مبادرة "قصتي "أطلقتها الجمعية الاردنية لمرضى السكري
المركب
تمييز مجتمعي وحكومي يواجه اطفال السكري وأحلامهم قهر المرض وتوفير مضخات انسولين لهم
عمان- لم يجعل المرض يقف بطريق عدي الحياري رغم أنه ما يزال بعمر الورود. استطاع أن يكتب هواجسه وتفاصيل أيامه بقصة صغيرة.. عبر فيها عن كل ما يدور في خلده وكل تعب اختبره، وأسماها "أحلى عدي بالعالم".
الطفل عدي شارك بمسابقة "قصتي مع السكري".. وبدأها ليقول "مرض السكري ما بيختار إلا الأولاد الحلوين". قرر عدي أن يصبح صديقا لمرض السكري"، وقال في قصته "أكيد أنا بحب السكر والحلويات لكن مش أكتر من حبي للحياة.. بس تعلمت أنتبه لصحتي.. وأكون حريص على جسمي..".
سطرعدي في حكايته تمنياته بأن يصبح طبيبا لأطفال السكري، حينما يكبر. وقال "تجاوزت الخوف من الأبر والفحوصات الدورية.. أنا صرت قويا.. وأقوى من الأطفال الي بعمري. أنا هيك لأنه أهلي أعطوني الحب والأمل".
عدي واحدمن بين الالاف أطفال السكري، كسروا حاجز الصمت وعبروا عما في داخلهم، فشاركوا الناس تجاربهم ومعاناتهم ورحلة حياتهم مع وخز الإبر التي باتت جزءا من تفاصيلهم.
أطفال بأعمار مختلفة. كلّ كتب قصته بطريقته، واحد كتب بعفويته وكلماته البسيطة، وآخر عبر عن ما يجول بخاطره عبر مقطع صوتي لعدم قدرته على الكتابة.
جاء ذلك ضمن مبادرة "قصتي مع السكري" التي أطلقتها الجمعية الأردنية للعناية بالسكري، بدعم من شركة ألمنيوم البتراء وبرعاية الاعلامية المتخصصة بالشأن الصحي الدكتوره حنان الكسواني ،حيث جاءت الفكرة، وفق رئيسة الجمعية الأردنية للعناية بالسكري الدكتورة نديمة شقم، رغبة منها بمنح الأطفال فرصة التعبير عن أنفسهم، ونقل ما في بالهم والبوح بالصعوبات التي يواجهونها في حياتهم اليومية والمدرسية.
استطاع كل طفل، وفق شقم، أن ينقل تجربته بطريقته الخاصة، حيث شعر كل واحد منهم بأنه مميز"، وعمدت الجمعية على نشر قصص الأطفال على صفحتهم الخاصة على الفيسبوك، ولاقت دعما كبيرا من الناس، وإعجابا بطريقتهم في الكتابة والتعبير عن ذاتهم.
ولم تقتصر مشاركة الأطفال في كتابة قصصهم فحسب، وإنما فتحت باب التصويت لأجمل قصة بصفحتها على الفيسبوك من خلال حصد نسبة عالية من الإعجاب والتي حصدها الطفل عدي الحياري.
لانا مصباح التي تبلغ من العمر (11 عاما)، كان قد أصابها السكري وهي مازالت في السابعة من عمرها تروي قصتها مع السكري تحت عنوان "مذكرات سكرية"، واصفة تغلبها على معاناتها وقلقها وحالة الفوضى التي كانت تعيشها في البداية ومدى سعادتها بتلاشي العصبية.
أصبحت لانا تجمع معلومات ومقالات صغيرة من الشبكة المعلوماتية بالمذكرة، لتكون مرجعا لها عند الحاجة، وتعلمت منها كل جديد عن السكري، فأصبح مرضها هو الحيز الصغير الذي تشغل به وقت فراغها بكتابة أي شي جديد عن السكري في هذه المذكرة.
عدي ولانا اللذان حصدا المراكز الثلاثة الأولى هم من بين 16 طفلا شاركوا في مسابقة "قصتي مع السكري" وفق شقم، وسط حضور عدد من أطباء الغدد الصماء والإعلاميين الذين جاءوا ليؤكدوا دعمهم لهؤلاء الأطفال ورفع معنوياتهم، حيث قدمت الهدايا لجميع الأطفال المشاركين من قبل شركة ألمنيوم البتراء الداعمة للمسابقة.
وتنوعت الجوائز التي قدمتها الجمعية للأطفال، حيث قدمت لكل طفل اللعبة التي يحلم بامتلاكها، رغبة منها في أن تكون جزءا من تحقيق أحلامهم، فضلا عن أجهزة فحص وشرائح.
وتلفت شقم إلى الجهود التي تبذلها الجمعية لدعم الأطفال السكريين ومساعدتهم للتغلب على الظروف والتحديات التي يواجهونها، لاسيما في ظل غياب الوعي والثقافة الكافية حول كيفية التعامل مع طفل السكري في المدارس الحكومية وقليل من المدارس الخاصة، الأمر الذي يشكل عبئا كبيرا ومعاناة حقيقية لأهالي الأطفال السكريين.
وتزداد معاناة كثير من العائلات في رفض المدارس تسجيل أطفال سكريين لعدم توفر طبيب أو ممرضة في المدرسة، في حين تطالب مدارس أخرى بكتاب رسمي لمريض السكري حتى يتمكن من التسجيل في المدرسة، وفق أهالي الأطفال الذين حضروا الاحتفال بنتائج المسابقة، وعبروا عن فرمباحتهم في رؤية البسمة على وجوه أطفالهم.
وخلال الحفل الذي أقامته الجمعية للإعلان عن نتائج الفائزين بمسابقة "قصتي مع السكري"، شارك الأهالي المشاكل التي يواجهونها وأطفالهم مع الحضور أم لانا وريماس التي اضطرت إلى تسجيل ابنتها ريماس في مدرسة خاصة وهو مايفوق قدرتها المالية وذلك لأن المدرسة الحكومية التي تذهب إليها ابنتها تعتمد نظام الفترتين الصباحية والمسائية، الأمر الذي لايتناسب مع مواعيد العلاج.
في حين تكمن مشكلة ابنتها لانا التي تبلغ من العمر 11 عاما وتدرس في مدرسة حكومية في عدم تفهم معلمات المدرسة لطبيعة مرض ابنتها وعدم السماح لها بالخروج للحمام بأي وقت، فضلا عن حرمانها من الأنشطة المدرسية والرحلات بسبب اصابتها بالسكري.
وتوافقها الرأي أم الطفل محمد تيم التي أشارت إلى المعاناة الكبيرة التي يواجهها ابنها في المدرسة الحكومية، والتحديات المرتبطة بالأعداد الكبيرة للطلاب من جهة وعدم وجود تثقيف وتوعية عند الهيئات التدريسية حول كيفية التعامل مع الأطفال السكريين والاهتمام بهم.
وتقول "ابني دائما يشعر بدوار وتعب لأن إصابته بالسكري متقدمة والمدارس الحكومية لاتتحمل هذا الأمر"، الأمر الذي دفعها إلى دفع مزيد من النفقات على حساب بيتها وأولادها وتأمين مدرسة مناسبة لوضع ابنها الصحي، مؤكدين أن التعليم وتأمين الشرائح من أكبر المشاكل التي تواجههم وأطفالهم.
ولاتتوقف الصعوبات التي يواجهها الأطفال السكريين عند إمكانية تسجيلهم في المدارس فحسب وفق شقم، وإنما في كيفية التعامل مع احتياجات الأطفال كحاجتهم للشرب باستمرار والدخول إلى الحمام بأي وقت بسبب ارتفاع السكر وهبوط السكر المفاجئ وكيفية التعامل مع هذه الحالات دون إلحاق أي أذى بالطفل.
وأكدت شقم خلال الحفل على جملة من حقوق الأطفال المصابين بالسكري في المدارس كان من أهمها الحصول على معاملة طبيعية وبدون تفرقة عند التسجيل في المدرسة او خلال المرحلة التعليمية والحصول على الأكل حينما يحتاجون.
كما نوهت إلى ضرورة تعاون المدارس مع الطلبة في إجراء فحص السكري في الدم وأخذ حقن الأنسولين عندما يحتاجون إليها والحصول على الاهتمام والملاحظة والرعاية الكاملة في حالة شعورهم بالمرض أو بالإعياء.
وعقبت شقم على مداخلة إحدى أولياء الأمور في أن طفل السكري من حقه شرب الماء والذهاب إلى الحمام عند الحاجة، فضلا عن زيادة عدد إيام الغياب المسموح بها عن المدرسة للمراجعة في المستشفى في حالة المرض وحرية المشاركة بالأنشطة الرياضية وغيرها من الأنشطة.
وحول مسابقة "قصتي مع السكري" تشير رئيسة لجنة نادي أطفال السكريين في الجمعية الأردنية للسكري ومثقفة مرض السكري الدكتور منال الأدهم إلى أهمية هذه المسابقة في رفع معنويات الأطفال السكريين وتشجيعهم على كسر حاجز الصمت.
وتضيف أن الأطفال السكريين هم أكثر عرضة للاكتئاب بسبب طبيعة المرض والضغوطات المتراكمة عليهم والمفروض أن يحظوا باهتمام وتفهم ممن يحيطون بهم في البيت والمدرسة.
وتؤكد أن عدم تفهم المدرسة لحاجات الأطفال السكريين وحاجتهم المتكررة في شرب الماء والخروج إلى الحمام بسبب ارتفاع السكر تسبب لهم الخجل، فيبدأون بتأنيب أنفسهم، فضلا عن رفض المدارس مشاركتهم بالأنشطة وانتقادهم لتغيبهم المتكرر عن المدرسة.
وفي ظل غياب قاعدة بيانات دقيقة لأطفال السكري وأنواع المرض ومضاعفاته على الأطفال، قدرت جمعيات سكر أن الأطفال المصابين بالسكري في المدارس يصلون إلى 6 آلاف طفل تقريبا.(الغد)