عَدَميُّون ومُشكِّكون من أجل الصالح العام..!
عَدَميُّون ومُشكِّكون من أجل الصالح العام..!
بالرغم من استنفار مدير عام مؤسسة الضمان الاجتماعي لكل قوى المؤسسة وأذرعها وتحشيده الإعلامي والسياسي غير المسبوق لدعم تعديلاته المقترَحة على قانون الضمان، إلا أنه يواجه حالة متزايدة من الرفض الشعبي والعُمّالي والنخبوي للتعديلات، ما جعله يخرج علينا أمس بمقال نزق يصف فيه معارضي تعديلاته بالمشكِّكين والعدميين، وكأنه يريد منّا أن نصطف على أرصفة الشوارع وأطاريفها للتصفيق له ولبطولاته وإبداعاته وهو يُقدّم لنا حزمة تعديلات قاسية مؤلمة ستدفع ثمنها أجيال بأسرها، وشريحة عريضة من المؤمّن عليهم اليوم..!
هذا المنشور الذي أكتبه اليوم يحمل الرقم 460، من سلسلة منشورات تأمينية عنوانها (حقّك تعرف عن الضمان) آليتُ فيها على نفسي أن أُعالج مختلف شؤون الضمان وقضاياه وسياساته التأمينية والاستثمارية وأن أضع الناس بكافة مستوياتهم وفئاتهم الاجتماعية والثقافية داخل بيت الضمان ليتعرّفوا على كل ما فيه فهذا حقّهم، وهو بيتهم، وهذا كان ديدني حتى أثناء تشرّفي في الخدمة بمؤسستي الغالية التي هي مؤسسة الإنسان والمجتمع.
كان بإمكاني أن أقول بأن تعديلات الضمان المقترَحة اليوم ممتازة وتصب في الصالح العام للناس ولمؤسستهم وللأجيال، فأنال الرضا والقبول والحظوة، وهي أسهل كثيراً من أن أقدّم رأياً ناقداً مدروساً موضوعياً مُدعّماً بالحجج والأرقام والسجل التاريخي لمسيرتنا في الضمان، وأن أتحمَّل عبء هذا الرأي وتبعاته، وما يمكن أن يواجهني من لغة اتّهامية معلَبة جاهزة لكل من يُخالف صاحب سلطة رأيه ويعارض توجهاته..!
أَنْ أُتَّهَم وغيري من معارضي تعديلات الضمان بأننا عَدَميّون ومُشَكِّكون ونتحدث بخزعبلات أفضل وأشرف ألف مرّة بالنسبة لي من أنْ أُشِيد وأؤيّد تعديلات تحمل بذور أزمة اجتماعية لا بل انفجار اجتماعي قادم لا محالة، ولعل أكبر دليل على ما أقول وما يُفنّد ما قاله مدير الضمان في مقالته أن جزءاً وافراً من التعديلات المقترَحة لم يتم الإفصاح عنها حتى اليوم، لا بل تعمّد مدير الضمان إخفاءها وحجبها عن الرأي العام، وحتى إحدى أخطر التعديلات لم يتم الكشف عنها إلا أثناء المؤتمر الصحفي الذي عقده مدير الضمان يوم 31 / 8 / 2022، وهو التعديل المتعلق باعتماد متوسط كافة أجور المؤمّن عليه خلال طيلة مدة اشتراكه بالضمان كمتوسط داخل في معادلة احتساب الراتب التقاعدي، فعن أي حوار وطني يتحدث المدير إذن منذ سنة ونصف على الأقل..؟!
جلالة الملك يُخاطبنا ويقول: اضغطوا من أجل الإصلاح..!
والمسؤولون يتّهموننا بالعدمية والتشكيك إذا ما ضغطنا وعارضنا وأبدينا رأينا المخالف تماماً لرأيهم.. أي معادلة صعبة يقف أمامها الأردنيون اليوم..؟!
أنصحك يا مدير مؤسسة الضمان كما نصحت قبلك رئيسة صندوق استثمار أموال الضمان بأن تنسحب من المشهد وتترك ملف التعديل لغيرك، فربما تتغير الأمور، فلا يُعقل ولا يُقبَل أنك منذ أن تقلدتَ موقعك ولا يُشغِلُك غير موضوع تعديل القانون، ألا تذكر حين تحدّثنا بعد مجيئك بأسبوعين أو ثلاثة عن موضوع تعديل القانون ووعدت بأنك لن تفتح هذا الباب، حينها قلت لك باستثناء الفصل الخاص بالمؤمّن عليهم العسكريين وأيدتني في ذلك.. لكنك لم تفِ بوعدك، وحتى أثناء تعديلات القانون عام 2019 وعدت الناس على الهواء وعبر أثير "صوت المملكة" بأنه لن يكون هناك حاجة للتعديل ولعشر سنوات قادمة، ولم تفِ بوعدك..!
صديقي المدير العام الزميل والأخ د. حازم تيسير الرحاحلة.. اقبل نصيحتي وانسحب بهدوء أما تعديلاتك فلن تمر..!
(سلسلة معلومات تأمينية توعوية بقانون الضمان نُقدّمها بصورة مُبسّطة ويبقى القانون والأنظمة الصادرة بمقتضاه هو الأصل - يُسمَح بنقلها ومشاركتها أو الاقتباس منها لأغراض التوعية والمعرفة مع الإشارة للمصدر).
خبير التأمينات والحماية الاجتماعية
الإعلامي والحقوقي/ موسى الصبيحي