المؤكب
لا تزال « الحضانات « وسلبياتها وايجابياتها من أهم القضايا التي تشغل حيزا كبيرا في حياة الاسر التي تلجأ اليها كخيار في رعاية اطفالها وتوفير الاجواء الامنة لهم خلال عمل الامهات.
ولا تزال بعض دور الحضانات بالرغم من الرقابة المستمرة عليها من قبل وزارة التنمية الاجتماعية والبالغ عددها 1063 حضانة في مختلف انحاء المملكة تخالف الانظمة والتعليمات بين فترة واخرى ليحدث داخل اروقتها الكثير من سلوكيات الاهمال والتراخي بشروط الامن والسلامة للاطفال ، منها ما يصل للجهات المسؤولة بعد اكتشاف اسرة الطفل لما يتعرض اليه من مخاطر ، والبعض الاخر يبقى طي الكتمان اما لسكوت اسرة الاطفال عن بعض السلوكيات الخاطئة بحق اطفالهم خوفا من عدم ايجاد بديل خاصة في ظل انخفاض الرسوم التي تتلقاها بعض الحضانات او لعدم اكتشاف اسرة الاطفال لما يتعرضون اليه الطفل.
حوادث عديدة حدثت خلال السنوات الماضية في عدد من الحضانات منها قبل اعوام وفاة طفل نتيجة «شردقة بالحليب» الى حوادث سقوط للاطفال اثناء غياب المتابعة والرقابة عليهم ، لتأتي حادثة الطفلة «جود « الاسبوع الماضي ، والبالغة من العمر عام ونصف بعد تعرضها لاصابة بالجمجة وكسر في القدم في احدى الحضانات في ماركا لتعيد مسلسل حوادث الحضانات من جديد.
وبعيدا عن تفاصيل حادثة الطفلة «جود» التي تصر اسرتها على تعرضها للضرب المبرح والاهمال ، وبين ما صرحت به مديرة الحضانة بأن الطفلة تعرضت لاصابة عرضية ناتجة عن السقوط، تبقى قضية الحضانات غير المرخصة تلقي بسلبياتها على الاطفال ، فالحضانات غير المرخصة او التي تم الغاء ترخيصها تعني بكل الاحوال عدم التزامها بالشروط والتعليمات المنصوص عليها للحضانات ولا يسمح لها بمزاولة اعمالها واستقبال الاطفال.
من المسؤول عن تكرار مثل هذه الحوادث ؟ الاسر ام اصحاب الحضانات ام وزارة التنمية الاجتماعية باعتبارها الجهة المسؤولة عن منح وايقاف تراخيص الحضانات؟ ام الظروف الاقتصادية الصعبة وعدم ايجاد حضانات مؤسسية تضمن للمرأة العاملة توفر مكان امن لوضع اطفالها اثناء فترة غيابها ؟
وتعاني الامهات العاملات ضمن قانون الخدمة المدنية من عدم شمول نص قانوني يلزم بفتح حضانات تابعة لعملهن في القطاعات التي تدخل تحت مظلة ديوان الخدمة المدنية.
وزارة التنمية الاجتماعية اكدت على لسان الناطق الاعلامي بها فواز الرطروط ان الحضانة التي تعرضت الطفلة بها للاصابة غير مرخصة وانه تم ايقاف ترخيصها عام 2013 وان اي عمل تقوم به يعتبر مخالفا للقانون.
واضاف: ان الوزارة كانت ولا تزال تناشد اولياء الامور بعدم الحاق اطفالهم بدور الحضانات غير المرخصة كون هذه الحضانات تهدد امن وسلامة الاطفال وتخالف ما ورد في قانون العقوبات النافذ مشيرا الى ان البديل عن الحضانات غير المرخصة هو الحاق الاطفال بالحضانات المرخصة القانونية سواء كانت حكومية او خاصة او تطوعية والتي يزيد عددها عن اكثر من الف حضانة منتشرة في كافة محافظات المملكة وترعى اكثر من 17 الف طفل وطفلة دون سن الرابعة
وطالب الرطروط الاسر التعاون مع مديرياتها الميدانية في التبليغ عن الحضانات غير المرخصة تمهيدا لاحالة هذه الحضانات الى الحكام الاداريين والمدعين العامين كونها مخالفة للقانون.
واشار الرطروط الى ان الوزارة منذ قرابة الشهرين تراجع وتطور الاطار التشريعي الناظم لدور الحضانات ليشتمل على معايير متقدمة في مجال تنشئة ورعاية الاطفال واخرى تفاضل بين الحضانات بحدود اساسية يجب توفرها في الحضانات كافة.
وبين ان الحضانات توجد في الاردن منذ عام 1972 تبعا للنظام الصادر في عام 1971 ليحل مكانه نظام دور الحضانة رقم 52 لسنة 2005 والذي رخصت بمقتضاه أكثر من الف حضانة.
حادثة الطفلة جود احيلت للجهات المختصة والمسؤولة وتم ربط القائمين على الحضانة بكفالة مالية قدرها خمسين الف دينار وفقا للرطروط في حين تتقاضى الحضانة رسوم شهرية تبلغ خمسين دينارا.
وامام تكرار حالات حوادث الحضانات بين فترة واخرى يبقى السؤال والمسؤولية تتشاركها الاسر التي تقوم بالحاق اطفالها بدور حضانات دون التأكد مسبقا منها ومن ترخيصها ومن الظروف التي توفرها الحضانة للطفل فزيارة واحدة اولية للحضانة لا بد ان تترك انطباعات لدى الاسر بوضع الحضانة ومدى توفيرها البيئة الاساسية والملائمة لاطفالهم.
فخروج الام للعمل وعدم توفر خيارات اخرى سوى الحضانات في ظل صعوبة استقدام الخادمات لعدد كبير من الاسر وترافق الخوف والقلق ايضا من ترك الاطفال برفقة الخادمات بعد تكرار حوادث اهمال وقتل من قبل الخادمات بحق الاطفال يضع الاسر امام مسؤولية هامة وكبيرة بالتاكد من الحضانة قبل الحاق الاطفال بها وعدم تركهم بايدي غير امينة تمارس بحقهم كافة اشكال الاهمال والعنف تحت غطاء العمل وعدم وجود بدائل اخرى، فالحضانات المرخصة والتي توفر اجواء من الامان والرعاية المقبولة للاطفال متوفرة برسوم مالية مقبولة ، فليس المطلوب من الحضانات ان تكون فنادق خمس نجوم لكن الاساس بها ان تحافظ على حياة الطفل وصحته ليبقى الخيار مرتبطا بالاسرة طالما ان وزارة التنمية الاجتماعية قد اوقفت ترخيص هذه الحضانة وتقوم بعمليات الرقابة والزيارات الميدانية.
فالعنف والاهمال والتراخي بحياة هؤلاء الاطفال يبدو انه ليس اولوية لدى اصحاب العديد من الحضانات الذين يجب ان يحاسبوا على ما يقوموا به لكن حياة الطفل مسؤولية الاسر التي عليها ان لا تتراخى باختيار مكان امن له تحت اي اسباب اخرى تدفعها لتعريضهم لمخاطر عدة تدفع ثمنها هي واطفالها بالدرجة الاولى.