خبراء: الأنظمة التعليمية في الدول العربية تحتاج إلى إصلاحات
المركب
أكد سمو الأمير الحسن بن طلال رئيس منتدى الفكر العربي، أن تطوير الثقافةِ العربية يسهم في خدمة الرؤيةَ النهضويةَ العربية الواحدة التي يتشارك الجميع في رسم معالمها، مضيفا أنه من الضروري العمل على رفد المنابر الثقافية بالفكر الأخلاقي الذي تغنيه التعددية، وينيره التنوع الحضاري، وتزينه الأصالة المستنيرة.
جاء ذلك في كلمة لسموه، أمس في افتتاح أعمال المؤتمر الشبابي العربي السابع الذي ينظمه منتدى الفكر العربي في عمان تحت عنوان «التعليم والإبداع والاستثمار: نحو رؤية عربية مشتركة».
ويشارك في المؤتمر الذي يستمر يومين ما يزيد على 600 شخصية قيادية عربية تمثل النخب الفكرية والسياسية والأكاديمية ومنظمات المجتمع المدني.
ولفت سموه إلى أن إطلاق منتدى الفكر العربي للميثاق الثقافي الأخلاقي العربي؛ يؤكد أهمية تطوير الثقافة العربية، وضرورة التمسك باستقلالنا الثقافي المتكافل، الذي يعيد تجديد العقل العربي المنفتح على الآخر.
وأشار سموه إلى أنه لا بد من البدء بتمكين اللغةِ العربية وتمتينها لأنها هوية وتراث وأداة تواصل مع اللغات الأخرى وبها يتحقق الربط بين الماضي والحاضر.
ولفت سموه إلى أهمية دمج اللاجئين في الأنظمة التعليمية القائمة في البلدان المضيفة لتجنب ضياع هذا الجيل من اللاجئين، والذي يواجه تحديات صعبة على مستوى التعليم في بلاده.
بدوره، أوضح الأمين العام لمنتدى الفكر العربي الدكتور محمد ابو حمور أن الدول العربية حققت العديد من الإنجازات في مجالِ إتاحة الفُرصِ التعليمية، خاصة في مراحل التعليم الأساسيِ، إلا أنَّه بالرغمِ من ذلك، ما زال هناك الكثير للقيام به لتحقيق المعايير العالمية فيما يتعلَق بجودة التعليم، لافتا إلى الفجوة بين ما تقدمه المؤسسات الأكاديمية للشباب من مهارات ومعارف، وبين ما يحتاجه سوق العمل.
وشدد على أنّ الأنظمة التّعليمية في الدول العربية تحتاج إلى إصلاحات في مختلف المجالات، بما في ذلك المناهج وأساليب التدريس، وأنظمة البحث العلميّ وسبل الاستفادة من التكنولوجيا وتطبيقاتها المتنوعة ، وخاصة ً في مجال الابتكار والإبداع.
وقال: «إنّ الفرصة السكّانية مع نهاية العقد الثاني من هذا القرن، تدفعنا إلى إعادة تسليط الضوء على البطالة الّتي تفرض تحدياً يحتاج إلى تخطيط سريع ومسبق لمواجهة مختلف تداعياته القادمة ، فهذا التحدّي يكشف عن فرصة للتحوّل إلى مسار نهضوي ّ حقيقي وشامل، يضع المجتمعات العربيّة على الطّريق الصّحيح لتجاوز مشكلات الفقر والفاقه والتهميش، وضعف الإنتاجية، وتحقيق مشاركتها في التنمية المستدامة، وضمان حدّ معقول من الأمن الإنساني ّ لهذه المجتمعات، والاستقرار للدّول.
وأوضح أنّ تنمية الاستثمارات البينيّة تتطلّب من الدول ذات العلاقة أن ْ تطوّر تشريعاتها، وتحسّن المناخ الاستثماري بما يجذب الاستثمارات ويحفزها ، ويشجّعها على التوطّن في الدول العربية.
وأكّد على أهمية التجارة العربيّة البينيّة، وضرورة أنْ تحظى بما تستحقّه من رعاية وعناية ، الأمر الّذي يتطلّب تعزيز اتفاقية منطقة التجارة الحرّة العربية الكبرى، ومواصلة العمل لاستكمال متطلّبات الاتحاد الجمركي العربي، خاصةً وأن التجارة العربية البينية تشكل ما يقارب 12 بالمئة من إجمالي ّ التجارة العربية ، ما يعني أنّ هناك فرصةً كبيرة ً للنهوض بالتجارة البينية وتعزيز العلاقات التجارية المشتركة.
وأضاف: في مثل هذه الظروف لا بد أن نولي اهتماما خاصّاً لموضوع التنمية البشرية، لتصبح ركيزةً أساسية ً في التعاون العربي، بحيث يكون الإنسان أداة التنمية وهدفها. لذلك لا بد من تخصيص مصادر كافية لهذه الغاية ولا بد ّ من التفّكير في ايجاد طرق وأساليب مبتكرة لتمويل التنمية المستدامة، مع الاهتمام بمفاهيم تمكين الشباب والمرأة في إطار خطط التنمية الوطنية. من جهته، أشار عضو المنتدى الدكتور نزار يونس، من لبنان، إلى أهمية الاعتناء بهوية قومية واحدة ملتزمة بالحرية والديمقراطية لمواجهة تحديات العولمة وتوحيد الشباب نحو هدف سام يقوم على الوعي في مواجهة المجهول وكذلك الأفكار الموجعة لمستقبل الشباب.
وقالت عضو المنتدى من فئة الشباب ملاك العقيلي إن حجم الفرص الاقتصادية الواعدة في الدول العربية مبشرة، وما زالت تحاول شق طريقها، وأن أي إنسان يستطيع أن يكون من الرياديين.
وبين عضو مجلس أمناء منتدى الفكر العربي الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة أن الأحداث الأخيرة التي تعيشها الأمتان العربية والإسلامية أثبتت قدرة التقنية الحديثة بشتى أصنافها وألوانها على تحريك الواقع، وأن لوسائل التواصل الاجتماعي ومنصاتها، التي يرتادها ويقودها الشباب بكل كفاءة وتمكين، القدرة على تشكيل الأنماط والسلوكيات وتكوين الأفكار وتنشئة العقول.
ويسعى المؤتمر إلى تشخيص التحديات التي يعاني منها الشباب العربي على الصعيد الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي، والعمل على الخروج بسياسات عملية مؤسسية قادرة على معالجة هذه المشكلات.
ويشكل المؤتمر إسهاما في تأكيد المشاركة الشبابية العربية، للنهوض بالواقع التنموي، وبلورة رؤية شاملة حول ترابط الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية لمستقبل الوطن العربي ومجتمعاته، بما يضمن لهذه المجتمعات الأمن الإنساني والعدالة والمشاركة الاجتماعية. وتتناول محاور المؤتمر ثلاثة موضوعات أولها: «التعليم والابداع»، انطلاقا من أنّ جوهر التّميّز والتنافسية والتفوّق والريادية يقوم على الإبداع، وهو ما يتطلّب تعزيز المشاريع الإبداعية ، وربطها بتأهيل الشباب وتدريبهم في مختلف مراحل الدراسة المهنية والتكنولوجية والمدرسية والجامعية على مهارات الإبداع والابتكار وحل المشكلات، ليشكّل كلّ ذلك منظومة أساسية من منظومات التعليم والتأهيل والتثقيف الوطني.
أما المحور الثاني فيركز على موضوع «الشباب والمشاركة وثقافة الريادية» بوصفها قضيّة تولدّ دينامية داخلية مستدامة للاقتصاد الوطني، من خلال المشاريع الجديدة التي يقوم بها الرياديون ، ودعم وتشجيع المشاريع الصغيرة التي يقوم بها الشباب، وتنميتها لتتحوّل الى مشاريع كبيرة تولّد فرص العمل والرؤى الابتكارية في الاقتصاد والثقافة والعلم والسياسة ، فالمجتمع الصناعي هو المجتمع الريادي.
ويدور المحور الثالث حول قضية «التنوع الثقافي ّ، المواطنة وبناء التماسك الاجتماعي ّوالاقتصادي» فالحقوق المتصّلة بالمواطنة تنعكس في سويّة قانونية عابرة لمختلف هويات المواطنين الصغيرة ، وجامعة لهم في إطار رؤية وطنية واحدة ، فتتصالح الهويات في الوطن الواحد ، وتتفاعل وتتلاقح ، وتجعل من الاختلاف مادة للغنى السياسي والاجتماعي. ويسعى المؤتمر عبر محاورة الرئيسة الثلاثة إلى تشخيص واقع الإحباط والتهميش والإقصاء الذي يعاني منه الشباب العربي على مختلف الأصعدة ، ويؤشر على النتائج الخطيرة المتمثلة في كسر إرادة الشباب واتجاهاتهم السلبية في التعامل مع هذا الواقع، ويدرس الأسباب التي تؤدي إلى الظواهر السلبية مثل الاتجاه إلى الهجرة والتطرّف والتعصب والعنف بمختلف أشكاله.