مع انتهاء مناسك الحج للموسم الحالي وعودة حجاج بيت الله الحرام من الديار المقدسة، حمل بعض الحجاج الأردنيين معاناتهم في هذه الرحلة المقدسة لـ "وقوعهم ضحية لبعض الشركات الناقلة حيث تقطعت بهم السبل في الديار المقدسة وخاصة مكة المكرمة” بحسب ما قال بعضهم.
وتتمثل شكاوى الحجاج الأردنيين بمسائل تتعلق بالسكن والتنقلات بالإضافة إلى الاخلال ببنود العقد الموقع مع الحجاج وهي مشاكل تتكرر كل عام، إلى جانب مشكلة الحجاج الفرادى والذين يأتون عن طريق السفارة السعودية في عمان.
مشاكل عديدة تم رصدها خلال رحلة الحج وخلال تجوالها في المشاعر المقدسة بدءا من صعيد عرفات ومرورا بمزدلفة ومنى ورمي الجمرات تركزت معظم تلك الشكاوى على الشركات الناقلة بالنسبة لحجاج البعثة الرسمية لوزارة الأوقاف والمقدسات الإسلامية، بالإضافة الى الحجاج الفرادى والذين كانوا المتضرر الأكبر من الشركات الناقلة.
يقول حجاج البعثة الرسمية انهم "لم يواجهوا أي مشاكل مع وزارة الاوقاف والتي تميزت هذا الموسم بنقلة نوعية من حيث الإعاشة ومخيمات عرفة لكن معاناتهم بدأت في مشاعر منى”.
ويشير الحاج محمد الخصاونة انه وبعد رمي الجمرات "اضطر للسير على اقدامه أكثر من 10 كم بعد تخلي الشركة الناقلة عن حجاجها وتركهم دون مرشد أو مواصلات لمشعر منى”، مؤكداً انه وجميع الحجاج ممن كانوا على متن الحافلة "ضاعوا بين ملايين الحجاج للبحث عن مخيمهم والذي استدلوا عليه بعد معاناة طويلة استغرقت أكثر من 5 ساعات من البحث، وعند وصولهم تفاجأوا بالعدد الكبير في المخيم والذي اضطرهم للمبيت خارج المخيم خاصة وان من بين الحجاج كبارا في السن”.
ويضيف الخصاونة انه وبعد المبيت في مخيم منى اضطر إلى العودة إلى الفندق "مشيا على الاقدام والبعض استأجر مركبة بأكثر من 80 دينارا وهو ما زاد من معاناتهم، مؤكداً انهم بقوا على هذا الحال حتى اليوم الثاني رغم مخاطبة وزارة الاوقاف والمقدسات الإسلامية وايصال شكواهم لها”.
وبين الحاج محمد جابر انه وجد مخيم منى بعد عناء وهو آخر المخيمات في مشعر منى، ورغم ذلك فإنه "اضطر للمبيت خارج المخيم لوجود اعداد كبيرة في المخيم الواحد”، مؤكدا ان بعض الحجاج والذين كان لهم فرصة المبيت داخل المخيم لم "يجد الراحة نتيجة نقص الفرشات والازدحام الكبير داخل المخيم الواحد”.
ويقول الحاج السبعيني رضا حسن انه "لم يبت في مشعر مزدلفة وبقيت الحافلة تسير دون جدوى ما اضطرهم للعودة الى الحرم المكي للقيام بركن طواف الإفاضة وبعدها السير مشيا على الاقدام الى السكن والذي يبعد عن الحرم المكي أكثر من 7 كم، ثم التوجه الى رمي الجمرات مشياً على الاقدام أيضا دون وجود مرشد للحجاج”.
وشكا الحجاج من غياب المرشدين في المشاعر المقدسة والبحث عنهم والاستعانة بمرشدين من بعثات بعض الدول الاخرى لإرشادهم على مناسك الحج بالشكل الصحيح، في الوقت التي تخلت الشركات عن نقلهم الى المخيمات في منى والمبيت في مزدلفة.
ويشير الحاج رامي تيسير من الحجاج الفرادى إلى انه "تعرض للاحتيال من قبل الشركة الناقلة لهم والتي اوهمتهم بخدمات متميزة لكنهم تفاجأوا بتقصير كبير من قبل الشركة”، مؤكدا انه عند تفويج الحجاج الى جبل عرفات "تركتهم الشركة الناقلة في منتصف الطريق ما دفعهم الى إكمال مسيرهم مشياً على الاقدام في ظل ارتفاع درجات الحرارة القياسية في مكة المكرمة بالإضافة إلى عدم وجود أي خدمات في المخيم عند وصولهم إلى أن قامت الشرطة السعودية بتفويجنا”.
وبحسب تيسير فإن المعاناة الكبرى له ولعائلته كانت في منى وعرفات حيث تأخر المطوف في إحضار حافلات كي تقلهم من منى الى عرفات والعودة، الى جانب عدم معرفتهم مكان خيمتهم في منى وكذلك بعد السكن عن الحرم، الأمر الذي كلفه مصاريف باهظة لارتفاع أسعار المواصلات خلال الحج.
ويشير إلى أن المخيمات التي مكثوا فيه لم تتسع للحجاج، لافتا إلى أن الحجاج وجميع حجاج الفرادى "عانوا من استغلال بعض المكاتب لعدم وجود جهة أو مظلة رسمية تحميهم وتتابع أمورهم الصحية والتنظيمية في رحلتهم محليا”.
وقد بادرت وزارة الاوقاف أكثر من مرة بالتعاون مع مكاتب الحج والعمرة والقنصلية السعودية لحل الأمور التنظيمية والمشاكل التي تواجه الحجاج الفرادى.
من جهته قال الناطق الإعلامي باسم وزارة الأوقاف والمقدسات الإسلامية حسام الحياري ان اغلب الشكوى من حجاج البعثة الرسمية لوزارة الاوقاف كانت تتعلق بتفويجهم الى مشعر منى وغياب المرشد، مبينا أن الوزارة عالجت بعض الشكاوى ميدانيا.
وأكد أن الوزارة ستعمل بعد إجراء التقييم على محاسبة الشركات المخالفة في حال ثبوت الشكاوى، وايقاع الغرامات المالية بحق الشركات المخالفة، وتعويض الحجاج مادياً، مشيراً الى إمكانية حرمان الشركات المخالفة من تقديم خدمات الحج في الموسم المقبل لضمان حقوق الحجاج كاملة. وشدد الحياري على دور الوزارة الرقابي والإشرافي، ومن ثم المحاسبة على المخالفة إن وصلت للوزارة، مؤكدا أن الوزارة ستتابع كل الشكاوى التي تقدم بها بعض الحجاج وفقا للعقود الموقعة بين مكاتب خدمات الحج والعمرة والحجاج.
وشدد على أن الوزارة لن تتهاون أو تتنازل عن أي من حقوق الحجاج الأردنيين التي تترتب على بعض شركات الحج والعمرة، جراء ارتكابها مخالفة لشروط العقود.
وأضاف الحياري، ان الحجاج الفرادى "لا تتوفر اسماؤهم لدى الوزارة قبل سفرهم لكن كل حاج يمتلك عقد اتفاق بينه وبين شركة الحج يحق لهم تقديم شكوى إذا اخلت الشركة بالاتفاق وقد تصل العقوبة حد إغلاق الشركة”.
وبين الحياري انه تم العام الماضي تغريم عدد من الشركات المخالفة، مثلما سيتم محاسبة الشركات المقصرة هذا العام”، مؤكدا ان الوزارة ممثلة بدائرة الحج والعمرة "لن تتهاون باتخاذ عقوبات بحق الشركات المخالفة والتي قد تصل عقوبتها للإغلاق وسحب الترخيص”.
وأشار إلى أن الوزارة تلقت عدة شكاوى تم حلها في الاراضي السعودية على نفقة الوزارة، وسيتم تغريم الشركة المخالفة وفقا للقانون، لافتا إلى أن وحدة التتبع الإلكتروني والفرق الميدانية سجلت العديد من الملاحظات لكن تقديم الشكوى من قبل الحاج يتيح للوزارة العمل والتدقيق بشكل أكبر.
وكان وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية عبد الناصر أبو البصل قرر في وقت سابق من هذا العام وبناء على تنسيب لجنة الحج والعمرة إيقاف شركتي حج وعمرة عن العمل، وتحويلهما إلى المدعي العام، بسبب مخالفات ارتكبتاها في موسم الحج الماضي.
وقالت دائرة الحج والعمرة حينها، إن "لجنة الحج والعمرة، وبناء على توجيهات وزير الأوقاف، عقدت اجتماعا طارئا برئاسة رئيس اللجنة مدير عام دائرة الحج والعمرة، للبحث في مخالفة مكاتب وشركات حج وعمرة لتعليمات الوزارة المتعلقة بنقل المعتمرين الأردنيين للديار المقدسة تسببت مخالفاتها لتعليمات النقل حينها؛ بعدم السماح للحافلات بدخول الأراضي السعودية، وإلحاق الضرر بالمعتمرين، وبناء على ذلك تم اتخاذ قرار مصادق عليه من وزير الأوقاف بإيقاف شركتي حج وعمرة عن العمل، وتحويلهما للنائب العام، وتوجيه مخالفات مالية وإدارية لهما.
وأكّدت الدائرة أنه لا تهاون مع أي شركة تحاول مخالفة التعليمات والأنظمة المعمول بها، مبينةً أن خدمة الحاج والمعتمر الأردني هي من صلب أولوياتها والواجب حمايته.