لماذا تقترض الشركات المساهمة العامة من البنوك..؟
المركب
من الغايات الاساسية لفكرة الشركات المساهمة العامة هي تجميع الاموال من عدد كبير من المساهمين لانشاء استثمار معتمد على نفسه ماديا ! ودراسات الجدوى المعدة من قبل اللجنة التأسيسية للشركات من مهامها اعداد كشوفات التدفقات النقدية المتوقعة للمشروع والتي تعتمد في بنود الانفاق فيها على حجم النقد المتاح والمتوفر والذي هو راس المال المتعلق بالشركة .
وبينما نستعرض معظم الشركات المساهمة العامة حاليا نرى انها حالما تباشر نشاطها تلجأ الى البنوك لتمويل مشاريعها ؟؟
حسنا !! اذا كان راس المال الذي تم تأسيس الشركة به ، وهو يعتبر اهم ركائز الشركة غير كاف اصلا للنشاط منذ البداية ! فلماذا لم يتم طرح المشروع برأس المال المناسب ؟
ان معظم الشركات في سوق عمان المالي تعاني من الاقتراض بكافة بنوده واشكاله التجاري منه والاسلامي حيث ان ربحية الشركات تتلاشى ما بين الفوائد البنكية ومصاريف خدمة الدين والمصاريف المرتبطة من عمولات ورسوم رهن وفوائد تأخير وتطول القائمة !!
صارت البنوك شريكة في معظم الشركات وليست منافسة للمساهمين المغلوبين على امرهم فقط بارباح الشركة بل مشارك رابح له الاولوية سواء خسرت الشركة او ربحت فلابد ان ياخذ فوائده بغض النظر عن المسميات .
البنوك مهمة في الاقتصاد وللشركات ولكن في حالات الشركات المساهمة العامة يجب ان يقتصر دور البنك على الكفالات والاعتمادات البنكية والعمليات المرتبطة بالصرف والايداع ورواتب الموظفين والحوالات البنكية ....
قد يقول قائل ان الشركات قد تحتاج لتمويل ناجم عن البيع الآجل ( اي قروض مغطاة بالشيكات الاجلة ، او مقابل اعتمادات واردة ) او غيره من الاشكال المرتبطة بتوفر مصادر الدخل المتوائمة مع التمويل والمناسبة لتسديده بحيث تتناسب الاقساط مع فترات تحصيل الشيكات او مع ورود مبالغ الاعتمادات الواردة .... وهنا قد اشاركهم الرأي في ان ذلك قد يسهم في توفير نقد ضروري للصرف على المشروع الذي سيولد النقد اللاحق والذي سيحقق للشركة الربح الناتج عن الفرق ما بين التدفقات النقدية الواردة والتدفقات النقدية الخارجة بما في ذلك الفوائد والمصاريف البنكية ( اي ان كلفة الفوائد والمصاريف البنكية يتم دفعها فعليا من قبل المشتري الذي خصص المشروع لأجله ) ... ولكن ذلك يعتمد دائما على قدرة المدير المالي للشركة على اعداد دراسة جدوى مخصصة لكل مشروع على حدى يتضمن بشكل اساسي كشف التدفقات النقدية ، ويعتمد على نسبة تحصيل الشيكات الاجلة في حالة البيع الآجل .... الأمر الذي لا اعتقد انه يتم ايلائه الاهمية الكافية بل يعتمد على العشوائية واتخاذ القرارات المتسرعة وفق سلطوية من بعض اعضاء مجالس الادارة الذين يفرضون رايهم على المدير المالي الذي ان لم يتحلى بشخصية قوية فانه سيكون مجرد موظف همه الاول والاخير قبض مرتبه في نهاية الشهر .
القروض البنكية تيار جارف ان لم يتم التعامل معه بحذر ، وهي اسباب معاناة بل ودمار كثير من الشركات التي تستسهل الحصول على النقد لتمويل كل شيء ابتداءا من رواتب الموظفين حتى مصاريف سفر المسؤولين .
كل ما ورد اعلاه افترض اصلا حسن النية لدى الادارات ، اما على الجانب الاخر فان الحصول على قروض بنكية سهلة يشجع ذوي النفوس المريضة على التحايل بطرق شتى لاستغلال هذا النقد لاغراض شخصية وما اسهل الاقتراض ... وما اصعب التسديد !
نعود لنعيد الجزء المهم : الشركات المساهمة العامة يتم انشائها اصلا لغايات تجميع المال اللازم لتنفيذ الشركة للغايات المعدة من قبلها ، وتحديد النشاط للشركة يمنع التوسع العشوائي ويمنع الصرف في مجالات ليس لها علاقة بغايات الشركة ، اذ ان العديد من الشركات صارت ترى انه بامكانها استغلال النقد في شراء عقارات او اسهم او استثمارات اخرى ، وابتعادها عن غاياتها هو بداية الفشل !
بعض اسباب تعثر الشركات في البنوك ( في الحالات الاعتيادية وليس الظروف القاهرة ) :
- عدم موائمة التدفقات النقدية للشركة مع الاقساط وتراكم الفوائد
- عدم استغلال التسهيلات للغاية التي منحت لاجلها .
- الاقتراض قصير الاجل لتمويل استثمارات طويلة الأجل .
- التوسع غير المدروس في الاقتراض
- عدم توافق شكل التسهيلات البنكية مع الغرض منها ( كان تأخذ جاري مدين لتمويل بناء مصنع بدلا من قرض طويل الأجل )
- عدم تناسب عملة التمويل مع عملة التسديد
- عدم وجود مبرر اصلا للاقتراض
الاقتراض من البنوك للشركات المساهمة العامة هو خطأ غير مبرر في 90% من الحالات .... وما دامت اصحاب الادارة في الشركة يرغبون بالاقتراض اصلا فما الداعي لتأسيس شركة مساهمة عامة وتجميع اموال الناس !! فليؤسسوا شركة خاصة وليقترضوا ما شاءوا