إنهاء الصراع العربي الأسرائيلي أو استمراره بيد الإدارة الأمريكية   |   سماوي يلتقي سلامة ولحود ويبحثان سبل التوأمة بين مهرجان جرش والمهرجانات اللبنانية   |   اللجنة التنفيذية لشؤون التربية والتعليم في 《الميثاق الوطني》تصدر توصيات حول نظام الثانوية العامة الجديد (نظام الحقول   |   شركة زين تطلق دليل إمكانية الوصول الشامل لتهيئة مبانيها ومرافقها للأشخاص ذوي الإعاقة   |   فعالية رياضية نوعية تشعل أجواء الحماس في جامعة فيلادلفيا   |   مذكرة تفاهم بين الضمان الاجتماعي والبوتاس العربيّة لتنظيم إجراءات تسديد الاقتطاعات المستحقة من رواتب المتقاعدين   |   ACY Securities تحتفل بالذكرى الخامسة عشرة وتؤكد دورها في تطوير الأسواق المالية الأردنية والإقليمية   |   جهود الإعلام الأردني تعزز دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع   |   مؤسسات المجتمع المدني وتحقيق مستهدفات التحديث الاقتصادي   |   أبوغزاله يعرض رؤيته لإصلاح الأمم المتحدة أمام دبلوماسيين من 30 دولة   |   تعلن جامعة فيلادلفيا عن حاجتها لتعيين: - مشرف أنظمه وشبكات في مركز الحاسوب.   |   تعلن جامعة فيلادلفيا عن حاجتها لتعيين: - فني صيانة الكترونيات في مركز الحاسوب.   |   ديانا كرزون تسحر الجمهور بأحدث أعمالها الغنائية 《دوخني》   |   ماذا على مؤسسة الضمان أن تفعل في المرحلة القادمة.؟    |   عمّان الأهلية تنظّم ندوة عن الصناعات الدوائية ويوما طبيا في عين الباشا   |   زين تدخل في شراكة مع المنتدى الدولي لأعمال الإعاقة كأول شركة اتصالات في المنطقة   |   مجموعة الخليج للتأمين – الأردن تعزز ريادتها في قطاع التأمين بعد فوزها بجائزة   |   شركة ميناء حاويات العقبة تكشف عن أبرز مؤشرات أدائها التشغيلي لشهر تشرين الثاني 2025   |   لجنة الاقتصاد والاستثمار في حزب الميثاق الوطني تبحث تعزيز بيئة الأعمال في العقبة   |   مشاركة واسعة في البطولة السعودية للهواة على ملاعب نادي ديراب للجولف   |  

  • الرئيسية
  • مقالات
  • من الانقسام إلى البناء: طريق الشرق الأوسط نحو استقرارٍ وتنميةٍ مستدامة

من الانقسام إلى البناء: طريق الشرق الأوسط نحو استقرارٍ وتنميةٍ مستدامة


من الانقسام إلى البناء: طريق الشرق الأوسط نحو استقرارٍ وتنميةٍ مستدامة

من الانقسام إلى البناء: طريق الشرق الأوسط نحو استقرارٍ وتنميةٍ مستدامة

 

م. سعيد بهاء المصري

نشر في: الأربعاء 29 تشرين الأول / أكتوبر 2025. 12:00 صباحاً

آخر تعديل: الأربعاء 29 تشرين الأول / أكتوبر 2025. 12:00 صباحاً

لم تعرف منطقتنا الممتدة من العراق وسوريا ولبنان والأراضي الفلسطينية طعم الاستقرار منذ عقود. فقد أنهكتها الحروب والانقسامات الطائفية والعرقية والمذهبية، وتعددت فيها الولاءات، وتداخلت فيها الانتماءات، حتى غابت العدالة والحوكمة، وتراجع الاقتصاد وتدهورت معيشة الناس.

 

أما الأردن، فكان استثناءً في هذا المشهد المضطرب، إذ استطاع أن يحافظ على أمنه واستقراره بفضل حكمٍ رشيدٍ ومنظومةٍ عادلة يقودها الهاشميون، لكنه دفع ثمن الفوضى الإقليمية التي أحاطت به، سواء بإغلاق الحدود، أو باستقبال موجات متتالية من اللاجئين الذين احتضنهم الشعب الأردني بكرمٍ ومسؤولية إنسانية.

 

لقد آن الأوان لأن تبحث شعوب هذه المنطقة، بكل مكوّناتها، عن طريقٍ جديدٍ يعيد بناء الثقة ويستعيد الأمل، عبر مصالحة مجتمعية حقيقية تضع حدًا لدوامة الانقسام، وتفتح الباب أمام نهضةٍ اقتصادية تُنهي زمن المعاناة.

 

أولاً: المصالحة المجتمعية في دول المشرق العربي

 

تبدأ المعالجة من داخل المجتمعات التي تعاني الانقسام في كلٍّ من العراق وسوريا ولبنان وفلسطين. ففي العراق، ما زال الصراع بين مكوّناته المذهبية والعرقية يعطّل قيام دولة جامعة لكل أبنائها. وفي سوريا، لا يمكن لأي مشروع وطني أن ينجح ما لم تُعالج جراح الحرب ويُفتح باب العودة والمشاركة لكل السوريين. أما لبنان، فقد أصبح الانقسام الطائفي فيه نظامًا سياسيًا خانقًا يُقيد الدولة ويمنع الإصلاح. وفي فلسطين، لا بدّ من مصالحة حقيقية بين الضفة الغربية وقطاع غزة، توحّد الصف وتعيد القضية إلى مسارها الوطني الجامع.

 

من هنا، تصبح المصالحة المجتمعية مشروعًا إقليميًا متكاملًا، لا يقتصر على بلدٍ بعينه، بل يعيد الروح إلى المشرق كله. وتتحقق هذه المصالحة عبر خطوات عملية:

 

- حلقات حوار وطنية داخل كل دولة، تجمع ممثلين عن الفئات والطوائف والعشائر والأحزاب، لتناول القضايا الخلافية بشفافية بعيدًا عن التخوين والإقصاء.

 

- برامج مصالحة ميدانية في المدن والأرياف والمخيمات، تُنفَّذ بالتعاون بين المؤسسات الأهلية والبلديات والمجتمع المدني.

 

- اتفاقات محلية للسلم الأهلي في المناطق الساخنة، تقوم على قاعدة «الأمن مقابل التنمية»، أي أن الاستقرار المجتمعي يقابله دعم اقتصادي وخدمي مباشر.

 

إن هذه الخطوات، حين تتوسع وتُدار بعقلٍ منفتح وإرادةٍ صادقة، يمكن أن تضع أساسًا لسلامٍ داخلي دائم في دول المشرق، وتفتح الباب لتعاونٍ إقليمي أوسع.

 

ثانياً: التنمية الاقتصادية بوصفها مكافأةً للسلام

 

السلام لا يعيش بالكلام، بل بما يلمسه الناس في حياتهم. ولذلك فإن المصالحة يجب أن تترافق مع نهضة اقتصادية مشتركة بين دول المنطقة، تجعل من التنمية مكافأةً حقيقية للاستقرار.

 

إن تكامل موارد العراق الغني بالطاقة، وسوريا ولبنان بما لديهما من موقعٍ جغرافي ومرافئ، والأردن وفلسطين بما يملكان من خبراتٍ بشرية وزراعية، ودول الخليج بما توفره من إمكاناتٍ مالية واستثمارية، يمكن أن يصنع منظومة اقتصادية متينة تُعيد إلى المشرق العربي دوره التاريخي كمركزٍ للتجارة والطاقة والثقافة.

 

ومن المشاريع القابلة للتنفيذ والتي يمكن أن تغيّر مستقبل المنطقة:

 

- مشروع الطاقة النظيفة والمياه: استثمار الشمس والرياح في إنتاج الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة، ومدّ خطوط نقلها إلى أوروبا والأسواق العالمية، بما يخلق فرص عمل واسعة للشباب.

 

- الممرّات التجارية البرّية والبحرية: ربط العراق وسوريا والأردن ولبنان وفلسطين بشبكة طرقٍ حديثة ومناطقٍ صناعية حرة، تفتح الأسواق وتعيد إحياء طرق التجارة القديمة نحو البحر المتوسط وأوروبا.

 

- شبكات الطاقة والاتصالات: إنشاء خطوط كهرباء وكابلات بيانات واتصالات حديثة، تربط الخليج والمشرق بالبحر المتوسط، لتجعل من منطقتنا مركزًا لنقل الطاقة والمعلومات بين الشرق والغرب.

 

هذه المشاريع ليست مجرد بنى تحتية، بل هي جسرٌ للتعاون الإنساني، ووسيلةٌ لتثبيت السلام من خلال المصالح المشتركة، بحيث يصبح استقرار الجار مصلحةً للجميع.

 

نحو مستقبلٍ مشترك

 

لقد دفعت شعوب المشرق العربي أثمانًا باهظة من دمائها واقتصادها ووحدتها، وحان الوقت لتتحول هذه المعاناة إلى فرصة لبناء واقعٍ جديد. فالمصالحة المجتمعية في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين، مدعومةً بتكاملٍ اقتصادي مع الأردن ودول الخليج، يمكن أن تفتح الباب لعصرٍ جديدٍ من التنمية والاستقرار.

 

إن بناء اقتصادات متناغمة ومجتمعات متصالحة ليس حلمًا، بل خيارٌ واقعي وضرورة تاريخية. فإذا استطعنا تحويل الممرّات التي كانت يومًا ممرّاتٍ للحروب والدمار إلى جسورٍ للطاقة والتجارة والحياة، عندها فقط يمكن القول إننا بدأنا نكتب فصلًا جديدًا من تاريخ المشرق العربي.