الأصالة والتجديد ندوة المنتدى العالمي للوسطية
أقام المنتدى العالمي للوسطية ندوة بعنوان الأصالة والتجديد في فكرنا المعاصر وذلك يوم السبت بتاريخ 7/7/2018 تناولت الفيلسوف المغربي طه عبدالرحمن نموذجاً.
وفي بداية الندوة رحب المهندس مروان الفاعوري بالسادة المحاضرين والحضور وقال: لا شك أن الفكر الإسلامي يواجه تحديات كبيرة توجب على الجميع بلورة مشروع فكري يشكل مناعة للأمة للخروج من الأزمات.
وليس ترفاً الحديث عن أعلام عرب لهم حضور كبير وواسع فالمشروع الفكري الذي يتناول الإعلام وتجاربهم لايعد ترفاً كذلك، فالندوات التي يقدمها المنتدى حول الأعلام مثل النورسي وإبن خلدون ومالك بن نبي يتبعها مؤتمرات قبل مؤتمر حول طه عبدالرحمن في المغرب وهذا من شأنه تأصيل الفكر الوسطي المعتدل عند الإعلام المسلمين.
ولذلك جاء إهتمامنا بطه عبدالرحمن باعتباره علماً بارزاً سيسهم الباحثون الكرام في تركيز الضوء على جوانب كثيرة من حياته.
أماّ الدكتور علي الحجاحجة رئيس الجلسه، فقد أشار إلى أن حديثنا عن فيلسوف مجدد نشأ لأم معطاءة وأب شغوف بالعلم، فقد نشأ طه في ظل ظروف صعبة، فأنشأ مذهباً فلسفياً، والأصالة التي يمثلها الفيلسوف ليس لها علاقة بين الأصالة والتاريخ.
وقد تضمنت الندوة محوراً حول النشأة والتكوين والآثار للفيلسوف مدار الندوة، قدّمه الأستاذ الدكتور محمد الرواشدة عميد كلية الشريعة في جامعة مؤتة.
وقد بين الدكتور الرواشدة أنه ليس سهلاً أن تتحدث عن طه، فالرجل في فلسفته وطروحاته يحتاج إلى طروحات ورسائل لفكره وبتعمق، فهو حاضر منذ سنوات في المواد الدراسية الجامعية، فهو فيلسوف أحكم عقله بقواعد المنطق وزكى نفسه بتسابيح الإنسان، فكل كلمة لها مدلولها ومعانيها، وهو لم يقلد الخلف والسلف، فقد جمعت أفكاره الوحدة، فبعد البحث والتحري حول إسمه، تبين أن هذا إسمه الكامل فلم يذكر إسمه إلا بهذا الوصف (طه عبدالرحمن) فإسمه مشرقي ولكنه مغربي، وهو روداني أصيل وهو من ذكاله من جديده، وأعلنته الجامعات المغربية فيلسوفاً مغربياً متخصصاً في منطق اللغة والإطلاق وهو أبرز الفلاسفة في مجال تداول الفلسفة.
وقد ولد في مدينة الجديدة وفي ذكاله أخذ تعليمه، وتحدث كذلك عن أطاريحه العلمية، وعن جوائزه العلمية الكثيره في الفكر والدراسات الإسلامية وعن قدراته في اللغات العالمية وقال لقد أنشأ مدرسة مستقله منفتحه إستوعبت حسنات المدارس الفكرية والأطروحات العقلانية.
ومن مؤلفاته سؤال العنف بين الإئتمانية والحوارية وكتاب دين الحياء، والحوار أفقاً للفكر، وروح الدين من ضيق العلمانية إلى سعة الإئتمانية، واللسان والميزان.
أما الأستاذ إبراهيم العجلوني فتحدث حول حق العربي في التميز الفلسفي، وقال:
ونحن العرب كما يقول الدكتور طـه في نص جامع لمقتضى أطروحته " نريد أن نكون أحراراً في فلسفتنا، وليس من سبيل إلى هذه الحرية ( التي هي حق طبيعي لنا) إلا بأن نجتهد في إنشاء فلسفة خاصة بنا تختلف عن فلسفة أولئك الذين يسعون بشتى الدعاوى إلى أن يحولوا بيننا وبين ممارستنا لحريتنا الفكرية، ولاريب أن أقرب الطرق التي توصل إلى إبداع هذه الفلسفة هو النظر في هذه الدعاوى نفسها، التي يرسلونها إرسالاً ويبثونها فينا بثاّ كما لو كانت حقائق لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها".
وإذا كنا لا نطمح بهذا الإجمال المقتضب إلى غير بيان الخطوط العريضة للأطروحة الطاهاوية حول "الحق العربي في الإختلاف الفلسفي" ولا نعدو ذلك إلى تفاصيل الكتاب الشائقة التي تمثلت فصولاً ممتعة حول خصائص الحوار والإختلاف وضوابطهما، وحول دعوى كونية الفلسفة، وحول أسطورة الفلسفة الخالصة، وحول موانع الإبداع الفلسفي، وحول كيفية تقويم إعوجاج الفلسفة العربية (الفلسفة المغربية أنموذجاً) وحول كيفية إقامة فلسفة عربية، ثم حول ما يراه الدكتور طـه "الشبهة الكبرى" بما يمكن تسميته "فك الإرتباط" بين العروبة والإسلام، وما ينتهي إليه من أنه لولا رسالة الإسلام التي خُصّ بها نبي عربي بلسان عربي لما كانت ثمة يقظة عربية، وأنه لا مدخل أقرب إلى "الكونية" من العروبة بدليل وقوع الأختيار الإلهي عليها وسرعة إنتشار لغتها وقوة الإقبال عليها حتى صارت لغة العالم بحق .
أما الدكتور ماجد حرب فتحدث حول طه عبد الرحمن والنظرية النقدية، وقال:
إن طه عبدالرحمن، نقل في كتابه، سؤال العمل: البحث عن الأصول العلمية في الفكر والعلم، أربعة تصورات عن الحرية (الليبرالي، والجمهوري، والديمقراطي، والإشتراكي) ثم نقضها ملخصاً على أن تجاهل فكرة الدين في هذه التصورات أدى إلى دخول الخلل عليها معرفاً الحرية بأنها ... تتعبد الخالق بإختيارك وأن لا يستعبدك الخلق في ظاهرك وباطنك.
إذا كان الإستعباد على قسمين كبيرين، الظاهر، والباطن، فإن التصورات الأربعة للحرية لم تهتم إلا بالتحرر من الإستعباد الظاهر، بيد أن سعيها في التحرر من هذا الإستعباد لا يضمن لها أن لا تقع في إستعباد آخر جنسه أو أن لا يورثها إستعباداً داخلياً أفحش منه.
ثم متى وضعنا في الإعتبار أن علاقة الإنسان بالعالم ليست علاقة حسية محصنة تستنفذها الجوارح، ظهر حياته الداخلية تتأثر بحياته الخارجية وحينهايلزم أن الإستعباد الباطن هو مبدأ الإستعباد الظاهر فيتعين الإبتداء بمواجهته.