مدير الضمان إذ يتورط في ملف التأمين الصحي والحكومة تنسحب..!
معلومة تأمينية رقم (330)
( حقّك تعرف عن الضمان )
مدير الضمان إذ يتورط في ملف التأمين الصحي والحكومة تنسحب..!
عاد مدير عام مؤسسة الضمان الاجتماعي للحديث مجدّداً عن التأمين الصحي الاجتماعي، لكنه هذه المرة عدّل في السيناريو المطروح للتأمين ربما للمرة الثالثة أو الرابعة، فها هو يعلن بأن المؤسسة ماضية نحو تطبيق هذا التأمين بدون مشاركة الحكومة، وأن نسبة الاقتطاع عن هذا التأمين ستكون (5%) من أجور العاملين المؤمّن عليهم، موزّعة بين المؤمّن عليه (3%) والمنشأة التي يعمل لديها (2%)، أما الحكومة فترفض أن تدفع شيئاً..!
مدير الضمان لم يتحدث هذه المرة عما ستتحمله مؤسسته، كما كان يتحدث سابقاً بأن التأمين سيكون مدعوماً من فائض صندوق تأمين إصابات العمل، فهل تم إسقاط هذا الخيار بعد أن ثبت عدم قانونيته أم أن في الموضوع أموراً أخرى وخفايا لا نعلمها..؟!
إذن فالحكومة رفضت المساهمة في كلفة تطبيق التأمين الصحي الاجتماعي بأي نسبة، وهذا ما كنت أتوقعه لا بل ذكرته في أكثر من منشور سابق، ما يبدو أن الحكومة غير راضية عن السيناريو المقترح من الضمان، وأنها لا تريد أن تتورط في موضوع شائك ومعقّد وله تداعيات كثيرة مستقبلية أو أن الفكرة غير ناضجة وغير مقنعة كما تطرحها مؤسسة الضمان..!
السؤال المطروح الآن في ضوء ما آلت إليه الأمور وبعد أن ذهبت وعود ومواعيد مدير الضمان لتطبيق هذا التأمين أدراج الرياح؛ هل يستطيع مدير عام مؤسسة الضمان أن يمضي قُدُماً في هذا المسار بعدما تبين له من ثغرات كبيرة وعدم الرضا الحكومي الذي يبدو واضحاً من رفض الحكومة المساهمة بتمويله بأي كلفة من طرفها، وهل يستطيع إقناع منشآت القطاع الخاص وأصحاب العمل بتحمّل كلفة جديدة على اشتراكات عمّالهم بالضمان، ثم كيف لمدير عام الضمان أن يعلن لمرات عديدة سابقة بأن الحكومة ستساهم بنسبة معينة من كلفة التأمين دون أن يحصل على موافقتها الصريحة على ذلك، هل تشاور معها سابقاً ووافقت ثم تراجعت وانسحبت..؟! من حقنا أن نفهم..
بالأمس الأول اجتمعت لجنة الصحة والبيئة النيابية مع مدير الضمان، وأعلن في اللقاء أن المؤسسة ماضية نحو تطبيق التأمين الصحي بدون الحكومة، ما يُفهَم من كلامه أن عدم إسهام الحكومة لن يؤثر على هذا المسار، وربما ينطوي حديثه على نوع من اللوم للحكومة على تراجعها، وهو ما حدا به في لقاء إعلامي آخر لوصف التأمين الصحي الاجتماعي بأنه حلم..!
يبدو أن علاقة مدير عام الضمان مع الحكومة لم تعد على ما يُرام، وأن رضا الحكومة عن سيناريو التأمين الصحي المقترح من الضمان يكاد يكون معدوماً، ولهذا فإن الصعوبات التي ستواجه مؤسسة الضمان إذا ما أصرّت على المضي في هذا الطريق ستكون كبيرة ومرهقة بعد أن سحبت الحكومة يدها تماماً من الموضوع..!
سيتحمل مدير الضمان مسؤولية ثقيلة جداً سواء استطاع تطبيق التأمين الصحي أم لم يستطع فهو كبالع الموس عالحدّين، ففي حال استطاع فإن مسؤوليته عن أي إخفاق في التطبيق ستكون كبيرة وسوف يتعرض للمساءلة والمحاسبة، وفي حال لم يستطع تطبيق التأمين فسيتعرض للمساءلة من جمهور واسع من مشتركي ومتقاعدي الضمان على وعوده التي لم تكن في مكانها، وعلى إخفاقه في طرح سيناريو مدروس ومتوازن لتطبيق هذا التأمين..!
في تصوري فإن مدير الضمان تورّط في ملف شائك وزادت ورطته تعقيداً بعد انسحاب الحكومة من الموضوع، وبات المدير وحيداً وسط أشواك حادّة فلا هو قادر على الاستمرار بخطوات ملموسة إلى الأمام ولا هو قادر على التراجع والانسحاب، ويبدو أنه سيغادر منصبه بعد أقل من خمسة شهور دون أن يتمكن من اختيار أي المسارين وربما هو طوق النجاة الوحيد لخروجه من الورطة بأقل الخسائر..!
(سلسلة معلومات تأمينية توعوية بقانون الضمان نُقدّمها بصورة مُبسّطة ويبقى القانون والأنظمة الصادرة بمقتضاه هو الأصل - يُسمَح بنقلها ومشاركتها أو الاقتباس منها لأغراض التوعية والمعرفة مع الإشارة للمصدر).
خبير التأمينات والحماية الاجتماعية
الإعلامي والحقوقي/ موسى الصبيحي