‘‘الضمان‘‘: نواب متخوفون والملقي يرد
المركب الاخباري
أبدى نواب تخوفاتهم من مد يد الحكومة إلى صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي، معتبرينه خطا أحمر، ويمثل مدخرات الأردنيين، معربين عن قلقهم من الوصول لخسارات متلاحقة، وعبر بعضهم عن وجود عدم ثقة شعبية بالحكومات.
في هذا الوقت نفت الحكومة على لسان رئيس الوزراء هاني الملقي ووزير العمل سمير مراد؛ أي تدخل حكومي في صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي.
وخلال جلستي مجلس النواب اللتين خصصتا لمناقشة "أموال الضمان الاجتماعي" أمس، وترأسهما رئيس المجلس عاطف الطراونة، وأدار جزءا منها النائب الاول خميس عطية، وتحدث فيهما 74 نائبا، قال رئيس الوزراء إن الصندوق "مكفول من الحكومة، وموجوداته تفوق 9 مليارات دينار، ومن غير المعقول؛ أن تكون الحكومة مؤتمنة على أراضي الخزينة، البالغة قيمتها مليارات الدنانير وتأخذ قرارات بشأنها، وغير مؤتمنة على أموال الصندوق".
وفي نهاية المناقشة؛ وافق النواب على عدة توصيات توجه للحكومة، تتضمن ضرورة تزويد المجلس بتقرير ربع سنوي عن استثمارات الضمان، وعدم استشارة ديوان تفسير القوانين إلا في حالة الضرورة، ومشاركة مجلس إدارة الضمان لهيئة الاستثمار في القرار الاستثماري، ورفد الصندوق بكفاءات متخصصة، وتعديل المادة 14 من قانون الضمان؛ المتعلقة بعدم تفرد الصندوق بالقرار والعودة لمجلس إدارة المؤسسة.
وعبر الملقي، خلال كلمته، عن رفضه "التشكيك"، لافتاً إلى "وجود هجمة ممنهجة، تستهدف الوطن والمواطن، وأن هناك قوى شد عكسي، قد لا تكون من الداخل، ولا تريد الخير للوطن والشعب الذي قدم التضحيات".
وأكد أن الحكومة "لن تسمح لأحد بوقف المسيرة وسرقة مستقبلنا في البناء والإصلاح"، مبينا أن قوة الحكومة من قوة مجلس النواب، معربا عن رفضه لأي إساءة للمجلس الحالي الذي "أنجز الكثير، ومنها منظومة إصلاح وتطوير القضاء".
وشكر كل من سأل عن صحته، وقال "الحمد لله، الأمور طيبة، وإن شاء الله نكون سويا سواء في المواقع الرسمية أو في المواقع الأهلية"، مستذكرا أنه والنواب والحكومة، أقسموا على خدمة الأمة والسير الى الأمام لرفعة هذا الوطن في ظل القيادة الهاشمية، مذكرا انه وعد بالشفافية، و"الحكومة كانت شفافة، وقدمت المعلومات الصادقة، وانه لم ولن نخفي معلومة أيا كانت، لأننا نؤمن بأننا سويا، نستطيع أن نسير بما فيه مصلحة هذا الوطن".
واضاف "في الأيام الماضية ومنذ 6 أسابيع، وأنا أقلب في دفاتر الخدمة، وأنظر إلى هذا الوطن كيف نمى وكيف كبر، وأنظر الى المعجزة الأردنية بأيدي الاردنيين وبقيادتهم وبشح الموارد، أين كنا عندما كنا طلابا في الستينيات، واليوم نرى أردننا شامخا، يجري فيه حوار ديمقراطي مثل هذا الحوار".
وأضاف: "تحملت الحكومة العامين الماضيين؛ النقد الشديد، وإساءات كثيرة، وكنت أقول لزملائي إن الخدمة العامة؛ تتطلب منا الجهاد بالنفس، ليس فقط أن نكون في مواقع يشار إلينا بالبنان، ولكن يشار إلينا فيما إذا أخطأنا، وإذا أخطأنا علينا ان نذهب الى سلطاتنا الدستورية، ونطلب منهم مساعدتنا، لا أن نخفي عنهم المعلومة، ولو أخفوا عني المرض لما شفيت، ونحن كسلطة تنفيذية لو أخفينا عنكم مشكلة؛ ستتعمق".
وقال "تكلمنا عن علاقة تشاركية، وأقول اليوم انها تكاملية. لا بد لنا ان نؤسسها افضل وافضل، ولا بد لنا أن نؤسسها على حسن النوايا لا على الاغتياب، ولا على الاعتقاد ان أحدهم يريد أن يمرر شيئا على حساب هذا الوطن، لأن الوطن لنا جميعا".
وقال الملقي إن الحكومة "تحملت النقد ولم تتكلم، وعندما جاء النقد للمجلس رفضته"، لأن الحكومة ترفض انتقاد مجلس الشعب، فـ"هو الذي أعطاها الثقة، وانتقاد مجلس الأمة، انتقاد للحكومة، وقوة الحكومة من قوة المجلس".
وقال الملقي "أقولها وأعيدها؛ إننا نريدكم كما أنتم أقوياء"، وخاطب النواب "هذا المجلس أنجز ما لم تنجزه مجالس سابقة، يكفيكم فقط أنكم أنجزتم الإصلاح القضائي، وهو ما يوطد العلاقات بين الناس والمواطنين على مستوى واحد من المودة والاحترام والالتزام".
وزاد إن "أكثر ما أزعجني الأسبوعين الماضيين؛ التشكيك وعدم الثقة، والاختراقات في جسم السلطة التنفيذية، فهل هذا أمر صحي؟ (...) وجدنا قوى شد عكسي قد لا تكون من الداخل لا تريد لهذا الوطن ولا لهذا الشعب الكريم الذي قدم أكبر التضحيات، ان يكون ما عليه اليوم (...) ولو راجعنا آخر سنتين، سنجد ما إن تبدأ قصة حتى تنتهي لتبدأ قصة جديدة".
وقال "على سبيل المثال اذا انفجرت فردة كاوتشوك في جورة، تعلو الأصوات لماذا لم يذهب وزير الصحة (...) قصة تليها قصة، نركز على السلبيات ولا ننظر للإيجابيات، ونقول اين هو الاستثمار، لأول سنة في العام الماضي تقف المديونية الى الناتج المحلي الاجمالي، ليس بفضل السياسات الحكومية وليس بفضل الموازنة وليس بفضل مجلس الوزراء، وانما بفضل تضحيات الاردنيين، وعلى مر السنين فعلوا ذلك، وسيفعلون ذلك للوطن، ولن يساوموا على وطنهم من اجل سلعة استهلاكية".
وأضاف "اننا نتعرض لهجمة ممنهجة لا تريد لهؤلاء المواطنين الكرامة والعيش الكريم، واقولها بكل صراحة؛ لا وألف لا، لن نسمح لهم بايقاف المسيرة او أن يعطلوا آمال هذا الشعب مهما كان، سواء بقيت هذه الحكومة او ذهبت، وسواء كنا نجلس هنا امامكم او نجلس على الرصيف، لن نسمح لأي أحد أن يسرق مستقبلنا في البناء والاصلاح".
من جهته؛ جدد مراد؛ التأكيد على أن "لا مساس بأموال الضمان، وانه لم يطرأ اي تغيير على آلية اتخاذ القرارات الاستثمارية منذ نفاذ قانون الضمان، كما لم تمنح أي صلاحيات جديدة لأي جهة كانت"، لافتا الى ان الصندوق محكوم في عمله للقانون.
ونفى علاقة الحكومة بأي قرار استثماري للضمان، بل ان الحكومة هي الضامن لأموال مؤسسة الضمان، كما لا يوجد أي تدخل من أي جهة كانت في هذا المخزون الاستراتيجي الهام للأجيال الحالية والقادمة، ولا يوجد اي تأثير خارجي على القرار الاستثماري، الذي يتخذ لتحقيق العائد المجدي، وتعظيم القيمة الحقيقية للموجودات، وفق أسس استثمارية بحتة واضحة وشفافة.
وأكد مراد ان "الصندوق يُدار بشفافية وتحت الرقابة، وعلى درجة عالية جدا من الدقة والمسؤولية، ومصدر هذه الدقة؛ منظومة متكاملة من التشريعات والعمليات الإجرائية، لضمان أعلى درجات الحاكمية المؤسسية".
وحول قرارات الديوان الخاص بتفسير القوانين رقم (3) و(6) العام 2018، التي أثارت الجدل مؤخرا، قال مراد، إن "هذين القرارين مرتبطان بقانون الضمان، وان الموضوع محصور فقط بين مجلس إدارة المؤسسة وديوان التشريع والرأي والديوان الخاص بتفسير القوانين".
ولفت الى ان دور الحكومة - بحكم صلاحيتها - ينحصر فقط بتحويل الطلب الذي أُرسِلَ من مجلس إدارة المؤسسة، بواسطة رئيس المجلس وزير العمل الى رئيس الوزراء، ليصار الى تحويله الى الديوان الخاص بتفسير القوانين، في ضوء احكام الدستور.
وقال مراد ان ما انتهى اليه ديوان التشريع والرأي، يتسق مع أحكام قانون الضمان، لجهة توضيح ان المقصود بالموافقة هو (عامة) بالنسبة لمجلس إدارة المؤسسة، على القرارات الاستثمارية التي تصدر عن مجلس استثمار أموال الضمان، اذ ان الخطة العامة لاستثمار هذه الاموال، وكذلك السياسة الاستثمارية المقرة من مجلس إدارة المؤسسة؛ تعتبر موافقة مسبقة تحدد إطار عمل مجلس الاستثمار.
واشار الى ان القرار الاستثماري؛ يبدأ من دراسة الفرصة الاستثمارية من المديرية المختصة بالصندوق، مرورا بلجنة الاستثمار الداخلية في الصندوق، وتضم مديري وحدات المخاطر والتدقيق، وانتهاء بمجلس استثمار أموال الضمان الذي يتخذ القرار الاستثماري.
وأضاف مراد ان مجلس الاستثمار يتخذ القرار الاستثماري ضمن أطر وافق عليها مجلس إدارة المؤسسة، كما ان القرار الاستثماري، يمر بمراحل يخضع خلالها للدراسات المتعلقة بالجدوى والمخاطر المحتملة واولويته، وغير ذلك عبر منظومة من الاجراءات.
ولفت إلى وجود رقابة ومتابعة من 3 لجان متخصصة منبثقة عن مجلس الاستثمار، وهي: التدقيق، المخاطر الاستثمارية، الحوكمة الاستثمارية، اذ ترسل هذه اللجان تقاريرها حول أعمال الصندوق الى 3 لجان متخصصة، منبثقة عن مجلس إدارة المؤسسة هي: المراقبة، الحاكمية الرشيدة، المخاطر الكلية.
واوضح مراد ان جميع قرارات ومحاضر اجتماعات مجلس الاستثمار تدرج شهريا، وضمن بند ثابت على جدول أعمال مجلس إدارة المؤسسة، اذ يطلع عليها ويتباحث بشأنها، مشيرا الى شدة الرقابة على اموال الأردنيين، ومن واجب مجلسي الإدارة والاستثمار الحفاظ عليها، كما ان من حق الأردنيين ان تكون إدارة أموال المؤسسة وتنميتها، ضمن ضوابط وإجراءات واضحة وصارمة ومدروسة وشفافة، وتمر بمراحل من الرقابة الداخلية.
ولفت الى وجود 4 اشخاص مشتركين بين مجلس الاستثمار الذي يتخذ القرار الاستثماري ومجلس إدارة مؤسسة الضمان الذي يراقب عمل مجلس الاستثمار، بعد ان يقر السياسة الاستثمارية العامة، وهم: رئيس صندوق الاستثمار ومدير عام المؤسسة وممثلين عن العمال واصحاب العمل، وبالتالي فإن مجلس الإدارة وعبر الاعضاء المشتركين، يكون على اطلاع اولا بأول على آلية ومجريات اتخاذ القرارات الاستثمارية.
وأضاف مراد إنه "على الرغم من هذه الرقابة الشديدة بمراحلها المختلفة - يخضع القرار الاستثماري وعمل الصندوق، لرقابة المدقق الخارجي وديوان المحاسبة والحكومة ومجلس الأمة، وترفع المؤسسة تقارير دورية للحكومة ومجلس الأمة، وكل هذه الإجراءات والبيانات وموجودات الصندوق والأرقام متاحة؛ وتحدّث باستمرار بشكل ربع سنوي على الموقع الإلكتروني لصندوق الاستثمار.
واوضح ان صندوق الاستثمار بدأ عمله تحت مسمى "الوحدة الاستثمارية" عام 2003، وهو صندوق تقاعدي استثماري طويل الأمد، يهدف لتمكين المؤسسة من إدارة أموالها بشقيها التأميني والاستثماري، لتحقيق أهدافه التي أنشئ من أجلها، وهي خدمة المواطن والوطن.
وأضاف إن ذلك يهدف لإدارة واستثمار أموال المنتسبين للمؤسسة من عاملين، يبلغ عددهم نحو مليون و200 الف منتسب، ومتقاعدين يبلغ عددهم حاليا نحو 200 الف متقاعد، في إطار الحفاظ على هذه الأموال وتنميتها باستثمارات ذات جدوى اقتصادية، ضمن مستويات مخاطر مدروسة بين مخاطر مقبولة وغيرها.
وأشار مراد الى أن الرصيد الافتتاحي للصندوق عندما بدأ عمله عام 2003؛ كان مليارا واحدا و600 مليون دينار، وأصبح مع نهاية الشهر الماضي 6ر9 مليار دينار، ما يعني أن موجودات الصندوق زادت خلال هذه الفترة 8 مليارات دينار، وهذه الزيادة جاءت بواقع 4 مليارات من تحويلات الفوائض من المؤسسة و4 مليارات من عوائد صندوق الاستثمار.
وأوضح أن صندوق الاستثمار، يستثمر الآن في 12 بنكا محليا بقيمة 3ر1 مليار دينار وبنسبة حيازة ملكية تتراوح بين 2- 21 %، وهناك استثمارات أخرى في نحو 80 شركة مساهمة عامة وخاصة بقيمة 2 مليار دينار، واستثمار في بورصة عمان بنسبة 11 % من القيمة السوقية للبورصة، ويملك 80 % من منطقة المفرق التنموية، و100 % من منطقة اربد التنموية.
وتحدث في الجلسة امس نواب، انتقدوا المسؤول الذي يغادر موقعه ويسيء للمؤسسة التي كان يديرها، فيما رأى نواب ان الضمان بيت مال الشعب الاردني، ولا يجوز المساس به، معربين عن معارضتهم لاي مغامرة في الاستثمار باموال الضمان.
ورأى نواب ان مداخلة الملقي ومراد "ازالت الكثير من الشكوك"، موضحين أنه جرى تقديم تطمينات بانه لا يوجد اي تغيير على آلية الاستثمار في الضمان، فيما طالب نواب بتعديل قانون الضمان، ليلزم الوحدة الاستثمارية بالحصول على موافقة مجلس الادارة قبل الاستثمار، وحثوا المؤسسة على ارسال تقارير دورية لمجلس النواب، عن اوضاع الاستثمار فيه، وان الاستثمار بأمواله يجب ان يكون بحياد، ونوهوا لغياب المعلومات والمكاشفة، ما يؤدي لرواج الاشاعات، متسائلين إن كان الضمان سيشارك في مشروع المفاعل النووي.
وسأل نواب عن حجم استثمارات الضمان الخاسرة والرابحة؛ ومجموع الرواتب التي يتقاضاها شهريا رئيس الصندوق والاعضاء، منوهين ان طلب التفسير لمرتين خلق بلبلة، وانه يجب منح المسؤول حرية اتخاذ القرار الاقصادي، وان التشكيك والتخوين يضر بأي عمل استثماري، مطالبين بان يكون الاستثمار في الضمان قليل المخاطر.
وقال نواب ان اموال الضمان اموال وقف، سائلين عن سبب توجيه السؤال لتفسير القوانين، لافتين الى ان هناك استثمارات بمبلغ 300 مليون دينار لا تربح فلسا، وان صناديق اخرى لا تربح ايضا، وان التجارة بالاسهم تخسر، وان الحكومة استدانت من الضمان نحو 4 مليارات دينار.
وقال نواب ان الضمان سيبقى في دائرة الخطر ما دامت لم تترسخ الديمقراطية، معتبرين ان "السياسيين الجدد"، سيكون هدفهم دوما الضمان، وان المشهد الحالي يشير لتخبط حكومي وسلوك يدعو للريبة، مقترحين التعاقد مع شركة عالمية متخصصة في التدقيق، لدراسة استثمارات الضمان.
وسأل نواب عن سبب وحود خلاف بين ادارة الضمان وادارة صندوق الاستثمار، فيما عبر نواب عن خشيتهم على اموال الضمان، مما اسموه بـ"الشبح الخفي" الذي يعتبر "اقوى من الحكومة".
وانتقد نواب الاشاعات والتشويه الذي يتعرض له المسؤولون دون اي دليل، مطالبين من يملك ادلة على فساد التوجه للنائب العام، فيما نوه آخرون الى ان هناك حالة اقتصادية يعاني منها المواطن.
ولفتوا الى ان الحديث عن الضمان يعني حديثا عن الوطن، ولا يجوز الدخول في صراعات بين مراكز قوى، وانما يجب ان يكون الخلاف على النهج وليس على الاشخاص، فيما تساءل نواب عن اسباب اثارة موضوع الاستثمار في هذا الوقت، مشيرين إلى ان هناك "قوى شد عكسي".
الى ذلك، قرر مجلس النواب بالاغلبية خلال الجلسة المسائية امس اعادة مشروع تعديل النظام الداخلي للمجلس الى اللجنة القانونية لمزيد من الدراسة، بناء على مقترح للنائب صالح العرموطي، الذي قال انه يمتلك تعديلات مقترحة، لم ينظر فيها.
كما شرع النواب ببحث واقرار مشروع قانون معدل لقانون ادارة قضايا الدولة لسنة 2018، الذي جاء لتسريع اجراءات التقاضي، وتحقيق العدالة الناجزة عبر تمكين مجلس ادارة قضايا الدولة من انتداب الموظفين الحقوقيين العاملين في دوائر الدولة.