البيان الختامي للمؤتمر الدولي حول : التصوف الراشد : جذوره، أفاقه ودوره في بناء الحضارة الإنسانية
البيان الختامي للمؤتمر الدولي حول :
التصوف الراشد : جذوره، أفاقه
ودوره في بناء الحضارة الإنسانية
المنعقد في الثامن عشر من أيلول في عمان18 /9/2019
بالتعاون بين المنتدى العالمي للوسطية ومنتدى الفكر العربي
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا الأمين وعلى جميع أنبياء الله المكرّمين.. وبعد ..
فقد عُقِدَ في عمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية في الثامن عشر من شهر /أيلول/ لعام 2019 م الموافق الثامن عشر من /محرم/ من سنة 1441 للهجرة، مؤتمراً دولياً حوْل “التصوف الراشد: جذوره، آفاقه، ودوره في بناء الحضارة الانسانية”، وذلك بالتعاون بين منتدى الفكر العربي في عمان والمنتدى العالمي للوسطية ، وقد لبّى الدعوة لحضور هذه الندوة وللإسهام الفاعل فيها بالإتجاهات والأوراق العلمية عدد من مفكري الأمة الأسلامية وعلمائها من كُل من الأردن، واليمن، والسودان، والعراق، والمغرب، وتركيا، والهند، ونيجيريا، فكان مناسبة كريمة التقت فيها وساهمت في تحقيق قُصاراها من الأثر الطيب والعلم النافع نُخبةٌ من الدارسين والمفكرين الذين توفروا على موضوع المؤتمر بحثاً وتحليلاً، تحت عنوانات ذات أهمية قصوى،: على النحو التالي : "التصوف بين الروحانيات والماديات والتوظيف السياسي (التصوف والسياسة) و "التصوف والأبعاد النفسية" و "التصوف وأثره في تربية المجتمع والفرد (التصوف والأخلاق) و "التصوف في الأردن والعلاقة مع التيارات الإسلامية الأخرى" و "التصوف"رؤية من زاوية مختلفة " و " التصوف الراشد ودوره في الحفاظ على هوية الأمة (الحركة المهدية أُنموذجاً) " و " التصوف والسلام العالمي : رؤية إنسانية " و "صدى فكر التصوف في بلاد الغرب" و الدور الحضاري للتصوف الإسلامي " و " من أعلام التصوف: جلال الدين الرومي" و " من أعلام التصوف: عبد القادر الجيلاني (المدرسة الجيلانية)" و " البعد الجواني في الاسلام في فكر طه عبد الرحمن " و " دور التصوف في الإبداع الحضاري (عائشة الباعونية انموذجاً"
وقد قدم اوراق هذه البحوث الاساتذة الأفاضل : الامام الصادق المهدي رئيس المنتدى العالمي للوسطية من السودان والدكتور محمد كورماز وزير الشؤون الدينية الأسبق من تركيا والسيد ابراهيم خليل البخاري رئيس جامعة معدن للثقافة الإسلامية من الهند، والدكتور قحطان الدوري استاذ الفقه وأصوله في جامعة العلوم الإسلامية سابقا من العراق الدكتور عبد الفتاح اليافعي المشرف العام على مركز الخيرات العلمي الدعوي من اليمن، والدكتور عبد المحمود أبّو الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار من السودان، والدكتور عبد الرحمن ذاكر الهاشمي الطبيب الاستشاري في العلاج النفسي من الأردن، والشيخ رافع الرفاعي مفتي الديار العراقية، والدكتور محمد زاهد جول مدير مركز شرقيات للبحوث من تركيا، والدكتور عبد الله الكيلاني عميد كلية دراسات الاسلام في العالم المعاصر سابقاً من الاردن، والأستاذ ابراهيم العجلوني المستشار الثقافي في المنتدى العالمي للوسطية من الأردن، وسماحة ، والدكتور عبد الرحمن حسن أحمد استاذ التفسير وعلوم القرآن من السودان ، والدكتور عبد الفتاح الزئبقي استاذ التعليم العالي في جامعة الحسن الثاني من المغرب، والدكتور عزمي طه السيد أحمد استاذ الفلسفة في جامعة آل البيت سابقاً من الأردن، ، ، والدكتورة إنصاف المومني الأستاذة الجامعية من الأردن.
وقد كانت أوراق المؤتمر الخمس عشرة هذه حول التصوف الاسلامي موضع مناقشة مستفيضة وحوار عميق بين المشاركين في الندوة.
ثم خلُص المؤتمرون الى جملة من التوصيات أهمها التالية :
أولاً:
توكيد أهمية معرفة حقيقة التصوف الأسلامي بما في ذلك تأصيل مفهومه بالكتاب والسنة وبيان أشكاله ومذاهبه.
ثانياً:
ضرورة تعزيز معنى الأعتدال في التصوف والإبتعاد به عن ما يشوه وجهه الكريم من ممارسات.
ثالثاً:
التحذير من توظيف التصوف سياسياً من جهه، ومن إنزوائه بعيداً عن الحياة من جهة أخرى.
رابعاً:
توكيد مساهمة المتصوفة في نشر الاسلام في أبعاده الروحيه والأخلاقيه في أنحاء الأرض، وفي نشر تعاليمه السمحه بين الشعوب.
خامساً:
توكيد الدور الحضاري المطلوب للتصوف قياساً على ما كان من أثاره االسابقه في المدنية الإسلاميه وسائر المدنيات.
سادساً:
ضرورة ترجيح جانب الإنخراط والتماهي في المجتمعات الإسلامية وقضايا الأمة المعاصرة وخاصة قضية فلسطين وقضايا الحريات والديمقراطية والإنحياز إلى الأمة في مواجهة كل أشكال البغي والطغيان والتعسف في استخدام السلطة لدى الحركات الصوفيّة على جانب الاعتزال والإنغلاق.
سابعاً:
بيان أن "التصوف الحقيقي" المنطلق من الكتاب والسنة والأخلاق العاليه التي تَمثّلها الصحابة والتابعون لا بد أن يكون تصوفاً راشداً ومسؤولاً وبنّاءً وداعياً الى السّلام الذاتي للأفراد والمجتمعات والسلام الإنساني العام، ورافضاً لكل ألوان التطرف المذهبي أو الديني.
ثامناً:
ضرورة تنادي الطرق الصوفية الى مؤتمر مراجعات نقدية يحدد إيجابيات التصوف وسلبياته ويضع خريطة طريق لدور التصوف في نهضة الأمة وفي بناء الحضارة الإنسانية.
تاسعاً:
توكيد دور التصوّف بصفة كونه قوة ناعمه للإسلام تستطيع أن تنشر الإسلام بالحسنى والخُلق في أقطار الأرض كافة.
عاشراً:
بيان أن تغييبَ العقل وتجاوز الشريعة مرفوضان في التصوف الراشد.
حادي عشر:
بث العلم والوعي في صفوف المنتمين إلى منهج التصوف وذلك بتوجيههم إلى العلم الصحيح المبني على نصوص الكتاب والسنة، وعدم التعصب والغياب في قضايا الأحلام والرؤى والكرامات والبعد عنه والتقليد المذموم كما أوصى بذلك الإمام الجنيد رحمه الله تعالى.
ثاني عشر:
أن يقوم العلماء المؤهلون المتضلعون بتنقية وتصفية هذا الفكر وتراثه مما علق فيه مما لا يثبت عند البحث والتمحيص تحقيقاً للتجديد الذي جاء في الحديث الصحيح.
ثالث عشر:
توجيه المنتسبين لهذا المنهج ليكونوا مؤثرين ومصلحين وقدوة صالحة في مجتمعاتهم وليحيوا هذا الطريق المبني على (تزكية النفوس) ويدعوا الناس إليه على علم وبصيرة دون إفراط في تعظيم المشايخ أو إدّعاءِ عصمة لهم وأنهم لا يخطئون، فالإمام مالك رحمة الله تعالى يقول: (كل أحد يؤخذ من قوله ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر صلى الله عليه وسلم).
رابع عشر:
بيان أنه ينبغي علينا، في عالم اليوم الذي تشيع فيه منظومة حقوق الإنسان بإرادة من الشعوب، أن نحقق أعلى درجة من التعايش بين مذاهب المسلمين، وبين أتباع الأديان وبين الثقافات والحضارات، بصفة ذلك كله دوراً بالغ الأهمية للتصوف الراشد في بناء الحضارة الإنسانية.
خامس عشر:
توكيد الدور التاريخي الكبير للتصوف في الإصلاح الإجتماعي وفي قيادة صفوف المجاهدين المتصدين للعدوان الخارجي على الأمة، وفي الوقوف في وجه الإستعمار، على نحو ما كان في الجزائر والمغرب وليبيا والسودان وغيرها من ديار الإسلام.
سادس عشر:
ضرورة الإتفاق على خطاب إسلامي جامع يستجيب لكل مطالب الفطرة الروحية والإجتماع والعقل الإنسانيين.
ونملك أن نقول في خاتمة هذا البيان أن هذا المؤتمر الذي أُقيم بالتعاون مع منتدى الفكر العربي الذي يشرف برعاية سمو الأمير العالم الحسن بن طلال أدامه الله ورعاه، والذي قُيّضَ له بحمد الله نجاح المسعى بما اشتمل عليه من بحوث وحوارات، وما انتهى إليه من توصيات إنما هو خطوة آخرى يخطوها المنتدى العالمي للوسطية بالتعاون مع منتدى الفكر العربي لمزيدٌ من التنوير والوسطية والاصلاح .. والله من وراء القصد ..
والحمد لله رب العالمين..