إنهاء الصراع العربي الأسرائيلي أو استمراره بيد الإدارة الأمريكية   |   سماوي يلتقي سلامة ولحود ويبحثان سبل التوأمة بين مهرجان جرش والمهرجانات اللبنانية   |   اللجنة التنفيذية لشؤون التربية والتعليم في 《الميثاق الوطني》تصدر توصيات حول نظام الثانوية العامة الجديد (نظام الحقول   |   شركة زين تطلق دليل إمكانية الوصول الشامل لتهيئة مبانيها ومرافقها للأشخاص ذوي الإعاقة   |   فعالية رياضية نوعية تشعل أجواء الحماس في جامعة فيلادلفيا   |   مذكرة تفاهم بين الضمان الاجتماعي والبوتاس العربيّة لتنظيم إجراءات تسديد الاقتطاعات المستحقة من رواتب المتقاعدين   |   ACY Securities تحتفل بالذكرى الخامسة عشرة وتؤكد دورها في تطوير الأسواق المالية الأردنية والإقليمية   |   جهود الإعلام الأردني تعزز دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع   |   مؤسسات المجتمع المدني وتحقيق مستهدفات التحديث الاقتصادي   |   أبوغزاله يعرض رؤيته لإصلاح الأمم المتحدة أمام دبلوماسيين من 30 دولة   |   تعلن جامعة فيلادلفيا عن حاجتها لتعيين: - مشرف أنظمه وشبكات في مركز الحاسوب.   |   تعلن جامعة فيلادلفيا عن حاجتها لتعيين: - فني صيانة الكترونيات في مركز الحاسوب.   |   ديانا كرزون تسحر الجمهور بأحدث أعمالها الغنائية 《دوخني》   |   ماذا على مؤسسة الضمان أن تفعل في المرحلة القادمة.؟    |   عمّان الأهلية تنظّم ندوة عن الصناعات الدوائية ويوما طبيا في عين الباشا   |   زين تدخل في شراكة مع المنتدى الدولي لأعمال الإعاقة كأول شركة اتصالات في المنطقة   |   مجموعة الخليج للتأمين – الأردن تعزز ريادتها في قطاع التأمين بعد فوزها بجائزة   |   شركة ميناء حاويات العقبة تكشف عن أبرز مؤشرات أدائها التشغيلي لشهر تشرين الثاني 2025   |   لجنة الاقتصاد والاستثمار في حزب الميثاق الوطني تبحث تعزيز بيئة الأعمال في العقبة   |   مشاركة واسعة في البطولة السعودية للهواة على ملاعب نادي ديراب للجولف   |  

الوعي أولًا.. طريق الخلاص من التبعية والانقسام


الوعي أولًا.. طريق الخلاص من التبعية والانقسام
الكاتب - المهندس سعيد بهاء المصري

الوعي أولًا.. طريق الخلاص من التبعية والانقسام

 

المهندس سعيد بهاء المصري

 

 

في زمنٍ تاهت فيه البوصلة وكثرت فيه الأصوات المتنافرة، أصبحنا شعوبًا تتحدث كثيرًا وتفكر قليلًا، تنفعل ولا تتأمل، تستهلك ما يُقدَّم لها دون أن تسأل من أين جاء وإلى أين يقودها. إنها أزمة وعيٍ قبل أن تكون أزمة سياسة أو اقتصاد أو هوية. فحين يتراجع الوعي، تنهار الأمم من داخلها، وتصبح فريسة سهلة لكل من يتربص بها.

 

لقد مرّ الأردن والعالم العربي بمحطاتٍ تاريخية كبرى، من الاحتلال إلى الاستقلال، ومن النهضة إلى الانكسار، غير أن الخطر اليوم لم يعد في الخارج فحسب، بل في الداخل الذي استسلم لثقافة التفاهة، وسلّم زمام فكره لمن يملكون الصوت العالي لا الرؤية العميقة. صارت المنصات تصنع رموزًا زائفة، وتمنح الشهرة لمن يثير الضجيج لا لمن يزرع الوعي، بينما صمت المفكر والمربي والعالم، أو نُحّي جانبًا، حتى باتت الأجيال الجديدة تتربى على صورة باهتة للقدوة، وذاكرة مثقوبة للتاريخ.

 

الوعي درع السيادة

 

الأمم لا تُحتل بالسلاح فقط، بل بالجهل أيضًا. حين يفقد الإنسان وعيه، يصبح تابعًا دون أن يدري، وتغدو إرادته مستباحة. فكم من مشاريع خارجية تسللت إلى منطقتنا تحت شعارات براقة كالحرية والديمقراطية، وهي في حقيقتها أدوات لإعادة تشكيل العقول وتفكيك الهوية. والوعي هو الجدار الأخير الذي يحمي السيادة؛ سيادة الفكر قبل الأرض، وسيادة العقل قبل السياسة. من هنا فإن بناء وعيٍ عربيٍ ناضجٍ هو مشروع مقاومة بحد ذاته، مقاومة للتفاهة، وللاستهلاك الثقافي، وللاستعمار الجديد الذي غيّر أدواته لكنه لم يغيّر غاياته.

 

الأردن نموذجًا

 

الأردن يقف اليوم عند مفترق طرق؛ دولة حملت على عاتقها عبء الصراع الفلسطيني، وأعباء اللجوء، وضغوط الاقتصاد، لكنها ظلت صامدة بفضل وعي قيادتها وشعبها. غير أن هذا الوعي بحاجة إلى تجديد مستمر، لأن ما يُحاك ضد المنطقة من مشاريع تقسيم وتطبيع وتطويع لا يستهدف الجغرافيا فقط، بل الذاكرة الجمعية والهوية الوطنية أيضًا. إن مسؤولية الإعلام والمثقفين والمربين اليوم ليست في بثّ الأخبار فحسب، بل في إعادة بناء الوعي الوطني بما يتجاوز الشعارات. فالأمم التي لا تدرك مكانتها في التاريخ تُمحى من الجغرافيا.

 

وفي الحالة الأردنية تحديدًا، فإن توظيف الوعي في الحياة العامة هو المفتاح لتحقيق التطور المنشود في مختلف نواحي حياة الأردنيين، سواء في الاقتصاد أو المجتمع أو الثقافة أو السياسة. فالأردني الواعي هو القادر على المشاركة الفاعلة في التنمية، والدفاع عن مصالح وطنه، والمساهمة في بناء مستقبل يليق بالأردن ومكانته الإقليمية. إن الوعي هنا ليس ترفًا فكريًا، بل ضرورة وجودية لاستمرار النمو والاستقرار معًا.

 

إحياء العقل العربي

 

لقد حان وقت الصحوة، لا الثورة. فالوعي لا يُصنع بالصراخ، بل بالتربية، وبالمعرفة، وبإحياء ثقافة السؤال لا ثقافة الاتباع. نحن بحاجة إلى مدارس تعلّم أبناءنا كيف يفكرون لا ماذا يحفظون، وجامعات تنتج الفكر لا الشهادات، وإعلامٍ يزرع قيم الحقيقة لا التسلية. كما نحن بحاجة إلى تحالف جديد بين المثقف والمواطن، بين المفكر والشارع، لإعادة بناء جسور الثقة التي هدمها الاستقطاب والتضليل.

 

الوعي مقاومة

 

في عالمٍ يتغير بسرعة، من لا يملك الوعي يُعاد تشكيله. لذلك، فإن معركتنا الحقيقية ليست مع الخارج، بل مع الغفلة في الداخل. نحتاج إلى وعيٍ يفرّق بين النجم الحقيقي والمصباح المزيف، بين القائد الذي يضيء الطريق وبين المهرّج الذي يملأ الشاشات. وعيٍ يدرك أن النهوض لا يكون بعدد الأصوات، بل بعمق العقول، وأن الإصلاح يبدأ من الكلمة الصادقة لا من الترند الزائف.

واختم بالقول إن الصحوة التي ننادي بها ليست مجرد شعار، بل واجب وطني وقومي. وعيٌ يعيد للإنسان العربي مكانته، وللعقل العربي دوره، وللأردن موقعه الريادي كمنارة وسط الإقليم. فحين ننهض بالوعي، ننهض بالأمة كلّها. ونعم، ما زلنا – كلنا – #محتاجين_وعي.