مسيرة حافلة بالإنجازات والوعود المتحققة الراحل إيليا نُقُل... من راتب متواضع إلى كيان
مسيرة حافلة بالإنجازات والوعود المتحققة
الراحل إيليا نُقُل... من راتب متواضع إلى كيان اقتصادي عملاق
تجربة مميزة في العمل والعطاء رسم خطوطها رجل الأعمال إيليا نُقُل رحمه الله، والذي يعتبر أحد أعمدة التجارة والصناعة في الأردن، والذي رحل عن الدنيا بجسده فيما لم يغب عنها بما تركه من إنجازات اقتصادية وخيرية، استحق بفضلها العديد من الجوائز والإشادات العربية والعالمية، التي كان آخرها وسام مئوية الدولة الأولى الذي أنعم عليه به جلالة الملك عبدالله الثاني لإسهاماته في دعم الاقتصاد الوطني وخدمة الأردن عبر عمل شركات مجموعة نُقُل المؤلفة من 20 شركة محلية وإقليمية وعالمية.
هذا الرجل، لم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب، فقد كان طريقه مليئاً بالتحديات التي تغلب عليها حتى حقق نجاحاً كبيراً؛ حيث أصبح بشغفه وقدرته على تحديد الفرص الواعدة واغتنامها، واحداً من أهم رجال الأعمال على مستوى المملكة والمنطقة برمتها، مسطراً قصة كفاح تلهم الأجيال مع الكثير من العبر والدروس الحياتية والمهنية، والتي يمكن اعتبارها بمثابة دليل وخارطة طريق لكل باحث عن النجاح.
بدأ الراحل إيليا نُقُل مشواره مع اثني عشر ديناراً تقاضاها كأول راتب له لدى التحاقه بالعمل لدى شركة "قطان والعملة"، وإثر تخليه عن منحته الدراسية التي استحقها من الجامعة الأمريكية في بيروت، بعد أن بددت الهجرات المتتالية من الرملة إلى السلط أحلامه بدراسة الهندسة، ودفعته لإعالة أسرته.
ولأنه كان مؤمناً بأن النجاح أمر ممكن تحقيقه فقط لمن أراد ذلك وسعى إليه، لم يعجز الراحل عن إيجاد طريقه للخروج من حلقة العيش الضيقة؛ حيث استطاع أن يحصل في العام 1952 على رخصة لاستيراد وتوزيع المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية، مؤسساً شركة نُقُل إخوان - التي تحولت فيما بعد لشركة عائلية.
ومن قلب مستودع صغير في سوق السكر، أضاء الراحل شعلة تطور مسيرته بعد أن لمعت في ذهنه فكرة إنتاج الورق الصحي وتقديمه للمنطقة قبل غيره، فأسس شركة فاين عام 1958، وانطلق بعدها نحو التوسع الإنتاجي والجغرافي خارج حدود المملكة. وقد شهدت فترة السبعينيات والثمانينيات افتتاح مصانع وشركات تعمل في العديد من القطاعات، منها السيارات، والقرطاسية، والإنشاءات، والتغليف، والطباعة، والأغذية، ولاحقاً البنوك، والتأمين، وغيرها، والتي لا تزال تشكل بمجملها امبراطورية صناعية متينة القواعد والبنيان.
ولأن الطموح لديه كان أكبر من أية إنجازات تحققت، مع تطلعات نحو الاستدامة عبر الأجيال القادمة للعائلة، وتسليمها إرث نُقُل لمواصلة البناء والتقدم، فقد كان التوجه نحو فصل الملكية عن الإدارة وحوكمة ومأسسة العمل في عام 2004.
واليوم، توظف مجموعة نُقُل حوالي 4500 موظف وموظفة موزعين في أسواقها المتعددة عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك من خلال كيانين رئيسيين هما: مجموعة "الأحفاد" التي تضم العديد من الاستثمارات في قطاعات مختلفة، ومجموعة فاين الصحية القابضة التي باتت من المجموعات الرائدة عالمياً في مجال الصحة العامة وصناعة الورق الصحي، والتي تسير قدماً نحو الإدراج في السوق المالي العالمي بقيادة الابن الأكبر للراحل، غسان نُقل الذي يتولى رئاسة مجلس إدارة المجموعة، والذي ينوب عن والده في رئاسة مجلس إدارة مجموعة نُقُل.
وبرغم انشغالاته المهنية، إلا أن الراحل ظل مهتماً باحتياجات أبناء المجتمع الأردني، فحرص على مد يد العون لهم بما يسهم في تمكينهم بشكل فاعل. واستكمالاً لما كان يقدم للمجتمع، قامت العائلة بتأسيس مؤسسة إيليا نُقُل عام 2008 لتعمل كذراع للأعمال الإنسانية للعائلة بالتركيز على المنح الدراسية التي تختتم بتوظيف 73% من المستفيدين منها، فضلاً عن إطلاق العديد من البرامج التنموية الرائدة الهادفة لتقديم حلول مستدامة لمواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية، ومن أبرزها برنامج "خير الكورة" الذي ركز على الجانب الاقتصادي وتمكين المرأة في لواء الكورة، والذي تم تسليمه للمستفيدات منه بكامل أصوله، متبوعاً ببرنامج "أكاديمية فاين" التدريبية التي تُعنى بردم الفجوة بين التعليم ومتطلبات سوق العمل في مجال سلاسل التوريد والتزويد.
ومع استمرار عمل مجموعته، فإن المتمعن يدرك من سيرة رجل الأعمال العصامي إيليا نُقُل، الذي حقق وعده لوالده ووالدته بالاهتمام بكافة أفراد عائلته وإعالتهم وبناء اسم يفتخر به أبناؤه من بعده، ولزوجته بتوفير حياة كريمة لأبنائه، بأن لا شيء مستحيل.
-انتهى-