رسالة على أعتاب مرحلة جديدة في مسيرة الضمان..
رسالة على أعتاب مرحلة جديدة في مسيرة الضمان..
بتعيين قيادتين جديدتين لمؤسسة الضمان الاجتماعي ولصندوق استثمار أموال الضمان يدخل الضمان حقبة جديدة نأمل أن تكون متميزة وزاهرة تُصحّح أي أخطاء أو عثرات سابقة وتبني على ما سبق من إنجازات ونجاحات، وتعيد المؤسسة إلى مسارها وجادّتها وترسم معالم طريق المستقبل بحرفيّة وحكمة وأناة.
وبكل مشاعر المحبة والغبطة وأمنيات التوفيق للقيادتين الجديدتين، فإنني أوجّه لهما رسالتي اليوم من باب الحرص على مؤسستنا الغالية التي هي مؤسسة كل مواطن وكل عامل وكل أسرة أردنية وهي بيتهم، ومن هنا فإنني أقول لهما بأن الواجب عليكما أن تعملا بتنسيق وتشاركية كاملة في إطار واضح وشفّاف لتعزيز ثقة الناس بمؤسستهم، التي اعتراها الكثير من الغبار، فقد رأينا كيف تراجع مستوى الثقة بين المؤسسة وجمهورها وأصبح الكثيرون ينظرون إلى المؤسسة والصندوق بعين الريبة والترقّب، وتتملكّهم مشاعر الخوف على المستقبل، وهو ما يلقي عليكما مسؤولية مضاعفَة تدفعكما للعمل على إعادة صياغة العلاقة بين المؤسسة والمجتمع بطريقة تُشعِر الجميع بأن الضمان نبضهم وبيتهم، وهو منهم ولهم، مع أهمية بناء شراكة حقيقية مُنتِجة مع جميع الأطراف ولا سيما مع الطرف والشريك الأهم وهم متقاعدو الضمان وجمعيتهم، شراكة تكون قائمة على التعاون والحوار والدعم والمشاركة في عملية الإصلاح والتطوير والبناء.
ولا يخفى عليكما أن هذه الغاية المثلى تتطلب بيئة داخلية مفعمة بالحيوية والتناغم والرضا، وتقديم الكفاءة على الرداءة، والتمثيل الحقيقي على التحصيل الذاتي، مهما كانت التحديات والعقبات، فالهدف النبيل يستحق التضحية، والصورة المثلى التي نسعى أن تكون عليها مؤسستنا تستأهل جهداً نوعياً جبّاراً قد يبدو راديكالياً في أعين البعض لكنه ضروري وواجب ولا يكتمل الإنجاز بدونه.
أما الأمانة فثقيلة، وهي الآن بين يديكما؛ فهذه أل (13.7) مليار دينار تنتظر أن تتضاعف بعد عشر سنوات، وهؤلاء أل (1.48) مليون مؤمّن عليه نأمل أن يتجاوزوا أل (2.1) مليون مؤمن عليه بعد أقل من عشر سنوات، وتحديات التمويل والشمول والتغطية لا تزال ماثلة بكل تفاصيلها وحيثياتها، والتأمين الصحي الاجتماعي الذي ينتظره الكثيرون يحتاج إلى إعادة هندسة وتصميم وإحياء بصورة تناسب الجميع وتلبّي الطموح. أما التعديلات على القانون التي اقترحتها الإدارة السابقة فتحتاج إلى إعادة مراجعة جذرية ودراسة من الأساس ولتأخذ وقتها في ذلك لسنتين على الأقل. والدراسات الإكتوارية تحتاج إلى مراجعة وإفصاح ونشر. والعمل الميداني يحتاج إلى إعادة تأصيل وتجذير. وبرامج أوامر الدفاع تحتاج إلى تقويم ومراجعة ولملمة.
أما على الصعيد الداخلي، فإن المؤسسة تحتاج إلى ترشيق، ما بعده ترشيق، وتفعيل أقوى للكفاءات، واستثمار أمثل لمواردها البشرية، وإعادة مراجعة نظامها وهيكلها الإداري، وكذلك إعادة الروح لإداراتها بعد أن هيمنت اللجان على أعمال المؤسسة، وتضخّمت حد الانتفاخ والانفجار، ولم تعد قادرة على الفعل والإنجاز، لا بل أصبحت مُعرقِلة للعمل، كما تحتاج المؤسسة إلى أعادة الألق لفروعها وفتحها بفاعلية أمام الجمهور لتقديم خدماتها المرادفة للخدمات الإلكترونية، وفتح المزيد من النوافذ التوعوية والتدريبية، وتقديم كل الخدمات والتسهيلات الداعمة لعمل اللجان الطبية في المؤسسة بما يسهّل عملها وإنجازاتها، ويخفف على مراجعيها، ويمكّنهم من الحصول على حقوقهم بأقل الجهد والكلف.
ولعل الأهم هو الاختيار الأمثل لأعضاء اللجان التأمينية بمختلف مستوياتها التي تنظر في حقوق الناس، والحرص على اختيار الأكفأ والأنزه والأعدل، فلا نريد أن يُظلَم أحدٌ من الناس من جانب مؤسستهم بعد اليوم. ولا ننسى الجانب الإعلامي للمؤسسة، فقد آن الأوان لدعم جهود الزملاء الفاعلين في المركز الإعلامي وتطوير الصورة النمطية للخبر الصحفي والتركيز على التشاركية والاشتباكية اليومية مع وسائل الإعلام والتفاعلية المتقدمة مع قنوات الاتصال والتواصل، وترسيخ حضور فاعل وحقيقي للمؤسسة في الميدان.
وعلى صعيد الاستثمار، فإن ما ينتظر رئيس الصندوق الجديد الكثير الكثير من المتابعة الحثيثة لعمل المحافظ الاستثمارية، ومتابعة التقصير في إنجاز بعض المشروعات السياحية ومن ضمنها إعادة تأهيل فندق كراون بلازا البتراء وملف فندق عمان الشام بالاس، والاستراحات السياحية غير المستغلّة ، وإعادة التوازن للمحافظ الاستثمارية وتخفيف التركّز الكبير في بعضها، وتفعيل أسس ومعايير إدارة المخاطر، والاهتمام بالمشروع الزراعي الجديد وتعزيزه، ورفع معدل العائد على الاستثمار بما يتواكب مع متطلبات الدراسات الإكتوارية، وإعادة النظر في تمثيل الضمان في مجالس إدارات الشركات التي تساهم فيها المؤسسة، والاستفادة المثلى من الكفاءات البشرية الموجودة، وتخفيض النفقات الإدارية قدر الإمكان، واتباع نهج الشفافية والإفصاح الدوري عن أعمال الصندوق وأنشطته والانفتاح على الإعلام، وإعادة تصميم تقارير أداء الصندوق الربعية والسنوية بطريقة أفضل وأشمل وأكفأ..
وفّقكما الله لما فيه خير مؤسستنا العظيمة وازدهارها وخير جمهورها الطيب العظيم وخير الوطن الغالي الحبيب.
وللحديث بقية.
سلسلة معلومات تأمينية توعوية بقانون الضمان نُقدّمها بصورة مُبسّطة ويبقى القانون والأنظمة الصادرة بمقتضاه هو الأصل - يُسمَح بنقلها ومشاركتها أو الاقتباس منها لأغراض التوعية والمعرفة مع الإشارة للمصدر).
خبير التأمينات والحماية الاجتماعية
الإعلامي والحقوقي/ موسى الصبيحي