إنهاء الصراع العربي الأسرائيلي أو استمراره بيد الإدارة الأمريكية   |   سماوي يلتقي سلامة ولحود ويبحثان سبل التوأمة بين مهرجان جرش والمهرجانات اللبنانية   |   اللجنة التنفيذية لشؤون التربية والتعليم في 《الميثاق الوطني》تصدر توصيات حول نظام الثانوية العامة الجديد (نظام الحقول   |   شركة زين تطلق دليل إمكانية الوصول الشامل لتهيئة مبانيها ومرافقها للأشخاص ذوي الإعاقة   |   فعالية رياضية نوعية تشعل أجواء الحماس في جامعة فيلادلفيا   |   مذكرة تفاهم بين الضمان الاجتماعي والبوتاس العربيّة لتنظيم إجراءات تسديد الاقتطاعات المستحقة من رواتب المتقاعدين   |   ACY Securities تحتفل بالذكرى الخامسة عشرة وتؤكد دورها في تطوير الأسواق المالية الأردنية والإقليمية   |   جهود الإعلام الأردني تعزز دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع   |   مؤسسات المجتمع المدني وتحقيق مستهدفات التحديث الاقتصادي   |   أبوغزاله يعرض رؤيته لإصلاح الأمم المتحدة أمام دبلوماسيين من 30 دولة   |   تعلن جامعة فيلادلفيا عن حاجتها لتعيين: - مشرف أنظمه وشبكات في مركز الحاسوب.   |   تعلن جامعة فيلادلفيا عن حاجتها لتعيين: - فني صيانة الكترونيات في مركز الحاسوب.   |   ديانا كرزون تسحر الجمهور بأحدث أعمالها الغنائية 《دوخني》   |   ماذا على مؤسسة الضمان أن تفعل في المرحلة القادمة.؟    |   عمّان الأهلية تنظّم ندوة عن الصناعات الدوائية ويوما طبيا في عين الباشا   |   زين تدخل في شراكة مع المنتدى الدولي لأعمال الإعاقة كأول شركة اتصالات في المنطقة   |   مجموعة الخليج للتأمين – الأردن تعزز ريادتها في قطاع التأمين بعد فوزها بجائزة   |   شركة ميناء حاويات العقبة تكشف عن أبرز مؤشرات أدائها التشغيلي لشهر تشرين الثاني 2025   |   لجنة الاقتصاد والاستثمار في حزب الميثاق الوطني تبحث تعزيز بيئة الأعمال في العقبة   |   مشاركة واسعة في البطولة السعودية للهواة على ملاعب نادي ديراب للجولف   |  

وصية الخليل


وصية الخليل
الكاتب - د. نهاد الجنيدي

وصية الخليل

بسم الله الرحمن الرحيم

مذكّرات شيطان

 

وصية الخليل هي العهد الجامع الذي تركه سيدنا إبراهيم عليه السلام، خليل الله، دعوة إلى التوحيد الخالص لله وحده، لا شرك فيه ولا تفرّق.

. وقد سار هذا العهد في قلوب الأنبياء من بعده، يذكّرون أقوامهم بأن الدين عند الله واحد، وأن النجاة لا تكون إلا بالاستسلام له. قال تعالى:

﴿وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ﴾.

 

وكانت وظيفة الأنبياء تكرار الذكرى لا ابتداع دين جديد، بل إعادة الفطرة إلى أصلها. قال تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ﴾، وقال أيضًا: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾.

 

ومن هنا نقرأ وصايا الأنبياء واحدة بعد الأخرى:

 • قال سيدنا نوح عليه السلام لقومه: ﴿فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾.

 • وأوصى سيدنا يعقوب أبناءه عند موته فقال: ﴿إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾.

 • ودعا سيدنا يوسف عليه السلام ربه فقال: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾.

 • وقال سيدنا موسى عليه السلام لقومه: ﴿يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ﴾.

 • وشهد سيدنا عيسى عليه السلام والحواريون فقالوا: ﴿فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾.

 

ثم جاء وحي الله صريحًا إلى سيدنا محمد ﷺ ليؤكد الامتداد:

﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾.

 

وبعدها جاء القرآن ليضع الكلمة الجامعة: ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾. وقال أيضًا: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾، ثم التحذير البالغ: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾.

 

ومع ذلك، بقي الوعد الإلهي بالعدل والرحمة شاملًا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾. لكنهم قالوا: ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾. فجاء الرد أن الجميع عباده، لا فضل لأحد إلا بالعمل الصالح والإيمان.

 

ومع أن الوصية كانت واضحة، ومع أن الأنبياء جميعًا أعادوا التذكير بها، لم يهدأ للشيطان بال. تسلّل من بين السطور، وبدل أن يرفع الناس أعينهم إلى السماء، جعلهم ينكسون رؤوسهم إلى الشاشات الصغيرة. هناك بدأ يكتب مذكراته، يضحك ويقول: “لم أحتج إلى سيوف ولا دماء، بل إلى حروف تتطاير في فضاء لا يُرى .

 

ثم يضيف: جاء الذكاء الاصطناعي يحمل وحيًا مزوّرًا، كلامًا يلمع كأنه نور وهو دخان. وفي المختبرات المظلمة صممت شرائح إلكترونية، وقدمت للناس كما قُدِّم الوعد بالخلاص من قبل، مرة بالخوف ومرة بالإغراء. وفي الأسواق تبدلت القيم، صار الذهب أوراقًا، والأوراق شيفرات، والشيفرات أصفارًا، والناس يلهثون وراءها كأنها مفاتيح الخلاص. فجعلتهم أسرى لأدواتي دون أن يشعروا.

 

لكن وسط كل هذا، يبقى الوعد الإلهي حاضرًا: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾. فالنور ممتد لا يطفئه دخان الشيطان، والوصية باقية، وصية الخليل، العهد الأول الذي لا يزول.

 

ومع ذلك أعرف أنني مهما مكرت وخطّطت، فإن الله خير الماكرين.