حزب اللـه احترف التضليل بغشاوة المقاومة والمتاجرة بدماء اللبنانيين والفلسطينيين سقطت الأقنعة فانكشف القبح المذهبي
اذا كان جانب من الرأي العام العربي قد احتاج الحرب السورية ليكتشف الوجه الحقيقي لحزب الله، فإن الشعب اللبناني والعديد من الدول العربية التي اكتوت بنيران فتنة هذا الحزب قد خبرت وجهه الحقيقي منذ نشأته الاولى في اوائل ثمانينات القرن الماضي. فالحزب
الذي يرفع شعار المقاومة (.....) انطلق بسلسلة اغتيالات طالت رموزا وطنية لبنانية ومقاومين حقيقيين لاسرائيل من قوميين ويساريين واسلاميين. فبدأت فرق اغتيال الحزب بتصفية ابرز منظري المقاومة الوطنية اللبنانية وعلى رأسها المفكر حسن حمدان الملقب بمهدي عامل، والمفكر حسين مروة والطبيب لبيب عبد الصمد، وغيرهم.
هكذا انطلق حزب الله بمشروع مذهبي مرتبط عضويا بالثورة الخمينية في ايران. فالاغتيالات تلك قدمت الخدمة الاكبر للاحتلال الاسرائيلي حين استهدفت مذهب المقاومة وجعلتها حكرا على جنود ولاية الفقيه وتصفية الآخرين بدل التحالف معهم وتوحيد جبهة المقاومة الذي لو انه حدث لربما لم تتمكن اسرائيل من مواصلة احتلالها لجنوب لبنان على مدى اكثر من 18 عاما.
موجة اخرى من الاغتيالات والتصفيات الجسدية لقادة ورموز العمل الوطني اللبناني شنها الحزب قبل بضع سنوات ولا زالت آثارها ترسم خطوط المشهد السياسي في لبنان وتهدد بانفجار الاوضاع فيه في أي لحظة.
هذه الموجة طالت الزعماء السياسيين والقادة والمفكرين والصحفيين الوطنيين، الذين يشكلون خطرا على مشروع الحزب الطائفي، وعلى رأسهم، رفيق الحريري، والكاتب سمير قصير، والأمين العام السابق للحزب الشيوعي جورج حاوي، ورئيس تحرير صحيفة النهار جبران تويني، وأسماء وطنية عديدة.
فبعد الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000 وازدياد المطالبات من الشارع اللبناني بضرورة فرض سيادة الدولة على جميع انحاء البلاد ونزع سلاح المليشيات وقصر حمله على الجيش الوطني وترسيخ مفهوم الدولة المدنية وسيادة القانون، استشعر الحزب الخطر على مشروعه المذهبي مثلما استشعر حلفاؤه الاقليميون الخطر على نفوذهم وهيمنتهم على لبنان، فشن موجة الاغتيالات تلك لإسكات كل صوت حر ينادي بسيادة الدولة الوطنية وانهاء التقسيم الطائفي والمذهبي للبلاد. وعندما لم توقف هذه الجرائم الارهابية الدعوات لنزع سلاح الحزب، بل افقدته الدعم العسكري السوري القوي حين اجبرت دمشق بفعل ضغط المجتمع الدولي على سحب قواتها من لبنان، عمد الحزب عام 2008 الى الكشف عن نواياه الحقيقية في اختطاف الدولة اللبنانية برمتها فاجتاح بيروت بالسلاح واحتل مؤسسات الدولة واخضع الجميع بالقوة لنهجه الاستقوائي فسقط قناع آخر عن وجه الفتنة القبيح.
جرائم حزب الله الارهابية لم تقتصر على الداخل اللبناني، بل عمد الحزب الى تعميم مشروعه المذهبي على العديد من الدول العربية خصوصا تلك التي ينتمي جزء من مواطنيها الى المذهب الشيعي. حيث سعى الحزب، تنفيذا لبرنامج تصدير الثورة الايراني، الى زرع بذور الفتنة في المجتمعات العربية واضعاف وحدتها الوطنية كجزء من مخطط ايران الرامي لانهاك الدول العربية بصراعات داخلية لتصبح هي القوة الاولى في المنطقة والمهيمنة على مقدرات شعوبها.
((ومن أبرز الدول التي استهدفتها الميليشيات المذهبية في وقت مبكر، السعودية حيث حاولت تجنيد مناصرين تحت ما يسمى «حزب الله الحجاز»، الذي تأسس بدعم من حزب الله، ومسؤول عن تفجير أبراج الخبر السكنية عام 1996، مما أسفر عن مقتل وإصابة عشرات المدنيين، وكان الرأس المدبر لهذه العملية عماد مغنية، الذي قتل في سوريا عام 2008.
ولم تسلم الكويت من إرهاب حزب الله، منذ عام 1983، حين هزت سلسلة تفجيرات العاصمة في ما عرف لاحقا بـ»أسوأ حلقة إرهابية في القرن العشرين في الشرق الأوسط»، وكان العقل المدبر هذه المرة أيضا أحد كبار قادة الحزب، مصطفى بدر الدين، الذي اتهم بعدها بأكثر من 20 عاما بالضلوع باغتيال الحريري عام 2005، ويحاكم حاليا أمام المحكمة الدولية غيابيا كونه قتل في سوريا، أيضا بظروف غامضة، سنة 2016.
كما ضبط الأمن الكويتي عام 2015 خلية تابعة لميليشيات إيران عرفت لاحقا بـ»خلية العبدلي»، كشفت التحقيقات أن أعضاءها تلقوا تدريبات بمعسكرات ميليشيات الحزب في لبنان، وخططوا لهدم النظم الأساسية للكويت، التي طردت على خلفية ذلك 15 دبلوماسيا ايرانيا.
وفي البحرين، لعب حزب الله الدور المحبب إلى قلبه، وهو محاولة ضرب النسيج الوطني للبلاد عبر العزف على الوتر المذهبي، وقد نجح الأمن البحريني في ضبط خلايا عدة مرتبطة بالحزب والحرس الثوري الإيراني، على غرار الخلية التي يتزعمها حسين علي أحمد داود، أحد قياديي تنظيم سرايا الأشتر، الذراع الإرهابي لما يسمى بتيار الوفاء الإسلامي.
أما في اليمن الذي أدخله الإيرانيون في حرب طاحنة، فقد كان حزب الله كعادته ذراع إيران المفضلة لدعم ميليشيات الحوثي الإيرانية، فعناصره «الخبيرة» في الإرهاب دربت الحوثيين إلى جانب خبراء الحرس الثوري على إطلاق الصواريخ التي باتت تهدد السعودية، ومدتهم بالسلاح وصقلت قياداتهم عقائديا ليرتدوا عن الزيدية)).
وفي الاردن ومصر ايضا تمكنت اجهزة الامن من احباط اكثر من محاولة ايرانية بواسطة حزب الله للقيام بعمليات ارهابية على اراضي البلدين.
أما في سوريا فإن الحزب يرتكب افظع الجرائم بحق الشعب العربي السوري اذ يوغل في دم الاشقاء منذ بدء تدخله العسكري هناك، اذ وثقت تقارير حقوقية عديدة الجرائم المذهبية التي يرتكبها الحزب وخصوصا ضد المدنيين الابرياء سواء عبر القتل المنظم او التهجير القسري تنفيذا لمخطط التطهير المذهبي.
**
ولكن كيف نجح حزب مذهبي بامتياز، وصغير، وحديث النشأة نسبيا مقارنة بالاحزاب الوطنية اللبنانية العريقة، باكتساب شعبية جارفة في عموم البلاد العربية الى ما قبل تدخله في الازمة السورية وانكشاف عورته الطائفية على نحو اوسع حين سقطت آخر الاقنعة وتمزقت الغشاوة التي تستر بها طويلا؟.
تأسس الحزب عام 1982 واعلن انطلاقته الرسمية عام 1985 في بيان جاء فيه إن الحزب «ملتزم بأوامر قيادة حكيمة وعادلة تتجسد في ولاية الفقيه، وتتجسد في روح الله آية الله الموسوي الخميني مفجر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم المجيدة». كما ان الحزب يقر بأدبياته المختلفة ان مرشد الثورة الإيرانية هو أكبر المراجع العليا له، وأن الأمين العام لحزب الله هو الوكيل الشرعي للمرشد الايراني. فالحزب في جوهره هو حزب ايراني على ارض عربية. وحتى يتم هضم وقبول تمثيل ايراني مثل هذا، كان لا بد من غطاء قوي ومحكم لا يبرر الوجود فحسب بل يمنح الشرعية والشعبية للحزب. ولم يكن في ذلك الوقت شيء اقوى من رفع شعار مقاومة الاحتلال الاسرائيلي للبنان الذي كان في سنته الاولى بعد غزو دامي واحتلال لعاصمة عربية وارتكاب فظائع بحق المدنيين اوجعت العرب والمسلمين وكل ذي ضمير حي على امتداد العالم كله. هذا الى جانب الاستثمار في القضية الفلسطينية وحمل لواء الدفاع عن الشعب الفلسطيني الذي يحظى بتعاطف ودعم جميع العرب والمسلمين. وهكذا كان اذ جاءت مقاومة الحزب للاحتلال الاسرائيلي في اطار تكوين درع واقٍ لمشروع الفتنة المذهبية وتفجير المجتمعات العربية من الداخل في سياق برنامج تصدير الثورة الايرانية. ولو كانت مقاومة الحزب بهدف المقاومة الخالصة من اجل التحرير لكان اولى بالحزب ان يعمل على توحيد جميع المقاومين في مشروع وطني لبناني واسع وليس تقسيمهم وشرذمتهم وقتل من لا يرضخ لاملاءات الحزب ومشروعه. كما أن دعم المقاومة الفلسطينية الذي رفع شعاره الحزب كان دعما شكليا وتقسيميا ايضا اذ جاء على حساب وحدة الصف الفلسطيني ووفق شروط المراجع الايرانية التي لا تقبل غير التسليم التام لاوامرها. وفي واقع الامر فان الفصائل الفلسطينية التي تحالفت في وقت من الاوقات مع حزب الله هي التي قدمت الدعم له وليس العكس لانها منحته وجها اعلاميا مقبولا امام الرأي العام وشرعية ما كان له ان يحصل عليها لولا هذا التحالف. فالتقارب مع حركة حماس ما كان له ان ينقلب الى عدواة، حين ابتعدت الحركة الفلسطينية عن التدخل في الازمة السورية، لو كان حقيقيا ويستهدف الدفاع عن فلسطين. فهذا التقارب او التحالف كان شكليا لانه اولا لم يخدم وحدة الشعب الفلسطيني وثانيا لانه استهدف المتاجرة في قضية الشعب المنكوب لاكتساب الشعبية والشرعية لهذا سقط حين اصطدم بالمشروع الحقيقي للحزب وهو خدمة المذهب والنفوذ الشيعي في العالم العربي. مثلما سقط شعار المقاومة وتم توجيه سلاحها الكاذب الى صدور اللبنانيين والسوريين وتوقف عن مواجهة المحتل الاسرائيلي بشكل كامل منذ عام 2006