خال الزميل جمال ورضا عليان في ذمة الله   |   ترحيل مليون و800 ألف من غزة.. تفاصيل جديدة حول خطة ترامب   |   رسميا... الحكومة تحدد أيام عطلة عيد الفطر   |   الرواشدة يكتب....! الاقتصاد السوري يحتاج إلى عملة جديدة   |   تحت عنوان 《بصمة الخير》...جمعية "الإخاء الأردنية العراقية" تعقد لقاءها السنوي    |   سامسونج تُحدث نقلة نوعية في تجربة الذكاء الاصطناعي مع إطلاق هواتف 《Galaxy A56 5G》و《Galaxy A36 5G》 و 《Galaxy A26 5G》   |   تعلن جامعة فيلادلفيا عن حاجتها لتعيين: - محاسب / الدائرة المالية   |   انتخابات نقابة مقاولي الإنشاءات الأردنيين: لحظة حاسمة في رسم مستقبل القطاع   |   الشركة الأولى لخدمات الفعاليات والمؤتمرات تحتفل بـعيدها العشرين من الريادة في صناعة الفعاليات في الشرق الأوسط   |   والد الزميلة الاعلامية رانيا حداد في ذمة الله   |   أورنج الأردن تطلق جائزة 《ملهمة التغيير》 بنسختها الرابعة بدعم من كابيتال بنك وبالشراكة مع جمعية إنتاج   |   يس جامعة فيلادلفيا يهنئ الأكاديميات والإداريات بمناسبة يوم المرأة العالمي ويشيد بدورهن في الجامعة   |   واشنطن بوست: أدلة تثبت تورط شركة أسلحة تركية بتأجيج حرب السودان   |   جامعة فيلادلفيا تشارك في حفل تخريج الفوج السادس عشر من طلبة الدبلومات التدريبية   |   جمعية معهد تضامن النساء الأردني تواصل جهودها من خلال مشروع "متحدون" للوقاية من العنف ضد النساء والفتيات   |   كتلة المقاول الأردني .. زيارات من كبار المقاولين وحضور للمؤازين وخلية عمل نشطة   |   مسيحي أردني على مائدة الإفطار الرمضانية الإسلامية السعودية في الأردن   |   انتخابات نقابة مقاولي الإنشاءات: وعيٌ متزايد ومفاجآت تلوح في الأفق    |   سلسلة 《Galaxy Buds3》تمنح المستخدمين تجربة صوتية متناغمة مع سلسلة 《Galaxy S25》   |   أورنج الأردن تشارك فيديو يسلط الضوء على أهم فعالياتها لشهر شباط والتي تضمنت عدداً من الأحداث المميزة والأنشطة المختلفة   |  

سلاح الحكماء


سلاح الحكماء
الكاتب - هالة جمال سلوم

سلاح الحكماء

هالة جمال سلوم 

 

يختلف الناس في طريقة تفكيرهم وآرائهم ومعتقداتهم، وفي كلامهم وطرحم، ويتفاوتون في مدى تقبل آراء وكلام الآخرين واستيعابه، يتمايزون في مستوى رجاحة عقولهم وسعة صدورهم، فتجدهم يتوافقون تارة ويختلفون أخرى، ونرى من لا يوافقنا الرأي، أو يرفض بعض تصرفاتنا، فالاختلاف أمر طبيعي بين الناس، وهذا بسبب العلاقات الالزامية التشاركية بين بني البشر، فلا يمكن لشخص أن يعيش بمفرده في هذه الحياة، فقد خلقنا الله عز وجل ضمن علاقات تكاملية، في البيت والعمل والسكن والطريق، وحتى تستمر هذه العلاقات، علينا أن ندرك هذه الفروقات في مستويات التفكير والتقبل والتحمل، ولكي تسير بشكلها الصحيح والمريح يجب أن نتقن فن التعامل مع المحيطين، ونستخدم ذكاؤنا العاطفي معهم، والتغافل هو من أهم أركان هذا الذكاء، وهو من كمال العقل والأخلاق. 

كثيراً ما نجد حولنا ما لا يرضينا من قول أو فعل، وإن دققنا وحققنا ومحصنا في صغائر الأمور وعظيمها، وضعنا أنفسنا في دوامة الخلاف والنزاع المستمر مع الآخرين، مما يؤثر سلباً على النفس وعلى المحيطين، وتضعف العلاقات وقد تتسبب بالقطيعة أيضاً. 

فهذا المتربص للزلات والهفوات، متتبع العثرات، حاد الطبع، يتباهى بصراحته الزائدة، وقوة شخصيته، فيرد الصاع صاعين، ويتفنن بنقد الآخرين، والتضييق عليهم، معتقداً أنه يوجّه ويقوّم ويُصلِح، مشهراً سيفه صبحاً ومساء، منزعج هو ومزعج من حوله، بتسلطه وهجومه على توافه الأمور، لا يهدأ له بال ولا حال حتى يوجه انتقاده، ويحرج هذا وذاك، ويلاحق الآخرين، ويكشف عن خبايا أمورهم، يعتد بجرأته وشعاره " اللي بقلبي ع راس لساني " وهذه هي الفظاظة بعينها، فنحن لا نختلف عما في قلوبنا، ولكن الاسلوب هو خلافنا، فهذا من يخسر راحة باله ومحبة واحترام من حوله، وتلك محض السذاجة، وهؤلاء نحيلهم لقول الشافعي رحمه الله : من وعظ أخاه سراً فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه.

فالمتغافل المتخطي عن العثرات، الذي يرى ويسمع الزلات ويغفل عنها ولا يلقي لها بالاً، لأنه يدرك أنها أمور طبيعية بين البشر، فقد تكون نتيجة ضغط نفسي، أو خطأ غير متعمد، أو اختلاف وجهات نظر، فيوزن ذلك ويحكم زمام تصرفاته، فيتغافل، ويخفي علمه، برغم ادراكه، ولهذا جاء في قول أبي تمام: ليس الغبي بيسد قومه .. ولكن سيد قومه المتغابي ، فهذا هو اللبيب الكيّس، حَسَن الخُلق، الحكيم المتروِّ، الممتلئ من داخله، يتغافر ويتجاوز فيكسب المواقف والقلوب، ويكسب راحته، فيَسعد، ويُسعِد. 

ويقول ابن الجوزي رحمه الله : ما يزال التغافل عن الزلات من أرقى شيم الكِرام؛ فإن الناس مجبولون على الزلات والأخطاء! فإن اهتم المرء بكل زلة وخطيئة تعِب وأَتعب. 

وللتغافل حدود، فلا يصل حد الغفلة، ولا يكون على حساب كرامة أحد ومبادئه وقيمه، فالتغافل عن الحق ممقوت، وان لا يكون أيضاً على سبيل الاعتياد ولا من باب المعصية، فهنا يجب التيقظ والتدخل والمنع والمعالجة بالحكمة.

إن الهيّن الليّن، المتغافل والمتغافر، هو الشجاع القوي من الداخل، الذكي الذي يستثمر وقته وجهده في ما ينفعه، والتغافل هو سلاح الحكماء في تجاوز المواقف الصعبة، وهو مفتاح السعادة والنجاح في إدارة الأمور واستمراريتها. 

جملنا الله وإياكم بحسن الخلق، والحمد لله من قبل ومن بعد.