الراجحي.. الملياردير الحمّال.. من الصفر وإلى الصفر بعد 80 عاماً
المركب -
أن تبدأ من الصفر وتعتمد على قدراتك الخاصة للوصول إلى قمة طموحاتك، فذلك أمر طبيعي، أما أن تعود إلى نقطة البداية طواعية بعد 80 سنة من الكفاح والأشغال الشاقة فذلك لعمري فوق طاقة البشر.
ويبدو أن لرجل المال والأعمال السعودي سليمان عبدالعزيز الراجحي المولود في البكيرية- القصيم عام 1920 وجهة نظر أخرى، إذ تبرع بثروته المقدرة بـ7.4 مليار دولار حسب «فوربس» ثلثاها للأعمال الخيرية، وثلث لأبنائه، ليعود بذلك إلى «الصفر»، غير نادم، قائلا: وصلت لمرحلة الصفر مرتين في حياتي، إلا أن وصولي هذه المرة كان بمحض إرادتي.
عمل الراجحي الذي نشأ فقيرا في بداية حياته كحمّال وكناس وطباخ وقهوجي وصبي صراف، إلى أن أسس (مصرف الراجحي) أول بنك إسلامي في السعودية، وأحد أكبر البنوك الإسلامية في العالم، وامتلك العديد من الشركات المساهمة في التنمية الزراعية والصناعية والتعليمية والخيرية.
رهان الملياردير على قدرات الإنسان السعودي كان وراء تحوله من فقير معدم إلى ثالث أغنى عربي في العالم، فهو يدرك أن العمل التجاري محفوف بالخسائر والمخاطر، لكن ذلك لم يفت في عضده، وعمل بكل طاقته لينتشل نفسه وأهله من بؤرة الجوع والعوز.
لم ينل الراجحي نصيبا من التعليم، ويميل منذ طفولته إلى العمل والتجارة، فلم يستسلم للصعوبات التي رافقت مشواره، وقرر في إحدى مراحل حياته أن يعمل بائعا للطائرات الورقية، فاشترى واحدة بآخر قرش في جيبه، وفككها ليتعرف على طريقة صنعها، ثم جمع سعف النخيل ليصنع منها الطائرات، ويبيعها بنصف قرش.
اجتهد خلال عمله مع أخيه الأكبر صالح ليتحمل مسؤولية نشاط الصرافة في جدة ومكة، فكان يحمل الطرود والأمانات على ظهره لإيصالها للمطار، فيقطع ما يزيد على عشرة كيلومترات ليوفر أجرة الحمال والنقل، ولم يكتف بذلك فتاجر في أوقات فراغه في الأقفال والأقمشة ومواد البناء لتحسين دخله.
وقبل بلوغه العشرين جمع 1500 ريال، وهي ثروة كبيرة في ذلك الوقت، فحقق رغبة والديه في الزواج، رغم أن ذلك كلفه كل ما جمعه، ويقول الراجحي: وفقت بالزواج من 4 نساء ساعدنني في حملي الكبير، فيما يشير «العم غوغل» إلى أنه أب لـ23 ابنا وابنة.
وفي العام 1987 أسس سليمان الراجحي وإخوته مصرف الراجحي، برأسمال 15 مليار ريال، وتعددت فروعه لتصل إلى 500 فرع، كما يمتلك أكبر شبكة صراف آلي بما يزيد على 2750 صرافا في مختلف مناطق السعودية، كما يمتلك 19 فرعا في ماليزيا، و6 فروع في الأردن.
يتابع أعماله بشغف، ويراقب كل شيء بنفسه، ويتمنى لو الأسبوع 9 أيام ليقضيها في العمل، فهو أول من يأتي إلى مكان العمل وآخر من يخرج منه، إلا أنه يوزع عمله حاليا على أولاده، قائلا: بعد أن كنت صاحب العمل، صرت دلالا أجلب لأولادي الزبائن، لكني أشارك بفكري في كل صغيرة وكبيرة.
اللافت في أمر إمبراطور المال أنه يتعمد لبس ثوب عمره 30 عاما؛ ليردع نفسه، ويذكرها بماضيها، فيما أوصى بعدم إقامة عزاء له بعد وفاته، وأردف في وصيته: من أراد العزاء فعليه التصدق بمبلغ التعزية للجمعيات الخيرية.