الجيش الإسرائيلي يمتنع عن إجراء تحقيق جنائي باغتيال أبو عاقلة
ضمن نهج السلطات الإسرائيلية المماطلة والمراوغة وتبديل الروايات باغتيال الصحافية الشهيدة شيرين أبو عاقلة، التي قتلت برصاص قناص إسرائيلي خلال عملها الميداني في مخيم جنين، لا ينوي الجيش الإسرائيلي فتح تحقيق جنائي من قبل الشرطة العسكرية للتحقيق بملابسات اغتيال أبو عاقلة، بحسب ما أفادت صحيفة "هآرتس"، اليوم الخميس.
وقوبل اغتيال الصحافية الفلسطينية أبو عاقلة برصاص الاحتلال الإسرائيلي، بإدانات دولية، ودعوات لإجراء تحقيق شفاف ومستقل في الواقعة، ودعت الولايات المتحدة الى إجراء تحقيق "شفاف" حول مقتل أبو عاقلة التي تحمل أيضا الجنسية الأميركية.
واتهمت السلطة الفلسطينية جيش الاحتلال باغتيال الصحافية أبو عاقلة، ورفضت إجراء تحقيق مشترك مع الجانب الإسرائيلي، ورحبت بالتعاون مع الهيئات الدولية لإجراء تحقيق دولي شفاف، علما أن النتائج الأولية لتشريح الجثة الذي أمرت به السلطة الفلسطينية أظهرت مقتل أبو عاقلة متأثرة بإصابتها بعيار ناري في الرأس.
وذكرت الصحيفة أن النتائج الأولية للفحص المرحلي الذي أجراه الجيش الإسرائيلي توصلت إلى وجود احتمالين، أن تكون أبو عاقلة أصيبت بنيران إسرائيلية أو فلسطينية، دون اتخاذ قرار حاسم بشأن الجهة التي أطلقت النار صوب أبو عاقلة.
وقتلت أبو عاقلة برصاص قناص إسرائيلي خلال عملها الميداني بالقرب من مخيم جنين، وذلك أثناء قيام عناصر من وحدة "دوفدوفان" في جيش الاحتلال بعملية اعتقال "مطلوبين" في المخيم.
ووفقا للصحيفة، فإن الفحص الأولي الذي اشرف عليه العقيد ماني ليبرتي ، قائد لواء "الكوماندوز"، أشار إلى 6 حالات إطلاق نار من قبل الجيش الإسرائيلي على مسلحين فلسطينيين كانوا بالقرب من الصحافية أو عاقلة وصحافيين آخرين.
ويشتبه جيش الاحتلال بأن أحد جنود تواجد بجيب عسكري وأطلق النار على فلسطيني مسلح تواجد خلف الجدار، حيث كان الجيب العسكري على بعد حوالي 190 مترا من الصحافية أبو عاقلة.
وفي محاولة منه لطمس الحقائق، يروج جيش الاحتلال للعديد من الروايات المتناقضة وذلك للتنصل من المسؤولية، كما أنه يدعي أن عدم موافقة السلطة الفلسطينية على تحقيق مشترك وتسليم الرصاص التي قتلت أبو عاقلة للفحص
الباليستي، يجعل من الصعب صياغة النتائج النهائية.
ويقدر جيش الاحتلال الإسرائيلي أن التحقيق النهائي لن يؤدي إلى نتائج حاسمة بشأن مسألة المسؤولية عن إطلاق النار والرصاص التي تسببت بمقتل الصحافية أبو عاقلة.
وتمتنع المدعية العامة العسكرية الجنرال يفعات تومر يروشالمي، حتى الآن، عن إصدار تعليمات لفتح تحقيق لدى وحدة التحقيقات في الشرطة العسكرية، بزعم أنه لا يوجد هناك شبهات جنائية، لكن تقدر الصحيفة بأن مثل هذه التحقيق من شأنه أن يثير معارضة وجدلا داخليا بالجيش والمجتمع الإسرائيلي.
ومن المرجح أن يثير قرار عدم فتح تحقيق جنائي باغتيال أبو عاقلة، الذي لم يتم الإعلان عنه رسميا من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، انتقادات من الإدارة الأميركية، التي طالبت إسرائيل باستنفاد إجراءات التحقيق حول الحادث.
الخارجية الفلسطينية: قرار جيش الاحتلال نتيجة فشله في إخفاء أدلة إعدامه أبو عاقلة
تدين وزارة الخارجية والمغتربين بأشد العبارات ما أورده الإعلام الإسرائيلي بشأن قرار جيش الاحتلال الإسرائيلي عدم قيام الشرطة العسكرية التابعة له بالتحقيق في جريمة إعدام الصحافية أبو عاقلة، دون أن يوضح ما هو الأساس القانوني الذي اعتمد عليه في قراره، متجاهلا عشرات الشهادات الحية والأدلة ونتائج التشريح وغيرها من القرائن التي تدين جيش الاحتلال.
وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية الفلسطينية "الاحتلال اختار أن يبرر قراره بحجج وذرائع غير قانونية وواهية ومتناقضة، في محاولة بائسة لإغلاق الملف والتهرب من تحمل المسؤولية بحجة (عدم وجود شبهات جنائية)، تثبت مسؤولية جيش الاحتلال عن إعدام الشهيدة ابو عاقلة، وبحجة أخرى تتعلق بخشية الجيش من حدوث خلافات في صفوفه أو في المجتمع الإسرائيلي، وهو ما يثبت من جديد الانهيار التام لروايات جيش الاحتلال التي حاول تسويقها لتزوير الحقيقة والتهرب من المسؤولية".
وترى الوزارة الفلسطينية، أن قرار جيش الاحتلال غير مستغرب ويندرج في إطار ما اعتادت عليه المؤسسة العسكرية الإسرائيلية في دفن جرائم إعداماتها الميدانية دون أية تحقيقات أو تسجيلها ضد مجهول، حماية للمجرمين والقتلة وتوفير الغطاء لهم لارتكاب المزيد من الجرائم.
وفي هذه الحالة وفي ظل الادانات الدولية الواسعة لإعدام الشهيدة أبو عاقلة والمطالبات بتحقيق نزيه وشفاف في هذه
الجريمة خاصة من قبل الإدارة الأمريكية، فإن دولة الاحتلال تبحث عن أبواب للهروب من تحمل المسؤولية وتحاول الاختباء خلف قرار مؤسستها العسكرية، في محاولة لإطلاق بالونات اختبار لتقييم ردود الفعل الدولية.
من جديد، تحمل الوزارة الفلسطينية الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن جريمة إعدام الشهيدة أبو عاقلة، وتحذر من مغبة المحاولات الإسرائيلية الهادفة إلى إغلاق الملف وتعتبرها بمثابة جريمة جديدة ترتكب بحق أبو عاقلة.
تؤكد الوزارة أن دولة الاحتلال ستفشل هذه المرة من التهرب في تحمل المسؤولية والإفلات من العقاب، خاصة وأن قضية الشهيدة أبو عاقلة أصبحت قضية اهتمام دولي وإسرائيل ليست اللاعب الوحيد فيها، وإن كانت سابقا دفنت المئات من جرائمها دون أية تحقيقات من جانبها.
وتعتبر الوزارة أن قرار جيش الاحتلال ناتج عن قناعة إسرائيلية بأن جنودها هم الذين قتلوا الشهيدة أبو عاقلة، وهو ما دفع الجيش للبحث عن خيار آخر لحماية نفسه والخروج بأقل الخسائر، فاكتشف أن رفض فتح التحقيق رغم معرفته بأن هذا سيعرضه للانتقاد الدولي، لكنه يبقى أقل كلفة من تحقيقات تدينه.
وتطالب الوزارة الفلسطينية الجنائية الدولية والدول كافة تحميل دولة الاحتلال بشكل صريح وواضح المسؤولية عن إعدام الشهيدة أبو عاقلة تمهيدا لمحاسبها ومعاقبتها.