《رحلة الأمل》 تجمع أطفال السرطان وأطفال غزة في يوم استثنائي من الفرح برعاية البنك التجاري الأردني   |   الزميل الجراح سلامة قلبك   |   اختتام معسكر النشاط الرياضي والبدني في مركز شباب وشابات غرب إربد   |   اختتام معسكر التدريب المهني والتعليم التقني في بيت شباب إربد   |   نشامى الدفاع المدني.. فخر الوطن وعنوان العطاء   |   إدارة مهرجان جرش تولي 《المونودراما》 اهتماما خاصا كأحد أشكال التعبير المسرحي الرفيع   |   الحرية الإبداعية في الكلمات واللحن والغناء ، هموم الجيل الأخرس ع المسرح الشمالي   |   لعشّاق الموسيقى البديلة، والراب العربي طارق ابو كويك ع المسرح الشمالي   |   فرقة أوكتاف تجمع بين النغمات العربية والتأثيرات الغربية بأسلوب عصري   |   عودة الفخر الشركسي... على خشبة المسرح الجنوبي!    |   أصالة نصري... سوف تكون في ختام مهرجان جرش 2025 بأمسية تخطف الأنفاس!    |   ملحم زين...   صوتٌ جبلي، إحساسٌ شرقي، وحضور يملأ المكان دفئًا وهيبة.   |   سامسونج تواصل توسيع قدرات 《Galaxy AI》 مع تزايد اعتماد المستخدمين على الذكاء الاصطناعي عبر الأجهزة المحمولة   |   رؤية التحديث الاقتصادي…. مواصلة الانجاز في المرحلة الثانية   |   مناقشة دكتوراه للدكتورة نور مروان بشابشة   |   خريجو التمريض في جامعة فيلادلفيا يؤدون قسم المهنة   |   《فيلادلفيا》 تستحدث بكالوريوس سلاسل التزويد والإدارة اللوجستية الرقمية   |   أمديست تتعاون مع 《جورامكو》لدعم برنامج 《وظائف في مجال الطيران》   |   رئيس الديوان الملكي يلتقي رئيس اتحاد الناشرين الأردنيين   |   دورة تدريبية في الحاسوب بمركز شباب وشابات سهل حوران   |  

هِممٌ عِجاف


هِممٌ عِجاف
الكاتب - هالة جمال سلوم

هِممٌ عِجاف.. 

هالة جمال سلوم 

 

لم تكن هذه الليالي عادية البرودة، ولا ضمن الاحتمال، فالشتاء اقبل فجأة، وبشدة، عاد ونحن آمنين في بيوتنا دافئين منعمين بمختلف أنواع المدافئ وأجود الثياب، لكن الفرحة بقدومه كانت منقوصة، وإحساس الفرح ممزوج بالألم، وتضارب الدعاء والرغبات بداخلنا هو سيد الموقف، اندعو كعادتنا أن ينزل المطر بغزارة وتتساقط الثلوج لننعم بمنظرها الساحر، أم لا ندعُ تعاطفاً وخوفاً على مصير أهلنا المكلومين المشردين في قطاع غزة!

كم كنا ننتظر هذا الفصل البديع بفارغ الصبر، ننتظره بالشهر واليوم والساعة، لكننا اليوم نخجل من البوح بانتظاره، نخجل من أنفسنا ولو حدثناها سراً برجاء قدوم الأمطار والعواصف، فسرعان ما يعلو صوتاً آخر بداخلنا، ماذا عن أهل قطاع غزة؟ ماذا عن مئات آلاف النازحين، القاصرين العاجزين؟! فمنهم المدمرة بيوتهم، ومنهم من يتلحف السماء، ومنهم من يسكن في الخيام، و أيُّ خيام هي!!

يقول أحدهم : حاولت أن أبقى في بيتي قدر المستطاع، حتى جاءت قذيفه وقسمت البيت إلى نصفين، فقدت فيها ثلاثة من أبنائي، فقررت النزوح بما تبقى منهم، جئنا إلى منطقة دير البلح، ولم يكن هناك متسع فيها من كثرة أعداد النازحين، فنصبت خيمتي على الشاطئ، وقوامها قماش وأكياس طحين، حكتها مع بعضها البعض لأصنع شبه خيمة، وحقيقتها أنها لا تقي برد الشتاء ولا حر الصيف! 

ويقول ضاحكاً: الذين يعيشون في خيمة حقيقية، هم البرجوازيون في غزة، ومن يمتلك سقف من ( لوح الزينكو) لخيمته حتى وان كان مهترئاً فهذا من المحظوظين!

فالخيمة المحكمة صارت حلما صعب المنال. 

حشود النازحين نراهم كل يوم، يحملون ما يستطيعون حمله، من ملابس وفراش، فارّين بأرواحم من صاروخ حاقد أو قنبلة غاشمة، لملاقاة البرد والجوع والمرض والقهر والفقد. وهم الهاربون من الموت وإليه! 

  خيام تعج بالأطفال والنساء والشيوخ والمرضى، يقطنها أعداد تفوق استيعابها، فما يتسع منها لخمسة أشخاص، يشغلها عشرون !! هذا يإن من مرضه، وذاك من عجزه، وتلك من حسرتها. 

بات فصل الشتاء كابوساً وهاجساً مخيفاً للغزيين العزّل، مأساة تحل بمئات آلاف النازحين، وبرغم معاناة النزوح، لم يسلم أحد، فالباقي في بيته يُقصف، والنازح يُقصف، والمستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس كذلك، لا مكان آمن فيها. 

لم تعد نداءات الاستغاثه تفيد لا لقريب ولا لغريب ولا لدفاع مدني أو لهلال أحمر أو غيره، فالكل في غزة يستغيث، ولا من مُغيث، كل القطاعات استهدُفت، والبنى التحتية دمرت، لا ماء ولا كهرباء ولا شبكة صرف صحي، تفاقمت الأزمات وتضاعفت المعاناة. 

ما السبيل؟ وإلى متى؟ 

عجز وصمت بداخلنا، يشوبه القهر ونحن مكتوفي الأيدي لا نقوى على فعل أي شيء، تراجعت نبراتنا وردود أفعالنا، ليس من قبيل التخلي ولا الاعتياد، بل من شدة الضعف والالم النفسي الذي نعيشه كل يوم من هول ما يحدث. 

يالشجاعتكم يا أهل غزة، ويالَعزيمتكم وصبركم، تصرون على البقاء والعيش وإيجاد البديل - المعدوم- لتستمروا، تدفنون أبنائكم وتعودوا لتكملوا بناء خيمة متهالكة في محاولة جديدة للثبات. تعيشون الموت والحياة في اليوم ألف مرة، ويالَضعفنا وقلة حيلتنا تجاهكم، ف والله قد خارت قوانا واستنزفت آمالنا، فبعد أكثر من أربعماية ليلة دامية، وأكثر من أربعين ألف شهيد و مئات الاف من الجرحى والمفقودين، بتنا ننتظر معجزة ربانية تتجلى لتنهي هذه الحرب المأساوية!

فالأمل من العباد مفقود، و لا نملك إلا الدعاء والاستعانه والاستغاثه برب العباد، أن يلطف بكم، ويرحم شهدائكم، ويشفِ مرضاكم ويربط على قلوبكم، ويلطف بأهل الخيام الضعفاء، وأن ينزل العاقبة بالمجرمين الصهاينة عاجلاً غير آجل.. إنه سميع مجيب الدعاء.