إلا وطني2/3 – الشباب العربي حصانة الوطن
لا أخفي أنني أتعمّد في كل مناسبة أن أردّد على مسمع القاصي والداني أنا “قومي عربي”،
فالقومية العربيّة هاجسي الثابت الذي لم يتأثر بكل الهزّات التي عصفت في كيان وأركان هذه الأمّة، ليقيني أنّ كلّ ليلٍ مهما طال سيعقبه ضوء، ولابد سيتلوه صباح، وسيسطع النور من جديد، مهما استحكم الظلام، ومهما تمادت العتمة، وهذا هو ربّما حال الأمّة العربية اليوم، التي ومهما فرّقتها الظروف، والظنون، والشروخ، والمؤامرات، فستظّل اللغة جامعها، والدين موحدها، والعقيدة نهجها، والمصير المشترك دربها، والتاريخ مرجعيتها، والحضارة عنوانها..
ومهما تردّت خطواتها، أو تقهقرت، ومهما تداعت شؤونها او حتى انهارت..
فحجر الأساس لا يزال شاهداً هنا، بل شاهقاً.. وفوق هذه الأرض ما يستحق الاحترام، وكما قال الشاعر الفلسطيني الفذّ “محمود درويش” : /فوق هذه الارض ما يستحق الحياة /.. فعلا فوق الأرض العربية، ما يستحق الحياة والتقدير، وفوق رأسنا سماء صافية يسكنها العزيز القدير، وأمسنا ماضٍ مجيد، وحاضرنا لا يخلو من الالتباس، لكننا أبناء الغد.. نحن من يزرع الآفاق علماً ومعرفة ينتمي للغد، ولا يحتاج سوى القليل القليل من جديّة في قراءة الأوراق، لكنه يحتاج الكثير الكثير من التركيز..
وينبغي ان نطرح السؤال الأهم على أنفسنا أولاً، ومن ثمّ على بعضنا البعض أي عالم عربيّ نريد..؟!أ يّ وطن نريد؟! ،
هل نريد وطن النزاعات والرهانات والارتهانات؟!
أم وطن القرار والسيادة والاستقرار والاستقلالية؟! ..
ليكن بعلم الجميع أنّ كل خطوةٍ نخطوها بجهل ستردّنا عشرات السنوات إلى التخلف وسوء المآل، وكل كلمة نطلقها جزافاً، واعتباطاً، ودون احتساب ستكون وبالاً علينا إلى ما شاء الله.
فقط علينا أن نفكّر مليّاً كيف نحيي القوميّة العربية، وكيف ننهض شباب هذه الأمّة ليكونوا يدا واحدة، نعزّز طاقاتهم بجميع أشكالها، نوجههم لاعتناق العلم وعشق المعرفة، فهم الربح الحقيقي لأيّة مؤسسة من مؤسسات القطاع الخاص، وأيّة شركة مهما كانت امكاناتها بسيطة، وأيّة دائرة حكومية يجب ان تفتح أبوابها لاستثمار هذه الطاقة وعدم ترك الشباب للبطالة والضياع، كل هيئة عاملة يجب أن تكون حقلاً خصباً لاستقطاب الطاقات الشبابيّة..
يجب البدء اعتباراً من الشباب، بتمتين شعور الانتماء للوطن كهويّة وكجزء من الوطن الكبير، لا بدّ من تفعيل الروح العروبيّة، برفع صوت الكلمة الهادفة واللحن الحماسي الآسر، كيف السبيل لنجعل الجيل الحالي والأجيال القادمة تردّد كما كنا نردد نشيد الأمة العربية، فنمتلىء بالشعور والحماس، والشغف، والاندفاع، لفعل أي شيء إلا أن نبقى مكتوفوا الأيدي ونحن نردد “بلاد العرب أوطاني.. من الشام لبغدان ومن نجدٍ.. إلى يمنٍ.. إلى مصر فتطوان”…
لابد من حثّ الإعلام والميديا، لتفعيل دور هذا النشيد الذي ينبغي أن ينطلق بزخم واقعيّ، ليزيح كل هذا الخواء والفراغ والسطحية التي نشهدها بحسرة وألم، وكيف تتخبّط فيها مجتمعاتنا وخاصة الجيل الشاب فيها، الذي فَقَدَ البوصلة، وفَقَدَ خيوط الانتماء، وفَقَدَ المعنى الحقيقي لوجوده وكيانه، لأنه فَقَدَ الإيمان بوطنه وربّما بوطنيّته..
لهذا علينا وقبل كل شيء إعادة بناء الثقة لدى هذا الجيل ليتكفّل بما عداه من الأجيا القادمة بأن نقنعه بمقولة “الوطن العربي هو بمثابة الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”..
هذه قناعتي وقناعة كل قومي عربي أصيل ووفيّ ومخلص لعروبته وقوميتها، وهنا أجدد دعوتي بل أطلق صرختي، لكل أمين على القومية العربية أن يحرّك ساكناً.. ولو بكلمة شرط أن تكون صادقة وخالية من التعصّب الأعمى وهو يردّد على مسامعه ومسامع أبناء جِلدته “إلا.. وطني، وإلا.. عروبتي”.
المصدر .. مجلة إلّا