الدكتور وائل عربيات يوجّه رسالة مؤثرة يدعو فيها إلى صون المشروع الهاشمي وحماية الوطن   |   إنهاء الصراع العربي الأسرائيلي أو استمراره بيد الإدارة الأمريكية   |   سماوي يلتقي سلامة ولحود ويبحثان سبل التوأمة بين مهرجان جرش والمهرجانات اللبنانية   |   اللجنة التنفيذية لشؤون التربية والتعليم في 《الميثاق الوطني》تصدر توصيات حول نظام الثانوية العامة الجديد (نظام الحقول   |   شركة زين تطلق دليل إمكانية الوصول الشامل لتهيئة مبانيها ومرافقها للأشخاص ذوي الإعاقة   |   فعالية رياضية نوعية تشعل أجواء الحماس في جامعة فيلادلفيا   |   مذكرة تفاهم بين الضمان الاجتماعي والبوتاس العربيّة لتنظيم إجراءات تسديد الاقتطاعات المستحقة من رواتب المتقاعدين   |   ACY Securities تحتفل بالذكرى الخامسة عشرة وتؤكد دورها في تطوير الأسواق المالية الأردنية والإقليمية   |   جهود الإعلام الأردني تعزز دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع   |   مؤسسات المجتمع المدني وتحقيق مستهدفات التحديث الاقتصادي   |   وزارة السياحة والآثار وأورنج الأردن تختتمان هاكاثون الحلول الرقمية في القطاع السياحي للأشخاص ذوي الإعاقة وتكرمان الفائزين   |   أبوغزاله يعرض رؤيته لإصلاح الأمم المتحدة أمام دبلوماسيين من 30 دولة   |   تعلن جامعة فيلادلفيا عن حاجتها لتعيين: - مشرف أنظمه وشبكات في مركز الحاسوب.   |   تعلن جامعة فيلادلفيا عن حاجتها لتعيين: - فني صيانة الكترونيات في مركز الحاسوب.   |   ديانا كرزون تسحر الجمهور بأحدث أعمالها الغنائية 《دوخني》   |   ماذا على مؤسسة الضمان أن تفعل في المرحلة القادمة.؟    |   عمّان الأهلية تنظّم ندوة عن الصناعات الدوائية ويوما طبيا في عين الباشا   |   زين تدخل في شراكة مع المنتدى الدولي لأعمال الإعاقة كأول شركة اتصالات في المنطقة   |   مجموعة الخليج للتأمين – الأردن تعزز ريادتها في قطاع التأمين بعد فوزها بجائزة   |   شركة ميناء حاويات العقبة تكشف عن أبرز مؤشرات أدائها التشغيلي لشهر تشرين الثاني 2025   |  

طبيعة الإنسان والواقع الاجتماعي والمنهج الفلسفي


طبيعة الإنسان والواقع الاجتماعي والمنهج الفلسفي
الكاتب - ابراهيم ابو عواد

طبيعة الإنسان والواقع الاجتماعي والمنهج الفلسفي

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

1

     القاعدةُ الثقافية الحاملة للعلاقات الاجتماعية تُكَوِّن أنساقًا لُغويةً رمزيةً تُفَسِّر طبيعةَ الإنسان ، اعتمادًا على الرابطة بين الدوافعِ النَّفْسِيَّةِ ومَعاييرِ الإدراكِ . وتفسيرُ طبيعةِ الإنسانِ هو تفسيرٌ للواقع الاجتماعي ، وكُلَّمَا تَكَرَّسَتْ عمليةُ التفسيرِ إنسانيًّا وواقعيًّا واجتماعيًّا ، اتَّضَحَتْ معالمُ الوَعْي المُسيطِر على التَّنَوُّعِ الثقافي ، والسُّلُوكِ اليَومي ، والتواصلِ الحضاري . وهذا يدلُّ على أنَّ الهدفَ مِن عملية التفسير هو الوُصُولُ إلى الوَعْي ، وَحِمَايَتُه مِن الغيابِ والتغييبِ،لأنَّ حُضُورَ الوَعْي هو الضَّمَانَةُ لدمجِ القاعدة الثقافية مع قاعدة البناء الاجتماعي، واستخراجِ تاريخ التجارب الحياتية مِن أعماق الإنسان . وهذا مِن شأنه إحداثُ توازن بين حُضُورِ الوَعْي وحُضُورِ التاريخ ، ومنعُ العلاقاتِ الاجتماعية مِن عَزْلِ الثقافة ، ومنعُ الثقافةِ مِن تَحويل اللغةِ إلى هيكل اجتماعي مُحَنَّط في مُتْحَفِ التاريخ . والغايةُ مِن العلاقاتِ الاجتماعية هي تعميمُ الظواهر الثقافية ، وتحديدُ المعاني الوجودية ، وتفعيلُ التبادل المعرفي ، وتعزيزُ وسائل الاتصال والتواصل ، والغايةُ مِن الثقافة هي تفجيرُ الطاقة الرمزية في اللغة ، وتأويلُ الواقع الاجتماعي معرفيًّا لا مصلحيًّا ، وتحويلُ السُّلوكِ اليومي إلى مُحاولة مُستمرة للتَّطَهُّر مِن العُقَدِ النَّفْسِيَّة في طبيعة الإنسانِ ، والعُقَدِ التاريخيةِ في البناء الاجتماعي .

2

     لا يُوجد بناء اجتماعي بِدُون بُنية أخلاقية واعية ، وقادرة على تحويل مصادر المعرفة إلى فاعلية للتغيير في مركزية الوَعْي في البيئةِ المُعَاشَة وماهيَّةِ الوجود وهُوِيَّة المَعنى الإنساني ، وهذا التغييرُ لا يَعْني إقامةَ قطيعة معَ التُّراثِ الفِكري والزمنِ الماضي ، وإنَّما يَعْني فتحَ الزمن على إفرازاتِ التاريخِ وإسهاماتِ الحضارة ، بحيث يُصبح الزمنُ منهجًا فلسفيًّا لتوليدِ الوَعْي في الفضاء الإبداعي للعلاقات الاجتماعية ، واكتشافِ الرموز اللغوية في الدوافعِ النَّفْسِيَّةِ ومَعاييرِ الإدراك . ووظيفةُ المنهجِ الفلسفي تتجلَّى في تحديد أبعاد الواقع الاجتماعي ذي الطبيعة المُزْدَوَجَة ( الكِيَان المادي الواقعي والكَينونة المَعنوية الحالمة )، مِمَّا يُسَاهِم في فَحْصِ الأنساق التُّرَاثية الكامنة في الثقافة ، والتعاملِ معَ اللغة كمنظومة وُجودية تُزيل التعارضَ بَين الشُّعُورِ الإنساني في تاريخ الوَعْي ، وبَين الآلةِ الميكانيكية في حضارة الاستهلاك ، وتَضَع حَدًّا فاصلًا بين الصراع في التاريخ ، وبين الصراع على التاريخ. وإذا كانَ التاريخُ له فلسفته الخاصَّة، فإنَّ اللغة لها مَنطقها الخاص ، ولا يُمكِن الجمعُ بين نظام التاريخ ومَنظومة اللغة إلا بتفعيل ذاكرة منهج التحليل الاجتماعي ، حيث يقوم المجتمعُ باكتشاف جَدوى بقائه وشرعيةِ حياته في الحاضر والماضي معًا ، بلا انقطاع زمني ، ولا قطيعة معرفية . والزمنُ المُتَّصِلُ يَعْني بحثًا مُستمرًّا عن المَعنى الوجودي للإنسانِ والمُجتمعِ والبيئةِ ، بلا قوالب جاهزة ، ولا أحكام مُسْبَقَة . والمعرفةُ المُتواصلةُ تَعْني إنتاجًا مُستمرًّا للوَعْيِ والإدراكِ والمسؤوليةِ ، بلا قَمْع فِكري ، ولا عُقَد نَفْسِيَّة أوْ تاريخية .

3

     إذا كانَ الإنسانُ ابنَ الواقعِ الاجتماعي ، فإنَّ الفلسفةَ ابنةُ رمزيةِ اللغة ، وهذا النسيجُ المعرفي المُتشابك يُؤَسِّس المفاهيمَ العقلانية في زوايا الرؤية للتاريخ ، ويُكَرِّس التَّحَوُّلاتِ الفكرية والاجتماعية كمعايير وُجودية تُعيد صِياغةَ العلاقة بين الذاتِ والموضوعِ ، والنظريةِ والتطبيقِ ، والشكلِ والمَضمونِ ، والهُوِيَّةِ والمَاهِيَّةِ ، مِن أجل منعِ الوَعْي الزائف مِن إنتاج المَعنى التاريخي في الحضارة ، ومنعِ الوَهْم المُؤَدْلَجِ مِن تفتيت الفِعْلِ الحَضَاري في التاريخ . وهذا يُؤَدِّي إلى تحقيق التوازن بين الفِعْلِ الاجتماعي والفِعْلِ الحضاري . وهذان الفِعْلان يَنقُلان التجاربَ الشخصية للأفراد مِن الصِّيغة الوِجْدانية إلى الصِّيغة الثقافية ، ويُحَوِّلان البناءَ الاجتماعي مِن هَيكل تَرَاتُبي جامد إلى فضاء إبداعي سائل ، يَحتضن الأحلامَ الفَرْدية والطُّمُوحات الجَمَاعية ، ويَبْني سُلطةَ المُجتمعِ فِكْرًا وأخلاقًا ، خَيَالًا وواقعًا ، تأصيلًا عِلْمِيًّا وتطبيقًا عَمَلِيًّا . ولا يُمكِن أن تَكتمل سُلطةُ المُجتمع إلا إذا اكتملتْ شخصيةُ الفردِ الإنسانية ، لأنَّ شخصيةَ الجُزْءِ هي أساسُ سُلطةِ الكُلِّ .