المركب
بهدوء بالغ وبعيدا تماما عن الأضواء انسحب رجل الأعمال والملياردير البارز صبيح المصري باتجاه زيارة خاصة خارج الأردن، بعدما أنضج، وبدون ضجيج، ما يمكن اعتباره الصفقة الأكبر في تاريخ المؤسسات المصرفية في الأردن.
المصري صعد إلى قمة الجبل السياسي والاجتماعي في الأردن طوال الأسبوع الماضي، بعدما تمكن من جمع مبلغ مالي ضخم للاستثمار في مسألة بقيت تؤرق السلطات الأردنية وتسبب الصداع للدولة الأردنية طوال السنوات الخمس الماضية.
رئيس مجلس إدارة البنك العربي تمكن من إنجاز ما عجزت عنه خمس حكومات أردنية طوال خمس سنوات، عندما قاد مجموعة مستثمرين أردنيين لشراء حصة العائلة اللبنانية النافذة آل الحريري في أكبر مؤسسة مصرفية أردنية تعتبر أيضا المؤسسة المصرفية العربية الأبرز، وتتمتع بحضور دولي كبير وهي البنك العربي.
الاتجاه الذي قاده المصري في هذا السياق نجح في الحفاظ على «أردنة» واحد من أضخم الأجهزة المصرفية في الشرق الأوسط، عندما اشترى بأكثر من مليار و120 مليون دولار حصة آل الحريري التي تبلغ 20 ٪ من أسهم البنك.
الصفقة أظهرت قوة وصلابة ومتانة الجهاز المصرفي الأردني، كما قال محافظ البنك المركزي الدكتور زياد فريز، بل ساعدت هذا الجهاز على تمتين دوره في توقيت داخلي حساس جدا على المستوى الإقليمي والاقتصادي والمالي.
الترتيب الجديد كسر تلك القواعد التي يتداولها رجال المال والأعمال حول صعوبة المجازفة في استثمارات مالية كبيرة في الأردن بسبب الظروف الإقليمية الصعبة المعقدة.
والأهم أن صفقة شراء أسهم آل الحريري أبرزت البعد الوطني عند المجموعة التي دفعت مثل هذا المبلغ، بحيث انتهى تماما السيناريو المرعب بالنسبة للأردنيين والمتمثل بنقل إدارة البنك العربي إلى عاصمة أخرى غير عمان، الأمر الذي كان لو حدث سيشكل نكسة كبيرة للاقتصاد المالي الأردني.
حجم البهجة في الأردن الرسمي بهذه الصفقة وصل حد الإيعاز بنشر أسماء جميع نجومها من رجـــــال الأعمال الكبار الذين دفـــعوا هذا المبلـــــــغ الضخم مقابل حصة آل الحريري، وغالبيتهم من عائلتي الصيفي وشعبان، حيث تمت قراءة هذا المشهد بصورة تعزز الوحدة الوطنية، وتحافظ سياسيا هذه المرة وبدلالات عميــــقة على هوية هذا البـــــنك العـــريق الأردنية والفلسطينية المختلطة، حيث أن غالبية نجوم هذا الاستثمار المهم هم أردنيون من أصحاب الأموال ومن أصل فلسطيني.
أسهم المصري ورفاقــــه الذين حافظوا على أردنية مقرات البنك العربي ارتفعت إلى نحو كبير داخل أروقة الدولة الأردنية، وفي أوساط الرأي العام، خصوصا وأن الجميع على معرفة مسبقة بدول وتجمعات استثمارية نافذة وكبيرة بقيت تحاول منذ ثلاثة أعوام إنجاز هذه الصفقة خارج المؤسسة الأردنية.