خال الزميل جمال ورضا عليان في ذمة الله   |   ترحيل مليون و800 ألف من غزة.. تفاصيل جديدة حول خطة ترامب   |   رسميا... الحكومة تحدد أيام عطلة عيد الفطر   |   الرواشدة يكتب....! الاقتصاد السوري يحتاج إلى عملة جديدة   |   تحت عنوان 《بصمة الخير》...جمعية "الإخاء الأردنية العراقية" تعقد لقاءها السنوي    |   سامسونج تُحدث نقلة نوعية في تجربة الذكاء الاصطناعي مع إطلاق هواتف 《Galaxy A56 5G》و《Galaxy A36 5G》 و 《Galaxy A26 5G》   |   تعلن جامعة فيلادلفيا عن حاجتها لتعيين: - محاسب / الدائرة المالية   |   انتخابات نقابة مقاولي الإنشاءات الأردنيين: لحظة حاسمة في رسم مستقبل القطاع   |   الشركة الأولى لخدمات الفعاليات والمؤتمرات تحتفل بـعيدها العشرين من الريادة في صناعة الفعاليات في الشرق الأوسط   |   والد الزميلة الاعلامية رانيا حداد في ذمة الله   |   أورنج الأردن تطلق جائزة 《ملهمة التغيير》 بنسختها الرابعة بدعم من كابيتال بنك وبالشراكة مع جمعية إنتاج   |   يس جامعة فيلادلفيا يهنئ الأكاديميات والإداريات بمناسبة يوم المرأة العالمي ويشيد بدورهن في الجامعة   |   واشنطن بوست: أدلة تثبت تورط شركة أسلحة تركية بتأجيج حرب السودان   |   جامعة فيلادلفيا تشارك في حفل تخريج الفوج السادس عشر من طلبة الدبلومات التدريبية   |   جمعية معهد تضامن النساء الأردني تواصل جهودها من خلال مشروع "متحدون" للوقاية من العنف ضد النساء والفتيات   |   كتلة المقاول الأردني .. زيارات من كبار المقاولين وحضور للمؤازين وخلية عمل نشطة   |   مسيحي أردني على مائدة الإفطار الرمضانية الإسلامية السعودية في الأردن   |   انتخابات نقابة مقاولي الإنشاءات: وعيٌ متزايد ومفاجآت تلوح في الأفق    |   سلسلة 《Galaxy Buds3》تمنح المستخدمين تجربة صوتية متناغمة مع سلسلة 《Galaxy S25》   |   أورنج الأردن تشارك فيديو يسلط الضوء على أهم فعالياتها لشهر شباط والتي تضمنت عدداً من الأحداث المميزة والأنشطة المختلفة   |  

أبوغزاله عاد الى المدرسة.. فمن يقرع الجرس؟..بقلم برهان الأشقر


أبوغزاله عاد الى المدرسة.. فمن يقرع الجرس؟..بقلم برهان الأشقر

على مقاعد هذه المدرسة أظهر موهبةً استثنائيّة، عرف أساتذته يومها أنّ هذا الطالب لا يشبه سواه، وأنّه يوماً سيكتب تاريخ المدرسة، وسيحفر اسمه في سجلاّتها بحروف من ذهب. كان للمدرسة ما أرادت، طالباً نجيباً تخرّج من صفوفها، طالباً وفياً يذكر دوماً أنّ على مقاعدها تعلّم الحرف والجمع والحساب، أصبح أبا المحاسبين العرب، ومنها اكتسب المعرفة أصبح عامل معرفة، لقب يفخر به.. تعلّم من أساتذته أنّ طلب العلم لا ينتهي عند أبواب المدرسة، هو تلميذ الكتب والحياة وتجربة عمر مديد كلما اعتقدت أنّك عرفت عنها الكثير، تكتشف أنّ هناك أكثر.

 

المناسبة كانت زيارة الى مدرسة المقاصد الإسلامية ولقاء بعض تلاميذها، يحلم معظمهم أن يصبح يوماً طلال أبوغزاله، لا شيء مستحيل، أبوغزاله نفسه كان يحلم، حدث هذا في خمسينيات القرن الماضي في بيروت، حين جلس على مقاعد الدراسة في مدرسة المقاصد، والتقى يومها بصديق عمره محمد السمّاك.

 

كانا اثنين ثالثهما منقوشة، يخبر د. طلال أنّ منقوشة الزعتر زاده اليومي سُرقت يوماً، دعاه زملاء الدراسة يومها إلى الغداء، رفض بحجّة أنّه أكل، نظر إليه صديقه الذي سرق المنقوشة، كان يعرف أنّه يتضوّر جوعاً، ويرفض الدعوة لأنّ عزّة نفسه تمنعه، عندما كبر كتب مقالاً اعترف فيه أنّه هو من سرق المنقوشة. على باب المقاصد التقيا مجدداً، أمسك أحدهما بيد الآخر، وسارا في أروقة المدرسة، ولم ينس د. طلال أن يعاتبه بمفعولٍ رجعي.

 

إلى صفّه توجّه د. طلال ممسكاً بيد رفيق دربه، دخلا إلى الصف، عقود طويلة مرّت منذ أن غادره، عاشت خلالها بيروت أيام سلامٍ فحربٍ فسلامٍ ورخاء ثم انهيار، تغيّر كلّ شيء لكن الصف بذكرياته أعاد عقارب الزمن أكثر من سبعين عاماً، حين كان طلال التلميذ النّجيب يسابق الزّمن ليثبت للمدير الذي مزّق ورقة تسجيله يوماً لأنّه لم يكن يملك المال، أنّ خطواته كانت لتقف عند هذا الحد لولا إصراره على طلب العلم رغماً عن أنف الظّروف.

 

لم يكره التلميذ طلال مديره، كان ابنه حاضراً خلال زيارته إلى المدرسة، أخبره أنّه تعلّم الدّرس الأهم في حياته من والده، ولا يزال يطبّقه في مجموعته وهو أن “ما حُفظ فرّ وما كُتب قرّ”.

 

بدهشة من لم يكتفِ من الدّهشة ولا زال يدرك قيمة التفاصيل، كان يستطلع تفاصيل المكان، هنا تشكّلت شخصيته، وهنا خطّط لمستقبلٍ عرف أنّه سيكون لامعاً، وهنا كان يقول لنفسه إنّه سيعود يوماً ليخبر أساتذته أنّ عليهم أن يفخروا لأنّ على أيديهم تتلمذ طالب نجيب، نظر إلى مديرة المدرسة وتوجّه إليها بالقول “نحنا تلاميذك.. ونحنا شاطرين”، شعرت المديرة بالإطراء، وأغرق الحاضرون بالضّحك، ضحك معهم وكانت عيناه تدمعان حنيناً، رفيق الطفولة إلى جانبه يشعر بحنين مماثل، إلى زمنٍ مضى ورفاق درب تفرقت بهم السّبل.

 

فرحة لقاء المديرة بتلميذ تخرّج من مدرستها ليصبح شخصية عالمية لم تكن عادية، جعلتها تتخبط يميناً ويساراً تريد استغلال الوقت بكل ما تستطيع لإبقائه مدة أطول قبل ان يقرع أحدهم الجرس، ولتستأذن بطلب وقت اضافي من برنامجه المزدحم، بعفوية تسألني: من تكون؟ ابتسمت وقلت لها: الآن وفي هذا المكان انا ولي امر الطالب طلال أبوغزاله، وجئنا نطمئن على وضعه في المدرسة.

 

ضحكت وقالت: وهل سيأتي مثله في الحياة! فأخطرت تطلب على عجل بعضاً من تلاميذها كانوا ينتظرونه خارجاً ليطلعوه على اخر ابتكاراتهم في الذكاء الاصطناعي والابتكار، ليثبتوا له كيف ان التلميذ المعلم طلال أبوغزاله سطّر رسالة سيخلدها التاريخ لأجيال ليتبعوا خطاه.

 

انتهى هذا اليوم التاريخي في منبر المقاصد الثقافي حيث اعتلى أبوغزاله المنبر، وهناك خلع عنه المريول ولم يخلع ذكريات ظنّ أنّ بعضها طواه الزّمن.