لقد أحيا الفساد البحر الميت
بقلم الكاتبة سهير رمضان
قال سيدنا عُمر رضي الله عنه" لو أن بغلة تعثرت في العراق لسُئل عنها عُمر لِمَ لم تُمهد لها الطريق".
فيا رئيس الحكومة ويا وزارة الأشغال ويا وزارة التربية ويا وزارة الداخلية ويا وزارة السياحة غرقت الطريق وزهقت معها الأرواح. كان كل تركيز رئيس الحكومة ووزارة التربية والتعليم توجيه أصابع الإتهام للمدرسه فوزير التربية بدل أن يوجه الإتهام للمدرسة عليه أن يعلم أنها مسؤليته بالغاء جميع الرحلات المدرسية كون وزارته سلطة تنفيذية رقابية على جميع مدارس المملكة. وعلى رئيس الحكومة قبل أن يوجه اصابع الإتهام الى المدرسة مشيرا الى مراسلات تمت بين المدرسة والتربية ولوم المدرسة قبل إجراء تحقيق فوري ومعمق بقوله "وجوب الالتزام يالتعليمات" متهم المدرسه بتغير مسارها متجاهلا أن ما أصاب باص المدرسة أصاب مواطنين أخرين.
إن الكارثة التي حصلت بالبحر الميت لو كانت على أساسات قوية لما سقطت. وبقيت صامدة مثل بقية الجسور العثمانية والتي شُيدت قبل مئات السنين. جسورنا مبنية على أسس من فساد لذلك سقطت وسقطت معها الارواح. إن الفساد والإهمال أحيا بحرٌ ميت فهاج موجه وانهارت جباله وزهقت الأرواح من شدة الفساد. إن هذه الكارثة الاليمة والتي تحاولون التنصل منها والقاء اللوم على المدرسة وكأنها إنتهاكات لحقوق الطفل ما هي الا اخفاقات حكومية وعدم إتخاذ إجراءات وقائية من قبل وزاراتكم. إن أعذاركم أقبح من ذنوبكم. يبرر وزير التربية أن ما حدث بسبب تغير مسار الرحلة من مكان الازرق والتي أغلقت المدارس في هذه المناطق لسوء الأحوال الجوية، كما بررت وزارة الاشغال أن هذه المنطقه خطره وهذا الجسر مهتريء كان يجب على المدرسة عدم الذهاب الى هناك فأين هي اللافتات التحذيرية التي تشير الى ذلك ولماذا لم يتم إغلاق المنطقة. فوزارة الأشغال مسئولة مسؤلية كاملة ومباشرة عن هذه الكارثة وغيرها من الحوادث التي تسببها البنية التحتية المهترئة وإهمال الصيانة الوقائية. هذة الأرواح التي زُهقت كل ذنبهم أنهم يعيشون في دولة إستهتار.
إن الأموال المنهوبة في هذا البلد تكفي لصيانة هذة الطرق والجسور، إلا أن الفساد وغض البصر والصمت عنه والتهرب من المسئوليات شجّع الفاسدين بالإستمرار بأعمالهم وجعل الفساد مُستساغا. لقد أصبح يضيق بنا الوطن من أجل حفنة فاسدة فالبلد تنهار إقتصاديا وأخلاقيا وإجتماعياً وثقافياً. إبحثوا عن الفساد ستجدونه بين ثنايا هذه الكارثة وما سبقها من كوارث، لذلك يجب فتح تحقيق فوري وعميق بين جميع الأطراف. فما ذنب هؤلاء الأطفال كل ذنبهم انهم أرادوا ان يستمتعوا بوطنهم والتعرف على مناطقه التي باتت وللاسف لا شارع صالح ولا جسر مشاة أمن ولا وسائل نقل محترمة ولا مستشفيات مؤهلة ولا بنية تحتية.
إن محاولة التخلص من المسئولية بحد ذاتها جريمة والقائها على الغير جريمة أخرى.فما أسرع التملص والتنصل وتجنب المسؤلية.
فالويل كل الويل لمن يسترخص أرواح الناس ومن يعبث بحقوق الناس، فها هو الوطن يضيق بنا من أجل حفنة فاسدة.