الصحة المدرسية والتأمين الصحي الشامل.. ملفات ساخنة تنتظر الحل
الملفات التي تنتظر الحكومة الجديدة، عديدة، بيد أن تعقيداتها تضع الحلول في مواجهة ساخنة مع هذه الحكومة "الفتية"، ولعل أحد ابرزها ملف القطاع الصحي، وما يتضمنه من نقص في الكوادر الطبية والادوية والإهمال، وواقع الصحة المدرسية ومقتضيات تطبيق التأمين الصحي الشامل.
هذه التعقيدات؛ تحتاج لأن تبدأ الحكومة بقانون المسؤولية الطبية والصحية لتنفيذه، بعد دخوله حيز التنفيذ، إثر صدور الارادة الملكية السامية بالموافقة عليه ونشره في الجريدة الرسمية، مع ما واجهه من رفض اطباء له أثناء مناقشته في مجلس النواب.
أما ملف التأمين الصحي والذي يعد مشكلة كبيرة ما تزال تراوح مكانها، بسبب تقليص حجم الاعفاءات الطبية الممنوحة للمواطنين، وعدم توافر المبالغ اللازمة لتأمين الفئات من الصفوف 6 الى 11 عاما و60 عاما فما فوق، فإن الحكومة مدعوة لاجتراح حلول، تبدأ بوقف ازدواجية التأمين الصحي، واعداد قاعدة بيانات للمؤمن عليهم في مختلف القطاعات.
كما على الحكومة، وفق مراقبين أن "تعترف بفشل فكرة التأمين الصحي الشامل، واتباع خيار تأمين المواطنين على مراحل، لعدم توافر مخصصات لذلك، ولعدم وجود قواعد بيانات وطنية بهذا الخصوص".
كما يتوجب عليها؛ تأمين طلبة المدارس الحكومية، وتأكيد أهمية تأمين طلبة القطاع الخاص عبر مدارسهم، بعقود تأمينية تنظمها المدارس الخاصة مع اطباء وعيادات في القطاع الخاص.
وبشأن بطالة الاطباء وتعيينهم، فإن دراسة لوزارة الصحة حول الموارد البشرية، دعت للتخفيف من حدة النقص الكبير في اطباء الاختصاص، أكان عن طريق الابتعاث أو التعاقد، لتغطية عجز مستشفيات بالوزارة، وهذا يتطلب موقفا واضحا من الوزارة، للبدء بتنفيذ خطة، لملئ "الفراغات" في المستشفيات والمراكز التي تحتاج لذلك.
اما ما تتعرض له مراكز ومستشفيات بالوزارة من نقص أدوية وهدل لها، فبالرغم من صعوبة التغلب على هذه المعضلة، إلا انها تحتاج لحل جذري، بخاصة بعد تأخر انجاز برنامج حوسبة مستشفيات ومراكز الوزارة، فالوزارة لا تعتمد حاليا على هذا النظام رغم تكلفته المالية العالية.
ويعد الاستمرار بتقديم خدمة الرعاية الاولية والثنائية والثلاثية للاجيئن السوريين، بعد توقف مؤسسات دولية مانحة عن دعمهم، عقبة كأداء تواجه الوزارة منذ العام 2011، وهو ما يحتاج لإعادة النظر في برمجة عمل الوزارة تجاه هذه المسألة، على ألا تطيح بمنجز الأردن في الاسهام بمعالجة اللاجئين الإنساني.
أما مشكلة ديون المستشفيات الجامعية وشركات الادوية، وقيام الوزارة سنويا بسد جزء من متأخراتها، وفتح اعتمادات لمرضى الكلى في مستشفيات خاصة، لا تستطيع الوزارة فتحها في مستشفياتها، فهذه تتطلب إعادة النظر في هذه الديون، وتفعيل سدادها.
في اعلان الوزارة عن خطة إصلاح القطاع الصحي؛ ووفق توجهاتها لإعادة ترتيب بيتها الداخلي، يرى مراقبون أن هناك سلسلة إجراءات، كشفت عما تواجهه من تحديات وملفات، وما يمكن تحقيقه مستقبلا ضمن آلية عملها التي تنحو باتجاه اللامركزية.
كما أن الوزارة مطالبة بخريطة صحية جديدة لإعادة توزيع المراكز الصحية ودمج بعضها، لتقديم خدمة مثلى، وإنشاء مستشفيات جديدة وذاتية الادارة، ورفد المستشفيات والمراكز بأطباء متخصصين وأجهزة حديثة.
كما أن ملف تفعيل الرقابة على المستشفيات والمراكز والعيادات والمختبرات الخاصة ومراكز التجميل، بتعديل تشريعاتها، يسهم بتحسين ادائها وتنظيم عملها، استجابة لقانون الصحة العامة.
واليوم؛ تقف الوزارة على مفترق طرق، لتخطي بيروقراطية وتأمين الكوادر الطبية، خصوصا اطباء الاختصاص، وإعادة توزيع الخبرات الطبية على المراكز والمستشفيات ذات الحاجة الماسّة، ما يتوجب على حكومة الرزاز الجديدة، تأكيد اهميته استجابة لما ورد في كتاب التكليف السامي.
كما تحتاج الوزارة لاعادة تنظيم علاقتها مع النقابات الطبية، بعد نجاح اضراب النقابات المهنية بتغيير النهج الحكومي، في اطار من الشراكة واضحة المعالم، وتدريب الكوادر البشرية، وايلاء السياحة العلاجية اهتماما كبيرا وازالة العراقيل امام دخولها للمملكة، بالشراكة مع الجهات والمؤسسات الوطنية الاخرى.
كذلك تحتاج الوزارة لتطوير خدماتها وتحسين جودتها، وازالة النظرة النمطية عن المستشفيات والمراكز الحكومية، وتشديد الرقابة على عامليها ممن يعملون بشكل مزدوج في القطاعين العام والخاص، ومن شأن ذلك؛ الترويج للكوادر الطبية والصحية للعمل في الخارج؛ واكسابهم المهارات، فضلا عن سد العجز الواضح فيها، بخاصة التخصصات الدقيقة.