مناعة حضارية   |   واجهة 《One UI 7》 التجريبية تحصد إشادة واسعة من عشاق التقنية   |   سامسونج تكشف النقاب عن سلسلة Galaxy S25 وتحدث ثورة في الذكاء الاصطناعي للهواتف المحمولة   |   الأردن يحصد جائزة 《أفضل وجهة سياحية في العالم》لعام 2024   |   النائب المحسيري تقلب دفاتر الجامعة الأردنية وتستفسر عن معايير تعيين أعضاء الهيئة التدريسية ؟!   |   وزير الداخلية: كثير من الموقوفين الإداريين بسبب 《عقوق الوالدين》 وضربهم!   |   عمان الاهلية بالمرتبة 401 - 500 عالمياً والأولى محلياً في الأعمال والإقتصاد والثانية في الحاسوب وفق تصنيف التايمز2025   |   خروقات اسرائيلية مستمرة لوقف إطلاق النار وتدفق شاحنات المساعدات إلى غزة   |   البنك الأوروبي للتنمية يؤكد تطلعه لرفع استثماراته في الأردن خلال 2025   |   رغم التفاوض مع الشرع.. قسد ترفض حل قواتها وتسليم السلاح   |   الأمناء العامين للأحزاب الأردنية يجتمعون لمناقشة قضايا التحديث الاقتصادي والسياسي ومواجهة التحديات المستقبلية   |   عمّان تستعد لاستضافة النسخة الثانية من مؤتمردرويدكون 《droidcon》 العالمي    |   سامسونج توسع نطاق 《AI Home》عبر مجموعة من الأجهزة المنزلية تجسيداً لرؤية 《شاشات في كل مكان》   |   برنامج Jordan Source يدعم توسع شركة 《ديناميكا》 تعزيزاً للابتكار والنمو الاقتصادي في الأردن   |   فارس الاغنية العربية يطلق جديد اعماله 《كسر عظم》   |   عمان الأهلية تشارك بالحفل الختامي لهاكاثون الريادة 2024   |   أبرز الأسرى من 《المؤبدات》 بسجون الاحتلال الاسرائيلي   |   الأمن العام : وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية تلاحق حسابات وأشخاص يحاولون إثارة الفتن والنعرات   |   إطلاق فيديو كليب 《نكبر سوا》 للفنان عزيز عبدو   |   لجنة تنفيذية لتنظيم مهرجان عمان للتسوق 2025   |  

مناعة حضارية


مناعة حضارية
الكاتب - هالة جمال سلوم

مناعة حضارية

هالة جمال سلوم

 

   في الآونة الأخيرة، وتحديداً في السنوات الخمس منها، أصبحنا نشاهد ظاهرة ما يسمى ب " المشاهير" أو " المؤثرون"، مؤثرو السوشال ميديا، أو صانعو المحتوى، وهم عبارة عن مجموعة من الأشخاص يتابعهم ملايين الناس، يقدمون تسويقاً لسلعة ما، أو فكرة معينة، أو غناءً، أو تمثيلاً، وغيره، وهؤلاء لديهم القدرة الهائلة على الانتشار ونشر ما يقدمونه لكافة الفئات العمرية وبسرعة قياسية.

   حيث أصبح بإمكانك الآن وبكل سهولة أن تنضم لهذه القائمة، ويطلق عليك اسم 

" مشهور" بمجرد أن تحرك شفتيك وتردد أغنية ما، أو أن تعرض يومياتك، أو حتى تسخر أو تشتم شخصاً ما، فيصبح لديك ملايين من المتابعين والمعجبين.

   نشاهد في اليوم الواحد آلاف من مقاطع الفيديو، وآلاف الوجوه، وتصلنا عبرها آلاف الرسائل – الصاعدة والهابطة- حيث أصبحت تحتل جزءاً لا يستهان به من يومنا، أو قد تشغل اليوم كله عند البعض، وبخاصة فئة الشباب، الذين بدأوا بمتابعة المقاطع، ثم التعود عليها، ثم التعلق، فالإدمان، فالتأثر ومن ثم الاقتداء بصانعي المحتويات فيقلدونهم تقليداً أعمى، بدون دراية أو حتى وعي لما يقلدون، ونجد غالبية المحتويات التي يتأثرون بها، محتويات تافهة، فارغة، ساخرة، محرضة على طمس العادات والأخلاق، فيستهين أبناؤنا بالقيم، والتقاليد، و تعاليم الدين، فتشغل وقتهم، وتدمر معتقداتهم، وأصبحنا نلاحظ التغيير الكبير في سلوكهم نتيجة متابعة هؤلاء الفئات، والتأثر بهم، فصانعو المحتوى لديهم القدرة الخارقة في تربية هذا الجيل، الذي نراه يرسم منحنى - منحدر – بتصرفاته ومعتقداته الغريبة.

قيل لأحد العظماء: كيف ترى مستقبل أمتنا؟؟ 

قال: دعوني أنظر إلى حال شبابنا وتربيتهم، وعند ذلك أخبركم كيف.

يالَ حال شباب أمتنا! يسيرون نحو الضياع، يجرون وراءهم للهاوية مجتمعاً بأكمله، جيل مغيّب عن وعيه، مصاب بالهشاشة الفكرية، والانحدار المعرفي، بل وتلاشيها أيضاً، وقد تأثرت سلوكياتهم الحركية والنفسية أيضاً، فأصبحوا أكثر عدوانية وعنفاً، وأقل صبراً، نتيجة سرعة المحتويات وكثرة مضامينها.

تصنع هذه المقاطع السعادة الآنية لمتابعيها، وكلما زادت مدة المشاهدة، تزداد السعادة وحجم المتعة والراحة، وبالتالي نصل درجة الإدمان، إدمان التلقي، وإدمان السعادة اللحظية، فيزداد التوق والتعلق، والسعي لقضاء وقت أكبر لمتابعة جديد هؤلاء، حتى أننا نرى أبناءنا لا يرضيهم ما كان يرضينا، ولا يسعدهم ما كان يسعدنا، ولا يكفيهم ما نقدمه لهم، قد اعتادوا الوفرة في كل شيء، جيل "الدوبامين"، الذي نجح الغرب في تصميمه وإعداده، والقضاء عليه بدون أي عناء.      

   نعم، إنه القرن الحادي والعشرين، زمن الحضارة، والثورة الرقمية، وعصر الوفرة والسرعة، التي طالما لم يحسن استغلالها الكثيرون، فسخروها "بشقّها السلبي" لتلبية رغباتهم، وملء فراغهم بالفراغ!

   إنها لمدعاة للخوف حقاً، فيجب علينا التحرك فوراً أفراداً وجماعات ومؤسسات مجتمع مدني للتوعية من مخاطر هذه الظاهرة التي باتت تؤرق جميع الآباء والأمهات، فيجب أن تتكون لدينا مناعة حضارية للتصدي لمستجدات هذا العصر المخيف، وحصانة فكرية وحدود وضوابط للحد من هذه الهلوسة الإلكترونية.