إنهاء الصراع العربي الأسرائيلي أو استمراره بيد الإدارة الأمريكية   |   سماوي يلتقي سلامة ولحود ويبحثان سبل التوأمة بين مهرجان جرش والمهرجانات اللبنانية   |   اللجنة التنفيذية لشؤون التربية والتعليم في 《الميثاق الوطني》تصدر توصيات حول نظام الثانوية العامة الجديد (نظام الحقول   |   شركة زين تطلق دليل إمكانية الوصول الشامل لتهيئة مبانيها ومرافقها للأشخاص ذوي الإعاقة   |   فعالية رياضية نوعية تشعل أجواء الحماس في جامعة فيلادلفيا   |   مذكرة تفاهم بين الضمان الاجتماعي والبوتاس العربيّة لتنظيم إجراءات تسديد الاقتطاعات المستحقة من رواتب المتقاعدين   |   ACY Securities تحتفل بالذكرى الخامسة عشرة وتؤكد دورها في تطوير الأسواق المالية الأردنية والإقليمية   |   جهود الإعلام الأردني تعزز دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع   |   مؤسسات المجتمع المدني وتحقيق مستهدفات التحديث الاقتصادي   |   أبوغزاله يعرض رؤيته لإصلاح الأمم المتحدة أمام دبلوماسيين من 30 دولة   |   تعلن جامعة فيلادلفيا عن حاجتها لتعيين: - مشرف أنظمه وشبكات في مركز الحاسوب.   |   تعلن جامعة فيلادلفيا عن حاجتها لتعيين: - فني صيانة الكترونيات في مركز الحاسوب.   |   ديانا كرزون تسحر الجمهور بأحدث أعمالها الغنائية 《دوخني》   |   ماذا على مؤسسة الضمان أن تفعل في المرحلة القادمة.؟    |   عمّان الأهلية تنظّم ندوة عن الصناعات الدوائية ويوما طبيا في عين الباشا   |   زين تدخل في شراكة مع المنتدى الدولي لأعمال الإعاقة كأول شركة اتصالات في المنطقة   |   مجموعة الخليج للتأمين – الأردن تعزز ريادتها في قطاع التأمين بعد فوزها بجائزة   |   شركة ميناء حاويات العقبة تكشف عن أبرز مؤشرات أدائها التشغيلي لشهر تشرين الثاني 2025   |   لجنة الاقتصاد والاستثمار في حزب الميثاق الوطني تبحث تعزيز بيئة الأعمال في العقبة   |   مشاركة واسعة في البطولة السعودية للهواة على ملاعب نادي ديراب للجولف   |  

جرش وما أدراك ما جرش


جرش وما أدراك ما جرش
الكاتب - سلطان الحطاب

جرش وما أدراك ما جرش

كتب سلطان الحطاب 

جاء الإمبرطور الروماني، هادريان، من مصر التي كانت تحت حكم الرومان، وكان أول زيارة له الى مصر ليقيم فيها اول مدينة رومانية، لذكرى صديقه أنتونيوس، في صعيد مصر وسميت الآن مدينة الشيخ عبادة.

جاء الإمبرطور من مصر الى جرش ليرد على عدوان الفرس على تدمر التي هدموها، وحين علم أهالي جرش، بقدوم الإمبرطور هاديان، و.... بذلك وأقاموا له قوس، هادريان الشهير، أو ..بوابة جرش الآن أو قوس النصر، الذي ما زال قائماً في ارتفاع 11م، ولافتاً للانتباه أن التيجان في اسفل الاعمدة والتيجان أعلاه، وكانت الزيارة الإمبرطورية في الشتاء من عام 129 م، وقد أقام الجرشيون له حفلاً مهيباً، إذ كانت جرش التي أسسها الإمبرطور بومبي عام 63م، هي عاصمة الدنيا الثقافية، والثقافة ملتصقة بجرش منذ ذلك الحين والى يومنا هذا، حيث يعيد الأردنيون احيائها في مهرجان جرش من كل عام لتأكيد ذلك ووفاء للمدينة التي سميت لذلك.

وقد قال الإمبرطور بومبي حين أقامها أنه ليست مدينة للإمبرطورية الرومانية، بل "عاصمة الدنيا للثقافة" وقد أصبحت يومها محجاً للمثقفين والفنانين. وكلما ولد فيها شاعر أو فنان، أقيم له عمود من أعمدتها، حتى غدت مدينة الألف عمود، أي ألف شاعر، فلا تستكثروا على جرش مهرجانها وما يتنزل فيها من فن وثقافة وشعراء، نشر مدير مهرجانها القدير أيمن سماوي، اسماؤهم في البرنامج الثقافي باسم، هنا الأردن... ومجد مستمر من 24/ 7 الى 2/ 8 2025.

كانت جرش يومها إحدى مدن الديكابوليس الرومانية في اتحاد اقتصادي ثقافي.

ويصل هارديان وتغني له النساء ويحنفل به، وكان وصوله شتاء عام 120م، وقد أحاطت به جوقات فنية وموسيقية وخيول، وترجل ووقف على البوابة وارتجل كلمة، قال فيها "إنه سيتوجه بعد ذلك الى تدمر التي خربها الفرس (الصراع الفارسي الروماني) جاء على ذكره القران الكريم (غلبت الروم الفرس في أدنى الأرض، وهم من بعدهم غلبهم سيغلبون في بضع سنين) وبعد ذلك جاء الاسلام ليفتتح شرحبيل بن حسنة، جرش وبلاد فلسطين، وقد كان الاسلام الى جانب الروم في صراعهم مع الفرس، وخاصة في اليمن، حيث حرق النصارى على يد اليهود الذين كانوا حلفاء الفرس، فانتصرت بيزنطة للمسيحين، وهذا الحادثة مذكورة في القرآن في صورة البروج، قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ "وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴿8﴾ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ.

هارديان في كلمته أمام جمهور جرش الكبير قال، لا تكسب المعارك بالكراهية، الغضب والكراهية، قد يقويانك ويزيدانك شجاعة، لكنهما يضعفانك أيضاً، ينتهي بك الأمر بالتعثر، ثم واصل رحلته داخل المدينة التي اصبحت عاصمة المدن الديكابوليس لصمودها في وجه الانباط وبسط نفوذها لاحقاً على تدمر بعد طرد الفرس منها.

وقد دونت تعبيرات هادريان وحكمته الراسخة وخاصة قوله( الرجال مقبرة مهجورة وسط الموتي الذين توقفوا عن الاعتزاز بهم، اي حزن دائم هو استنساخ لإهمالهم".

"طوبة طوبة أيها المواطنون... يرقد هنا موتى ثم لم يعد يُقدروا.. طوبة طوبة.

لقد كان من الذكاء التقاط المكان والزمان حين انطلق مهرجان جرش في 1981، ليصل الدورة 39، الآن بعد أن جدد انطلاقته على يد الملكة رانيا العبد الله في مرحلته الثانية، وحيث يقدم مهرجان هذا العام 2025، اكثر من 235 فعالية فنية، وتشمل حفلات لكبار النجوم وعروضاً مسرحية وأمسيات شعرية، ويأتي المهرجان فرصة لتعزيز الثقافة والإبداع والتأكيد على أن الأردن ما زال يمثل شعلة الثقافة والوعي الإنساني بالفن الذي يمكنه ان يساهم في تغيير العالم واعادة انتاجه.

ازدهرت جرش في عهد الأمويين الذين كانوا يديرون خلافتهم من دمشق وقد اهتموا بها وذكروا اسم نهرها، نهر الذهب، 

وكان الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، يوصي أن يأتيه الرمان من جرش وهي الفاكهة المفضلة لديه، يهديها لمن عظم من قادة تلك الفترات الزمنية، وجرش لم تسلم من الخراب والدمار ، فقد أصابها زلزال عام 749، دمّر الكثير من معالمها، وتبعته زلازل عدة، وصمدت جرش وما زالت تتباهى بدورها التاريخي، وما زالت تجد من يوقد شعلتها ويعلن ريادتها ورسالتها الثقافية حين انشئت آنذاك من أجل أن تكون عاصمة العالم الثقافية.

جرش الآن في ثقافتها عهدة لدى وزارة الثقافة ولدى المهرجان الأشهر عربياً، بإدارة الخبير أيمن سماوي وفريقه الكبير، ليبلغوا هذه الرسالة ويحافظوا على استمرار إتقادها كرسالة للعالم على أن هذه الأرض ولادة بالفن والعطاء الإنساني وبالشراكة في البناء والاعمار، وضد الخراب والدمار والعدوان.

إن المهمة كبيرة والذين دقوا على صدورهم من أجلها، لا بد أن ينجحوا ويدعموا ويمكنوا لاداء رسالتهم.

إزدهرت جرش في زمن الأمويين، وقد أقاموا فيها مسجداً هو المسجد الأموي في جرش، واهتموا كذلك في فلسطين، فأقام هشام عبد الملك والذي أصبح خليفة قصر هشام في اريحا وبنوا مدينة الرملة التي جعلها مسلمة بن عبد الله شقيقهم الثالث عاصمة فلسطين.

جرش أقام على مائها الشراكسة بكتاب من السلطان العثماني وقد وصلها أول افواجهم عام 1887، كما وصلها الكثير من الشوام والأرمن لثروا دورها.

واليوم محافظة من 237 ألف نسمة حيث في المدينة جرش، منهم 160، كما تحمل جرش مخيم غزة في 60 ألف منذ عام 1967... مهرجانها يسطع هذا العام ليستقبل أكثر من مليون زائر.