أقرت لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، اليوم الاحد، مشروع القانون المعدل لقانون ضريبة الدخل لسنة 2018، بعد 36 اجتماعاً، وحوارات نقاشية موسعة مع مختلف الفاعليات والقطاعات المعنية.
وأكد رئيس اللجنة النائب الدكتور خير أبو صعيليك أن حجم الإعفاءات سيبقى في حدود الـ23 ألف دينار
وقال في مؤتمر صحفي عقدته اللجنة عقب إقرارها مشروع القانون، إنه تم إجراء تعديلات جوهرية على مواد المشروع توازن بين متطلبات تعزيز الأمن المعيشي للمواطن ومواصلة الإصلاح الاقتصادي بما يضمن عدم المساس بالطبقتين الوسطى والفقيرة.
وأوضح أن اللجنة عدلت 70% من مواد مشروع القانون الحكومي، فيما أدخلت نصوصًا جديدة وشطبت مواد أخرى.
وقررت "الاقتصاد النيابية" رفع قيم الإعفاءات الموجودة في النص الحكومي ليصبح الإعفاء الشخصي 10 آلاف دينار للفرد الأعزب، و20 ألف دينار للأسر، بالإضافة إلى منح ثلاثة آلاف دينار مقابل فواتير نفقات وعلاج وتعليم وإيجار وفوائد قروض الإسكان والمرابحة، بغض النظر عن عدد أفراد الأسرة، وذلك للعام المقبل.
واعتبارا من العام 2020 وما يليه، يُمنح الأفراد إعفاء بقيمة تسعة آلاف دينار، والأسر 18 آلاف دينار، وفواتير بقيمة خمسة آلاف دينار بحد أقصى خمسة أفراد بمن فيهم الزوج والزوجة وثلاثة من الأبناء، أي ألف دينار لكل فرد من أفراد الأسرة.
وردًا على سؤال، أوضح أبو صعيليك أن "نظام الفوترة" سيتم الانتهاء منه، وإصداره بعد عام من الآن، لافتًا إلى أن مشروع القانون حدد الأطر القانونية للتعامل مع "الفوترة" وأوجب على مقدم الخدمة إصدار فاتورة، فيما يتوقع أن يُصدر مجلس الوزراء نظامًا يُحدد الإجراءات الكفيلة بتطبيق "الفوترة".
وفيما يتعلق بتعريف التهرب الضريبي، قال إن اللجنة عدلت التعريف وحصرته بمن قام بالفعل بقصد، بحيث أصبح تعريف التهرب الضريبي على النحو التالي: "استعمال أساليب احتيالية تنطوي على غش أو خداع أو تزوير أو إخفاء البيانات أو تقديم بيانات وهمية أو المشاركة في أي منها بقصد عدم دفع الضريبة أو التصريح عنها كليًا أو جزئيًا أو تخفيضها وفق ما هو محدد في هذا القانون".
كما شطبت اللجنة التعديل الوارد من الحكومة على المادة 64، "كونه يفرض ضريبة إضافية على المكلف إذا ثبت وجود نقص في الإقرار الضريبي المقدم من قبله، حيث تم الإبقاء على النص الأصلي".
وحول القطاع الزراعي، قررت "الاقتصادية النيابية" إعفاء المزارعين الذين تقل مبيعاتهم السنوية عن مليون دينار من ضريبة الدخل، وكذلك إعفاء الشركات الزراعية لمبلغ 25 ألف دينار من صافي الدخل، وإبقاء تعريف النشاط الزراعي كما هو في القانون الساري.
وبخصوص ذوي الاحتياجات الخاصة، قررت اللجنة إعفاء هذه الفئة من ضريبة الدخل مقابل فواتير لا تزيد على الفي دينار لكل شخص بعد تحديد الضوابط القانونية للمستفيدين.
كما قررت إعفاء أرباح الأسهم من ضريبة الدخل، بعد أن تبين لها تأثر قطاع البورصة والشركات العاملة بالأسهم بشكل كبير، حيث تشكل هذه الضريبة ازدواجية ضريبية.
وبالنسبة للمدعي العام الضريبي، قال أبو صعيليك إن اللجنة قررت أن يكون تعيينه بقرار من المجلس القضائي بدلًا من أن يكون بقرار من مدير عام الضريبة وذلك انسجاماً مع توجهات اللجنة الملكية لتعزيز استقلال القضاء.
وفيما يخص القطاع الصناعي، بين أبو صعيليك أن هذا القطاع يعد من القطاعات الهامة لتحفيز الاقتصاد ونظرًا لانتهاء مدة إعفاء الصادرات والتي ستبدأ مطلع العام المقبل، فإن نسبة الضريبة حسب مشروع القانون "مرتفعة"، مضيفًا "لذلك قررت اللجنة الإبقاء على النسبة التي وردت في القانون الأصلي، ومنح هذا القطاع نسب إعفاء حوافز من النسبة المحددة وبموجب نظام على أن لا تتجاوز في مجموعها خمسة بالمئة، وضرورة تضمين النظام حوافز تنموية".
وقررت اللجنة عدم إخضاع تجارة الترانزيت إلى ضريبة الدخل وإعفائها من النسبة ستة بالمئة التي كانت مفروضة عليها في مشروع القانون، وتخفيض الضريبة المقطوعة على شركات التضامن من ألف دينار إلى 500 دينار.
وحول ضريبة الأبنية والأراضي، التي اعتبرها مشروع القانون بأنها نفقة مقبولة ضريبيًا، قررت اللجنة "تقاص" ما نسبته 50% من ضريبة الأبنية والأراضي، والباقي يعتبر نفقة مقبولة.
وبشأن نسب الضرائب على مختلف القطاعات الاقتصادية، أبقت اللجنة على النسب الموجودة في القانون الأصلي بهدف خلق حالة من الاستقرار التشريعي.
وفيما يخص العقوبات، قال أبو صعيليك "إنه مبالغ فيها وتشكل ازدواجية، لذا تم شطب العقوبات الإضافية".
وردًا على سؤال صحفي حول ضريبة التكافل الاجتماعي، والبالغة واحد بالمئة، بين أبو صعيليك أنه تم تغيير اسمها لتصبح "المساهمة الوطنية"، وفرضها على الشخص الطبيعي الذي يزيد دخله الصافي على 200 ألف دينار.
ورفعت "الاقتصاد النيابية" قيمة الإعفاء الضريبي لمكافأة نهاية الخدمة المستحقة للموظف بحيث أصبح لأول 10 آلاف بدلًا من خمسة آلاف دينار من تاريخ الأول من كانون الثاني 2015، وفي حال زاد المبلغ عن 10 آلاف يتم اخضاعه لضريبة مقدارها تسعة بالمئة.
وبخصوص المناطق التنموية، قال أبوصعيليك إنه تم رفع الضريبة عليها إلى 20%، مضيفًا في الوقت نفسه "أننا وجدنا في ذلك تقييد وضرر كبيرين قد يلحق الأذى ببعض الاستثمارات، إذ لم توافق اللجنة على ذلك وتم العودة إلى نسبة 10%".
وبالنسبة للصناعات الموجودة في المنطقة التنموية، أشار إلى أنه تم تخفيضها من ثمانية بالمئة إلى خمسة بالمئة كما كانت في السابق، مبينًا أن هناك جملة من الحوافز ستصدر عن مجلس الوزراء لمنح حوافز لأنشطة المناطق التنموية بحاجتها.
وشدد على أن اللجنة أخذت تعهدات خطية من بعض القطاعات بعدم عكس الضريبة على المواطنين، معربًا عن شكره لها على هذا التعاون والذي يأتي إنطلاقًا من دورها الوطني تجاه المواطنين والمساهمة المجتمعية.
وقال إن اللجنة لم تكتف بالتعديلات الجوهرية التي ادخلتها، حيث قامت بتقديم جملة من التوصيات للحكومة أبرزها: دراسة العبء الضريبة الشمولي، وإزالة التشوهات من الضرائب غير المباشرة، وإعادة النظر في قانون ضريبة المبيعات والإجراءات المعمول بها حاليًا، والحد من التهرب الضريبي.
إلى ذلك، أوصت اللجنة، بضرورة أن تعد الحكومة دراسة فنية متكاملة حول المستحقات الضريبية المتراكمة منذ صدور أول قانون ضريبة، وبحث زيادة الإنفاق على التعليم والصحة وترشيد وضبط الإنفاق العام.
وأكدت أهمية إيلاء تقارير ديوان المحاسبة الأهمية المناسبة، ومعالجة الاختلالات الواردة فيها، وإجراء دراسة شاملة لملف الطاقة ومراجعة الإتفاقيات المرتبطة بشركة الكهرباء الوطنية.
كما أوصت بدراسة أسعار الأدوية والتعرف على سبب ارتفاعها مقارنة مع الأسواق المجاورة، مؤكدة أن زيادة الإيرادات تتأتى من تحسين وتطوير بيئة الاستثمارن وإزالة عوائق البيروقراطية وتقليل كلف الإنتاج.
وكان أبو صعيليك قال في مستهل المؤتمر الصحفي إن اللجنة ومنذ إحالة مشروع القانون لها، أطلقت حوارًا وطنيًا مع كل القطاعات المعنية، آخذة على عاتقها الاستماع لجميع المقترحات والملاحظات والآراء لبلورة تصور شامل وتشكيل قناعات تمكنها من اتخاذ القرار المناسب بشأن "معدل الدخل".
وأشار إلى أنه تم رصد وتدوين جميع الملاحظات والمقترحات والآراء الواردة للجنة سواء كانت في الاجتماعات أو اللقاءات أو الحوارات أو عبر المواقع الإلكترونية والتواصل الاجتماعي التابعة للمجلس، فضلًا عن تلك الواردة بوسائل الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب.
وذكر أن "الاقتصاد النيابية" انطلقت في مناقشاتها لمشروع اللقانون من عدة ثوابت ومرتكزات، أبرزها: النص الدستوري الذي يقضي بمراعاة قدرة المكلف على الأداء، وحاجة الدولة إلى المال، والتوجيه الملكي السامي للحكومة ومجلس النواب بحماية الطبقتين الوسطى والفقيرة وعدم تحميلهما أي أعباء إضافية.
وتمحورت أغلبية الاقتراحات بضرورة تحقيق مبدأ التصاعدية ومحاربة التهرب الضريبي وإصلاح التشوهات في العبء الضريبي وتحقيق العدالة وإعداد نظام خاص بالفوترة وإعادة النظر بالشرائح والاعفاءات وحماية الطبقتين الوسطى والفقيرة والمصالحة على القضايا الضريبية ومكافأة نهاية الخدمة وأثر ضريبة الدخل على القطاعات المختلفة.
وسعت اللجنة، حسب أبو صعيليكن إلى تحقيق الإرادة الشعبية والمصالح الوطنية العليا والخروج بقانون ضريبي يحقق أكبر قدر ممكن من التوافق، ليكون أداة من أدوات التحفيز الاقتصادي وتشجيع الاستثمار وتحقيق التنمية المستدامة.
وبين أبو صعيليك أن اللجنة وعند إقرارها لمواد المشروع اعتمدت على منهجية علمية، واطلعت على الأنظمة الضريبية المعمول بها عالميًا، واستندت إلى دراسات وأبحاث واستأنست بآراء الخبراء الضريبيين والقانونيين بهدف تحصين النصوص وتجويدها بصورة محكمة بما لا يدع مجالاً للتأويل أو الاجتهاد.
وتابع على الرغم من أن قانون الضريبة جدلي تتضارب فيه المصالح ويحاول كل قطاع الدفاع عن مصالحه، وهذا موجود في كل العالم، إلا أن اللجنة وقفت على مسافة واحدة من الجميع وأخذت بعين الاعتبار القطاعات التي تحقق أرباحًا وبين القطاعات الأخرى المتعثرة والتي تحتاج لدعم كالزراعة، بُغية الوصول لمعادلة ضريبية عادلة وصيغة توافقية ترضي جميع الأطراف.
وزاد "لا يجوز أن ينظر لـ"معدل الدخل" على أنه أداة من أدوات تزويد الخزينة، ولا يمكن أن يكون حلًا لجميع المشاكل الاقتصادية، ولا يمكن أن يكون جيب المواطن هو الحل".
وقال أبو صعيليك إن اللجنة التقت كل الجهات المعنية والفعاليات الشعبية والنقابية والاقتصادية وغرف التجارة والصناعة والبنوك ورجال الأعمال والخبراء والمختصين والأكاديميين وممثلي مؤسسات المجتمع المدني والمرأة والشباب.