لجأت إيران لصد الهجوم الأميركي عليها في الأمور السياسية والأمنية والاقتصادية على مدار العقود العقود الماضية إلى الدفاع، والذي قد تتزايد حدته أو تتراجع وفقا لتطورات الأحداث، وفي غالبية الأحوال تتبدل ثنائية الهجوم والدفاع بين البلدين، والتي يتوقع أن تنتقل اليوم الثلاثاء إلى كرة القدم، حيث يلتقي منتخبا الولايات المتحدة وإيران في منافسات الجولة الثالثة لنهائيات كأس العالم المقامة حاليا في قطر.
أصبح مطلوبا من الفريق الأميركي أن يهاجم بشراسة في الرياضة كما اعتاد أن يهاجم دوما في مجالات أخرى عند المواجهة مع إيران ليتأهل إلى الدور التالي.
ومطلوب من الفريق الإيراني أن يدافع أيضا بكل قوة ويمنع هزيمته بكل الطرق كي يضمن التأهل إلى الدور التالي، فالتعادل يكفيه لإقصاء المنتخب الأميركي بجدارة، أما الفوز فقد يضعه على رأس مجموعته الثانية التي تضم أيضا ويلز وإنجلترا.
تعد المباراة في كرة القدم، غير أن الكثير من المراقبين يتعاملون معها في ظل أجواء توتر بالغة بين البلدين على أنها تحمل الكثير من المعاني التي تجعلها سياسية بامتياز.
وأكد مدرب المنتخب الأميركي غريغ بيرهالتر في تصريحات إعلامية له أن السياسة لن تتدخل في مباراة بلاده المصيرية مع إيران، لكن المتابعين استعدوا لمشاهدة جولة جديدة من الجولات الساخنة بين البلدين في الدوحة.
بدأت شرارة التسييس عندما وضع الاتحاد الأميركي لكرة القدم علم إيران بألوانه الحمراء والبيضاء والخضراء من دون لفظ الجلالة (الله) على حسابي منتخب بلده على تويتر وإنستغرام، بعدها مباشرة طالبت طهران الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بمعاقبة الفريق الأميركي بحرمانه من عشر مباريات بسبب انتهاكه ميثاقه.
اضطر اتحاد الكرة الأميركي إلى تصحيح صورة العلم الإيراني على الفور، لكنه أمعن في التسييس عندما قال المتحدث باسمه "ما نزال ندعم نساء إيران”، في إشارة إلى رفض تصرفات النظام الحاكم في طهران والإصرار على مساندة الاحتجاجات التي شهدتها بعض المدن عقب مقتل الشابة الإيرانية مهسا أميني.
قادت الصدفة أن تكون المواجهة على أرض قطر التي تستضيف المونديال، وتحتفظ في الوقت نفسه بعلاقات جيدة مع كل من الولايات المتحدة وإيران، ومن مصلحتها أن تخرج المباراة في هدوء وسلام، وتتمنى ألا يكون هناك فائز أو مهزوم، حيث تنشد الخروج بنتيجة التعادل في الرياضة والسياسة.
يصب التعادل في صالح الفريق الإيراني ويبعد تماما نظيره الأميركي عن الاستمرار في المنافسة، ويعكس ذلك حقيقة انحيازات الدوحة التي تبدو غير بعيدة عن طهران.
قد تكون للرياضة طقوسها فيما يتعلق بالمحبة والتسامح والوئام، إلا أن بطولة كأس العالم في قطر كشفت بوضوح عن وجه سياسي ظل الكثيرون في الفيفا يتجاهلونه أو يحاولون التغطية عليه حتى جاءت الأزمة الأوكرانية وتم إقصاء المنتخب الروسي عمدا من تصفيات كأس العالم احتجاجا على تدخل روسيا العسكري في الأراضي الأوكرانية.