الحاجه فرحه محمود احمد سعادة والدة الدكتور محمد ابزاخ في ذمة الله    |   زين شريكاً استراتيجياً لرالي 《جوردن رايدرز》 للدراجات النارية    |   وزير الثقافة الفلسطيني الأسبق الدكتور إيهاب بسيسو: نهج الإبادة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي مستمر في فلسطين   |   طالبات مدرسة 《خديجة بنت خويلد》يشاركن في يوم تفاعلي مع أورنج الأردن لاستكشاف العالم الرقمي ضمن الأيام الوظيفية   |   نادي حمادة الرياضي يستضيف وفد شباب العواصم العربية   |   افتتاح معرض مركز التراث الفلسطيني الرابع عشر بعنوان ــ لن نعتاد... لن ننسى ــ   |   جماعة عمان لحوارات المستقبل تدعو قادة الاحزاب ونشطاء مواقع التواصل الى خطاب عقلاني لا يدغدغ العواطف*    |   الشبكة العربية للإبداع والابتكار تحتفل بإطلاق مبادرة 《شراكات من أجل مستقبل أمة》 في دبي   |   تجارة عمان : نسعى لوضع عمّان على خارطة مهرجانات التسوق العربية   |   «إسرائيل»: نهج «النحر الجماعي».. مؤداه «الانتحار الذاتي»!   |   غزة.. منحة مغربية لتحرير شهادات 40 خريجا من كلية الملك الحسن الثاني   |   شركة بوابة الأردن تضيء 《أبراج السادس》 دعماً لحملة التوعية بسرطان الثدي في شهر تشرين الأول     |   سلسلة 《Galaxy Tab S10》 من سامسونج، جهاز لوحي مصمم لدعم تقنيات الذكاء الاصطناعي   |   《جورامكو》 توقع عقداً مع مجموعة المطار الدولي لتنفيذ مشروع توسعة مرافقها في عمّان   |   ترقية د.مصطفى عطيات في عمان الاهلية  إلى رتبة الأستاذية في القانون التجاري   |   كنيعان باشا البلوي: رمز الحكمة العشائرية والقيادة العسكرية يجمع بين إصلاح ذات البين والعسكرية    |   حرب المعتقد وطرق غسل العقول   |   بنك الأردن ينظم حملة للتبرع بالدم تحت شعار 《دمك دعمك   |   ابو حسان يترأس اجتماع المكتب التنفيذي لمجموعة العمل البرلمانية رفيعة المستوى للتكنولوجيا والابتكار   |   نتورك إنترناشيونال الأردن توقع اتفاقية شراكة مع شركة الوصلة الرائدة في مجال خدمات الشراء الآن و الدفع لاحقاً   |  

أَثَـــــر الـــفَــــــراشَـــــــة


أَثَـــــر الـــفَــــــراشَـــــــة
الكاتب - د.محمد يوسف أَبو عمارة

أَثَـــــر الـــفَــــــراشَـــــــة

 

بِقَلَم : 

د.محمد يوسف أَبو عمارة

 

رُبَّما تَظُنُّ لِوَهلَة ما أَنّك لَستَ ذو قيمَة وأَنّ ما تَقوم بِه مِن تَصرُّفات لا يُؤَثِّر عَلى أَي شيء وبالتّالي يَتَسرَّب إِليك شُعور بالإِنهزامِيَّة والضّعف وتَتَوَقّف عَن العَمَل أَو حَتّى نَتَوَقَّف عَن التَّفكير بالعَمَل .. ! 

 

قَبلَ قَليل خُضتُ نِقاشًا طَويلاً مَع طَلبتي حَولَ المُقاطَعَة لمُنتَجات الشَّرِكات الدَّاعِمَة للكَيان ومَدى فعاليّتها في إِضعاف الكيان والشَّرِكات التي تَدعمه وتغذيته ، وأَحسَستُ بِأَنّ شعوراً بِعَدَم جَدوى المُقاطَعَة قَد تَسَرَّب إِلى داخلهم بَل أَنّ بعضهم أَصبَح يُفَكّر جدّيًّا بِعَدَم المُقاطَعَة وهُنا تَذَكَّرتُ نَظَرِيَّة " أَثَر الفَراشَة " لإِدوارد لورينز عالِم الأَرصاد الجَويَّة الذي لاحَظ أَنّ أَي تَغيير بَسيط يدخله في جِهاز المُحاكاة يُؤثِّر بِشَكِل مُلفِت عَلى التَّوقُّعات حَتّى لَو كانَ هذا التَغيّر بِحَجم رَفرَفَة الفَراشَة ...

فَرَفرَفَة فَراشَة في الصّين قَد تَتَحَوَّل إِلى عاصِفَة في أَمريكا .. رُبَّما تَقول في قَرارَة نَفسِك أَنّ ذلك مَوضوع تافِه ولَن يُحدِث ذلكَ الأَثَر ولكنّ تَتَفاجَأ بِأَنّ كُلّ الأَثر يَحدُث منه !

لَو قامَت فَراشَة بِرَفرَفَة أَجنِحتها الصَّغيرَة فَهِيَ تُحدِث حَرَكَة في الهَواء ثُمَّ تُحدِث تَغييراً ضَئيلاً ومُتدرّجًا في الضَّغط الجوّي وحينَ تَتَراكَم الفَراشات وتَحشد قِواها عِندها تُصبِح أَجنِحتها مُحَرِّكَة لِتيّارات الهَواء هذه التّيّارات التي كُلَّما زادَ عَدَد الفَراشات المُولّدة لَها قَد يُحوّلها إِلى إِعصار يُحدِث دَماراً هائِلاً في العالَم..

 

وعِندَ التَّعَمُّق في هذه النَّظَرِيَّة نَجِد أَنّه لَيسَ هُناك أَي تَصَرُّف تافِه أَو بِلا قيمَة ! فَلو شَعَر صَحابَة رَسول الله – صلّى الله عليه وسلَّم – وهُم في دار الأَرقَم بِن أَبي الأَرقَم أَنّهم قِلَّة ولَن يَكون لَهُم أَثَر لَما وصلنا الإِسلام ..

ولَو أَنّ عَبّاس بِن فرناس لَم يُؤسِّس لَعلِم الطّيران لَما غَزَونا الفَضاء وصَعَدنا لِسَطحِ القَمَر ..

 

فالعَمَل الذي قَد يَبدو ظاهِره بَسيطاً قَد تَكون نَتائِجه أَكبَر مِمَّا تَتَوَقَّع ، فَلَو مَثلاً قامَ كُل مِنّا بإِلقاء النُّفايات في الطُّرقات وغابَ عامِل النَّظافَة فمثال بسيط لحي بسيط يَسكنه عَدَد بَينَ الأَشخاص ولِمُدَّة أَشهر وبِمتوسَّط حَجم نُفايات عادية سَتَجِد أَنّ هذه النُّفايات التي يلقيها كُل منّا سَتَصِل لارتِفاع ( 120 ) سم حسب دِراسَة بَسيطَة أَجريتها أَنا عَلى حَيّ يقطنه (5000) شَخص ويَلقون نُفايات بِمُعَدَّل (30 سم3) فَقَط نأهيك عما سَيُصاحبها مِن أَمراض وأَوبِئَة .. فإِهمال وضع القمامة في مَكانها المُناسِب قَد يَتَسَبَّب بِمَرَض يقضي عَلى البَشريّة .. 

كَما أَنّ شرخ بسيط في سَدّ كبير إِن لَم يُعالج في وقته سَيُحدِث غَرَقًا لِمَدينَة كامِلَة..

 

لِذا فَعِندَما تُقاطِع مُنتَجات العَدوّ أَو الشَّركات الدّاعِمَة لَه يَجِب أَن تَكون لَدَينا قَناعَة بِأَنّ هذه المُقاطَعَة ذات أَهميّة كَبيرَة والأَرقام المَوجودَة في مَواقِع العَدوّ تَدُل عَلى أَنّ عَشرات آلاف الشّرِكات والفروع التّابِعَة لَها قَد تَوقّف نَشاطها وأن بَعضها تكبّدت خَسائِر بالمليارات وأَنّ بعضها حاول تغيير سياسته واسمه التِّجاري بَل وقامَت هذه الشَّرِكات بِفَرض قُيود عَلى صانِع القَرار في دَولَة الكَيان ، فالحَرب مَع العَدَد لَها أَشكال عدّة ولا تَقتَصِر عَلى حَمل السِّلاح فالمُقاطَعَة حَرب ووسائِل التَّواصُل والاعلام حَرب والرّياضة حَرب والتّعلُّم حَرب فَأَشكال مُقاومي هذا العَدَد تَختَلِف وتَتَنَوَّع .. لِذا قاطِع ولَو كُنتَ لِوَحدِك ، قاطِع لأَنّك صاحِب فِكرَة، قاطِع لأَنّك صاحِب رِسالَة، قاطِع لِأَجلِ إِخوانك الذين يُقتَلون كُلّ دَقيقَة، قاطِع لأَنّه أَضعف الإِيمان في وَقتِنا الحالي..

     

وتَذَكَّر أَنّ الفَراشَة توقِنُ أَنّ لَها أَثَراً لذلك فهي تُحلّق طيلَة الوَقت فلا تَكُن أَضعَف مِن الفَراشَة ولا تُغادِر هذه الحَياة دونَ أَن تَترُك أَثراً .. 

وتَذَكَّر قَول درويش ..

أَثَر الفَراشَة لا يُرى .. أَثَر الفَراشَة لا يَزول .. 

 

فالنَّتائِج قَد لا تَكون آنيَة أَو سَريعَة .. ولكنّها سَتكون أَكبَر مِمّا تُريد .. وتَذَكَّر أَنَّك قَد تَكون حَلقة في دائِرَة كَبيرَة فَلَولاك لَما دارَت الدَّائِرَة الكَبيرَة فَأَنتَ الجُنديّ المَجهول الذي لَولاه لَتَوقَّف العَمَل فمُسَنّنات السّاعَة يُحرّكها مُسنّن صَغير جِدًّا إِن تَوَقَّف تَعَطّل عَمَل الكُل .. 

لِذا أُكَرِّر لا تَستَهين بِتأثير مُقاطعتك ولَو كُنتَ لِوَحدِك ..