نقضت محكمة التمييز قرارا لمحكمة الأمن العام، يقضي بإعدام شرطي برتبة رقيب في قوات الدرك، وتنزيل رتبته الى شرطي وطرده من الخدمة في جهاز الأمن العام، بعد إدانته بتهمة القتل العمد لقتله عشيقته دهسا، إثر تهديدها له بافتضاح أمر علاقتهما في حال رفض الزواج منها.
وعللت التمييز نقضها القرار، لعدم قيام محكمة الأمن العام بالسماح لوكيل الدفاع بمناقشة شاهد نيابة كان عضوا في لجنة التحقيق مع المتهم، باعتباره من ضمن اللجنة التي استمعت وضبطت أقوال المتهم الأولية، وتم الاستماع لشهادته أمام المدعي العام، وورد اسمه ضمن قائمة بينات النيابة العامة
وأشارت محكمة الأمن العام، في قرارها، إلى عدم جواز دعوته وسماع أقواله كشاهد للحق العام، كونه رئيس هيئة التحقيق وهو جزء من النيابة العامة، ولا يجوز سماع شهادته بأي حال من الأحوال، وصرفت النظر عن دعوته، فيما اعترض الدفاع على ذلك وتمسك بمناقشته.
ووجدت "التمييز” أن القانون لم يمنع عضو أو رئيس هيئة التحقيق التي تجري التحقيقات الأولية باعتبارها ضابطة عدلية من أن يكون شاهداً للحق العام للشهادة على سلامة الظروف التي أدلى بها المتهم بأقواله الأولية أو أي واقعة أخرى تم الاطلاع عليها أو ضبطها، وبذلك فإن عدم سماع الشاهد المذكور، وتمكين الدفاع من مناقشته مخالف للقانون، ما يجعل القرار المميز سابقاً لأوانه لعدم اكتمال سماع شهود النيابة العامة وسبب الطعن يرد عليه ويتعين نقضه دون البحث في باقي الأسباب في هذه المرحلة.
كما بينت أن طلب النيابة العامة بتأييد الحكم كونه مميزاً بحكم القانون يغدو سابقاً لأوانه أيضاً.
وكانت محكمة الأمن العام خلصت الى وقائع الجريمة بأن المتهم يعمل في قوات الدرك، وأثناء إجازته يقوم بالعمل مقابل أجرة على مركبته، وأثناء عودة المغدورة من مكان عملها في ناعور للتوجه إلى منزلها، شاهدت مركبة المتهم وقامت بالتأشير له وصعدت بالمركبة من أجل إيصالها إلى منزلها القريب من عمان، وأثناء مسيرهما تبادلا الحديث وتم تبادل أرقام الهواتف فيما بينهما من أجل توصيلها إلى منزلها في حالة عدم عثورها على المركبات.
ونشأت بينهما علاقة غرامية واستمرت الاتصالات واللقاءات بينهما بشكل متواصل في أحد المنازل، وكان يعاشرها معاشرة الأزواج، وكانت المغدورة تطلب منه التقدم لخطبتها من أهلها، ووعدها المتهم بذلك إلا أنه أخذ بالمماطلة، وقامت بالتواصل معه على برنامج "واتس أب” طيلة ذلك الوقت، وطلبت منه الزواج ولو لشهر واحد لإصلاح غلطته معها.
غير أن المتهم طلب منها الانتظار لحين فسخ الخطبة من خطيبته، لكن المتهم أخبر المغدورة أنه سوف يغادر إلى المملكة العربية السعودية لأداء مناسك العمرة، وبالفعل وبتاريخ 10/1/2018 توجه المتهم برفقة والدته وزوجته لأداء مناسك العمرة، وأثناء تواجده هناك كانت المغدورة تتصل به مرات عدة إلا أنه لم يقم بالرد عليها، وسبب له ذلك ضغوطاً نفسية كونها قامت بتهديده بإبلاغ أهلها وأهله بما حصل بينهما.
وأدى ذلك إلى شعور المتهم بالخوف والقلق من افتضاح أمره أمام أهله وزوجته، فبدأ بالتخطيط لمشروعه الإجرامي للتخلص منها عن طريق دهسها في الطريق العام وهو يعلم ويعرف المكان الذي تتواجد فيه صباحاً، والوقت المعتاد لذهابها إلى مجمع باصات بين الساعة السادسة والسادسة والنصف صباحاً.
وحسب الوقائع، فإن المتهم استيقظ باكراً لتصميمه على تنفيذ مشروعه الإجرامي وتوجه من مكان سكنه القريب من مكان سكن المغدورة لعلمه اليقيني بأنها سوف تكون موجودة في ذلك المكان كالمعتاد لتذهب إلى مكان عملها، وعند مشاهدته لها قام بالالتفاف بواسطة مركبته وزيادة سرعة المركبة، وقام بدهسها من الخلف من الجانب الأيمن بواسطة مقدمة مركبته، ما أدى إلى تحطيم زجاج مركبته الأمامي.
ومن ثم غادر إلى منزل عديله وأخذ منه مبلغ (450) ديناراً وتوجه إلى محل لزجاج السيارات والواقع في منطقة الإذاعة والتلفزيون واستبدل الزجاج المكسور بزجاج جديد وكذلك التوجه إلى كراج في منطقة ماركا، وقام بدهان المركبة بشكل كامل لإخفاء معالم جريمته، فيما بقيت المغدورة تنزف في الشارع العام إلى أن تم إسعافها بواسطة الدفاع المدني إلى المستشفى وتبين أنها فارقت الحياة.
وبعد تشريح الجثة من قبل الطب الشرعي، علل سبب الوفاة بالإصابات الرضية الشديدة والنزف الدماغي، وأن المغدورة تلقت الضربة من الخلف إلى الأمام، أي أن الظهر مقابل مقدمة المركبة، وجرت الملاحقة وقام المتهم بالدلالة على مكان تغيير الزجاج عن طريق رجال الشرطة، وتعرف على لوح الزجاج الأمامي المكسور العائد لمركبته، وتم تحريزه وإرساله إلى المختبر الجنائي الذي ثبت من خلال التقرير الفني أنه يعود لمركبة المتهم وكذلك الحال بالنسبة لمحل الدهان.
وثبت للمحكمة أن الطقس في يوم الواقعة كان صحواً ولم تكن هناك أمطار أو ضباب، كما ادعى المتهم، كما ثبت أن المغدورة قد أخبرت والدتها بأنها خائفة من المتهم كونه كان يراقبها في الفترة السابقة للواقعة وقبل ذهابه إلى أداء مناسك العمرة، كما أن المتهم وعند استجوابه أعطى روايات متناقضة عدة، حيث اعترف في بعضها بقيامه بقتل المغدورة عامداً متعمداً للتخلص من الخوف الذي لازمه بسبب قيامه بإقامة علاقة جنسية معها وخوفه من انفضاح أمره ثم عاد وادعى أنه قام بدهسها عن طريق الخطأ