جماعة عمان لحوارات المستقبل تعلن عن مبادرتها حول السياحة العلاجية في الأردن كرافعة للاقتصاد الوطني الأردني   |   《طلبات》 الأردن تكرم سائقيها المتميزين وفريق باترول الداعم والشركاء المساندين لسنة 2025   |   حماس أم تهوّر ؟.   |   الموازنة… اختبار دولة لا اختبار مجلس: من يحمي الأردن فعليًا   |   تالوار يتصدر … وبريسنو يخطف الأضواء عربياً في انطلاق بطولة السعودية المفتوحة المقدمة من صندوق الاستثمارات العامة   |   البريد الأردني وسفارة بنغلادش تبحثان سبل تعزيز التعاون المشترك   |   أبوغزاله وآفاق الرؤيا يوقّعان اتفاقية لتبادل الخبرات وتنفيذ برامج مهنية مشتركة   |   سامسونج تفوز بجائزة Euroconsumers 2025 عن فئة المكانس اللاسلكية العمودية   |   الإمارات تعلن دعمًا بقيمة 550 مليون دولار لخطة الاستجابة الإنسانية العالمية للأمم المتحدة لعام 2026   |   54) مليون دينار فائض اشتراكات تأمين التعطل لسنة 2024   |   مبادرات هادفة ومستدامة لأورنج الأردن في اليوم العالمي للاشخاص ذوي الإعاقة   |   العماوي يهاجم الموازنة: دين عام منفلت.. ورؤية اقتصادية غائبة والحكومة تكرر النهج نفسه   |   رئيس عمّان الأهلية يشارك في المنتدى الخامس لرؤساء الجامعات العربية والروسية   |   البنك الأردني الكويتي يحصل على شهادة ISO/IEC 27001:2022 المحدثة في إدارة أمن المعلومات   |   النزاهة ومكافحة الفساد.. ركيزة التحديث والإصلاح   |   مصدر رسمي يكشف حقيقة قرار إسرائيلي بعدم تزويد الأردن بحصة المياه   |   الغذاء والدواء: سحب مستحضرات +NAD وحقن غير مجازة من عيادتين   |   فصل نهائي ومؤقت بحق 26 طالبا تسببوا بمشاجرات داخل جامعة اليرموك   |   تعاون بين شركة أكابس (Acabes)، الذراع التكنولوجية للبنك العربي وشركة ميناآيتك    |   جمعية المطاعم السياحية تنتخب اعضاء مجلس ادارتها الجديد    |  

الذكاء الاجتماعي أم النفاق المتقن؟


الذكاء الاجتماعي أم النفاق المتقن؟
الكاتب - بقلم: عبد الله مصطفى السعود

الذكاء الاجتماعي أم النفاق المتقن؟

 

بين الحقيقة وأقنعة التواصل الرقمي في زمن العولمة

 

بقلم: عبد الله مصطفى السعود

 

مما لا شك فيه أن العالم اليوم يزداد تشابكاً يوماً بعد يوم، حيث تتصارع المصالح مع القيم، الأمر الذي يجعل التمييز بين تواصل صادق ونفاق متقن مهمة في غاية التعقيد. وبطبيعة الحال، فإن الإنسان كائن اجتماعي يسعى إلى بناء روابط وعلاقات، لكن يبقى التساؤل المطروح: هل هذه الروابط قائمة على الصدق والاحترام، أم أنها مجرد مسرحيات يومية نتقن فيها لبس الأقنعة؟

 

قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ" (التوبة: 119).

 

وبما لا يدع مجالاً للشك، فإن الصدق هو حجر الأساس لكل علاقة متينة، وبدونه تتحول الروابط إلى هياكل خاوية مهما تجملت بالمظاهر.

 

 

 

ومن هذا المنطلق، فإن الذكاء الاجتماعي لا يُختزل في براعة لفظية أو مهارة في إخفاء المشاعر، بل هو القدرة على فهم الآخرين بصدق والتعامل معهم بلباقة تعكس احتراماً حقيقياً. إنه توازن بين قول الحق دون جرح، ومراعاة مشاعر الآخرين دون مجاملة زائفة.

 

حيث أن صاحب هذا الذكاء يختار كلماته بروح صافية، ويبني الجسور لا الحواجز.

 

قال تعالى: "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا" (البقرة: 83).

 

وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الكلمة الطيبة لا تمنحك فقط محبة الآخرين، بل تُجسد صفاء النية ورقيّ المعاملة.

 

 

 

وعلى العكس من ذلك، فإن النفاق الاجتماعي يُمثل قناعاً مزيفاً يلمع من الخارج لكنه يخفي دوافع أنانية أو مصالح عابرة. يتقن صاحبه لعبة الأدوار فيُظهر ما لا يبطن، متناسياً أن الأقنعة لا تدوم.

 

قال تعالى: "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ..." (النساء: 142).

 

وعليه، فإن النفاق يهدم الثقة ويفسد العلاقات مهما بدا بارعاً أو متقناً.

 

 

 

وتجدر الإشارة إلى أن منصات التواصل قد منحت النفاق بعداً جديداً، حيث يمكن لأي شخص أن يرسم لنفسه صورة مثالية بعيدة عن واقعه: صور محسوبة، عبارات مصقولة، وتفاعل انتقائي يهدف لصناعة انطباع محدد.

 

فالابتسامة في الحياة الواقعية قد تعكس دفئاً صادقاً، أما على الشاشة، فقد لا تعني أكثر من رمز تعبيري بلا روح. وهذه الازدواجية ولا سيما حين تصبح سلوكاً عاماً تُضعف الثقة وتعزز الشك في فضاء يغلب عليه التزييف.

 

قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ..." (الحجرات: 12).

 

وفي هذا الإطار، يجب الحذر من خطورة الانقسام الذي تغذيه بعض المنصات، مشدداً على ضرورة توظيف هذه الوسائل لبناء الوحدة لا لزرع الفتنة، ولنشر الوعي والتسامح لا إذكاء الصراعات الوهمية.

 

 

 

ولا مناص من القول إن الوعي الذاتي هو خط الدفاع الأول في مواجهة هذا الزيف. فقبل أن ننشر أو نعلّق أو نتفاعل، علينا أن نتساءل: هل ما نقوله صادق النية؟ هل هو لبناء الثقة، أم لمطاردة إعجاب عابر؟

 

قال تعالى: "وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ..." (الإسراء: 53).

 

واستخلاصاً لما سبق، فإن لحظة صدق واحدة مع الذات قد تكون أثمن من آلاف المشاركات المزيفة، لأنها تُعيد الإنسان إلى جوهره الأصيل.

 

 

 

وخلاصة القول أن الذكاء الاجتماعي، حين يقترن بالصدق، يظل نوراً ينير العلاقات ويمنحها الثبات. أما النفاق، مهما كان متقناً، فمصيره الانكشاف. فالزيف قد يلمع وقتاً قصيراً، لكنه لا يصمد أمام امتحان الزمن، بينما الحقيقة تُشبه الجذور، قد لا تُرى لكنها تمنح الشجرة الحياة.

 

قال تعالى: "فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ" (الرعد: 17).

 

وبناءً على ذلك، يبقى السؤال مفتوحًا لكل واحد فينا:

 

هل نملك شجاعة الصدق... أم نختبئ خلف أقنعة النفاق؟

 

 

 

عبد الله مصطفى السعود

 

abdallahm.alsoud@gmail.com