ما بديل فكرة حساب التكافل الاجتماعي..؟!
ما بديل فكرة حساب التكافل الاجتماعي..؟!
إنشاء حساب تكافل اجتماعي بالطريقة المطروحة من قبل مؤسسة الضمان فكرة متسرّعة، ولا تنسجم مع قانون الضمان وطبيعته، فالقانون هنا قائم على الاشتراكات، بمعنى اشتراكات تقابلها منافع تأمينية، ويدخل مفهوم التكافل في إطار التأمينات والمنافع المتحققة عند توفر شروط استحقاقها.. أما فكرة حساب تكافل اجتماعي فمختلفة ولا تنسجم مع طبيعة قانون الضمان بالشكل المقترَح..!
الموضوع برأيي يحتاج إلى دراسة وبحث في كافة جوانبه وآثاره اجتماعياً ومالياً، كما أنني لست مع تحميل المتقاعد والمشترك اقتطاعات جديدة لحساب التكافل، وأرى أنه يمكن تصميم برنامج على شكل تأمين جديد داعم لموضوع التكافل الاجتماعي، دون اي زيادة على الاقتطاعات الحالية.
الفكرة ليست جديدة، وقد تضمن أول قانون للضمان الاجتماعي في الأردن الصدر سنة 1978 تأميناً أُطلق عليه اسم (تأمين المنح العائلية) إلا أنه لم يُطبّق وتم إلغاؤه فيما بعد وهو قريب مما تسميه بعض أنظمة الضمان والتأمينات الاجتماعية بتأمين التعويضات العائلية وتأمين المساعدة الاجتماعية وتأمين التقديمات العائلية، ومن ضمن بعض فروعه المنح التعليمية.
ولذلك أرى أن الفكرة التي طرحتها مؤسسة الضمان وتم الإفصاح عنها مؤخراً والتي ظهرت "بتصرف" بعد لقاء جمع مدير عام مؤسسة الضمان بثلة طيبة من الناشطين من متقاعدي الضمان الذين عرضوا فكرتهم على مدير الضمان بإنشاء صندوق للتكافل الاجتماعي لصالح متقاعدي الضمان ولا سيما من أصحاب الرواتب الضعيفة، أرى أن الفكرة التي طرحتها المؤسسة باستحداث حساب تكافل اجتماعي يموّل من المؤمّن عليهم والمتقاعدين باقتطاع دينار شهرياً من كل منهم، فكرة متسرّعة ولم يتم إنضاجها مطلقاً، وكان على المؤسسة أن لا تتلقف الفكرة من أصحابها وتعلن عنها بهذه الطريقة، بل كان يجب أن تدرسها بعناية وتتحاور بشأنها مليّاً مع أصحابها، وليس من الضرورة أن يتم إدخالها على عجل ضمن التعديلات المقترَحة على قانون الضمان في المرحلة الحالية..
الفكرة كما ذكرت لا ينبغي أن تُطرَح على أنها حساب تكافلي، فهذا لا ينسجم مع طبيعة قانون الضمان، وإنما يجب التفكير بها من زاوية استحداث تأمين جديد يخدم أهداف التكافل الاجتماعي، ويمكن الأخذ بهذا الصدد بتجارب دول أخرى مثل لبنان وتونس والمغرب وسويسرا، التي تتضمن أنظمة تأميناتها الاجتماعية تأميناً قريباً في المفهوم مما أسموه تأمين المنح العائلية أو التعويضات العائلية أو التقديمات العائلية أو تأمين المساعدة الاجتماعية... الخ.
هنا مربط الفرس، ومن هنا يجب أن تبدأ مؤسسة الضمان بالتعاون مع شركائها بالتفكير في استحداث تأمين جديد صمن هذه المسميّات، وبالتأكيد سيكون لهذا التأمين تمويل من الاشتراكات، وما أقترحه هنا هو:
١) استحداث تأمين جديد سادس يُسمّى (تأمين التكافل الاجتماعي).
٢) يُموّل هذا التأمين من قبل أربعة أطراف: مؤسسة الضمان، الحكومة، أصحاب العمل، المؤمّن عليهم.
٣) يجب أن لا يضيف تمويل هذا التأمين أي اشتراكات جديدة على أصحاب العمل أو المؤمّن عليهم أو المتقاعدين، وإنما يتم ذلك من خلال إعادة النظر باشتراك تأمين الأمومة الذي يتحمله صاحب العمل بالكامل، وهنا أقترح تخفيضه من ثلاثة أرباع الواحد بالمائة من الأجر إلى نصف الواحد بالمائة كونه تأميناً مستداماً من الناحية المالية، وكذلك تخفيض نسبة الاشتراك عن تأمين التعطل عن العمل من (1.5%) من الأجر إلى (1%) بحيث يتحمل صاحب العمل نصف بالمائة ويتحمل المؤمن عليه نصف بالمائة.
٤) يُموّل تأمين التكافل الاجتماعي بنسبة اشتراك تبلغ نصف بالمائة من أجور المؤمّن عليهم (0.50%) موزعة كما يلي:
- ربع الواحد بالمائة (0.25%) من أجور العاملين في كل القطاعات العامة والخاصة ويتحمّلها أصحاب العمل والحكومة(لن تُضيف أي كلفة جديدة على أصحاب العمل في القطاع الخاص كونه تم تخفيض ربع بالمائة مما يتحملونه عن تأمين الأمومة).
- ربع الواحد بالمائة (0.25%) من الأجور وتقتطع من المؤمّن عليهم المشمولين في القطاع الخاص (لن تُضيف جديداً كون المقترَح خفّض هذه النسبة مما يتحمّلونه عن تأمين التعطل عن العمل).
٥) يُخصّص ريع استثمار أموال هذا التأمين بالكامل لصالح صندوق التكافل، وهذه هي مساهمة مؤسسة الضمان بتمويله.
ومن المُقدَّر أن تصل إيرادات تأمين التكافل الاجتماعي السنوية إلى (50) مليون دينار في السنة الأولى من التطبيق ناهيك عن ريع استثمارها.
هذه فكرة أولية ترسم صورة لتأمين جديد يعزز تكافلية نظام الضمان الاجتماعي، ويحقق الغاية المنشودة.
(سلسلة معلومات تأمينية توعوية بقانون الضمان نُقدّمها بصورة مُبسّطة ويبقى القانون والأنظمة الصادرة بمقتضاه هو الأصل - يُسمَح بنقلها ومشاركتها أو الاقتباس منها لأغراض التوعية والمعرفة مع الإشارة للمصدر).
خبير التأمينات والحماية الاجتماعية
الإعلامي والحقوقي/ موسى الصبيحي