على التحويلات “ممتازة وذكية، وكثيراً ما نادى بها بالخبراء، إلا أن موارد الدولار في البنوك كانت شحيحة، والاحتياطي النقدي الأجنبي في تآكل مستمر دون وجود موارد مستدامة من الدولار.
وشهدت مصر خلال السنوات الماضية، تراجعاً في موارد العملة الصعبة من الأنشطة الرئيسية، مثل السياحة والتصدير والاستثمارات الأجنبية، ما ساهم في ضرورة وضع حد أقصى للتحويلات بالدولار، أو ما يعادلها من العملات الأجنبية للخارج، حتى لا يتم استنزاف الدولار
وأضاف حسانين، في حديثه مع “الأناضول”، أن رفع القيود سيزيد الطلب نسبياً على هذه التحويلات، خصوصاً لعملاء الاستيراد من التجار والصناع وللأنشطة التعليمية والسياحية وسماسرة العقارات، وهواة شراء العقارات في الخارج
وأشار إلى أن ارتفاع سعر الدولار، واستقراره عند مستوى 18 جنيها في البنوك وفي السوق الموازية، سيحد نسبياً من التحويلات المالية للخارج
وارتفع صافي الاحتياطي الأجنبي في مصر بنسبة 8.6 بالمائة بمقدار 2.485 مليار دولار ليصل إلى 31.125 مليار دولار في نهاية مايو/ أيار 2017، مقابل نحو 28.640 مليار دولار نهاية الشهر السابق عليه
رسالة للمستثمرين
واعتبر حسانين أن خطوة المركزي بمثابة “رسالة للمستثمرين في االخارج باستقرار السياسة النقدية واستقرار سعر الصرف، مما قد يساهم في طمأنة المستثمرين بالخارج لتحويل أموالهم للداخل بسهولة وبسعر صرف مستقر”د
وقال المحلل الاقتصادي، إن قرار المركزي سيحفز العاملين بالخارج، لزيادة تحويلاتهم عبر البنوك واستبدالها داخل السوق الرسمية لتعادل سعري الصرف.<br>
وتراجعت تحويلات العاملين بالخارج 0.2 بالمئة لتصل إلى 12.625 مليار دولار في الشهور التسعة الأولى من العام المالي الماضي، مقابل 12.659 مليار دولار في الفترة المقابلة
ويبدأ العام المالي في مصر مطلع يوليو/ تموز حتى نهاية يونيو/ حزيران من العام التالي، وفقاً لقانون الموازنة العامة
زيادة الاستثمارات
وحققت الاستثمارات في محفظة الأوراق المالية، صافي تدفق للداخل بلغ 7.8 مليار دولار في الشهور التسعة الأولى من العام المالي الماضي (يوليو/ تموز-مارس/ آذار)، نتيجة لزيادة استثمارات الأجانب في أذون الخزانة المصرية وإصدار سندات بالخارج واستثمارات الأجانب في البورص
وأشار حسنين إلى أن حالة الركود التي تضرب السوق المصرية بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار وتوقف العديد من المستوردين عن طلب الدولار المرتفع، سيحدان من الطلب على العملة الصعبة، بعد رفع القيود عن التحويلات المالي
زيادة الاحتياطي
من جانبه، اعتبر هشام إبراهيم، الخبير الاقتصادي، قرار المركزي أنه “منطقي ويتماشى مع سياساته المعلنة والمصاحبة لقرار تحرير سعر صرف الجنيه في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016″، وإلغاء القيود على تداول النقد الأجنبي تباعا
وأضاف إبراهيم، في حديثه مع “الأناضول”، أن قرار المركزي ” طبيعي للغاية في ضوء تزايد حصيلة البنوك من الدولار بعد تنازل العملاء عنه وتزايد الاحتياطي الأجنبي”.
وبلغت حصيلة تنازل العملاء عن الدولار للبنوك العاملة في السوق، نحو 25 مليار دولار منذ تحرير سعر صرف الجنيه، وفق تصريحات سابقة لجمال نجم، نائب محافظ البنك المركزي
أزمة عملة
وقال باتريك وير، الخبير بالشؤون الاقتصادية المصرية، إن مصر قد تشهد خلال الأسابيع القليلة المقبلة أزمة عملة لا مفر منها؛ عندما يخفف البنك المركزي القيود المفروضة على تحويل الأموال إلى خارج البلاد
وأضاف باتريك، في مقال بصحيفة ” ذا ناشيونال” الإماراتية مطلع الشهر الجاري، أن رفع القيود على التحويلات المالية للخارج قد يؤدي لارتفاع في الطلب على ا
لدولار، مما يزيد الضغوط مجددا على الجنيه.
وتابع: “يمكن أن يفسر ذلك جزئياً لماذا رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار نقطتين مئويتين، لأن من شأن ذلك أن يساعد المستثمرين على الاحتفاظ بأموالهم بالجنيه المصري”.
ومساء 21 مايو/ أيار 2017، قرر المركزي المصري رفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض بمقدار 2 بالمئة، في خطوة مفاجئة لأوساط المال والأعمال، إلى 16.75
بالمائة، و17.75 بالمائة على التوالي.