كيف احتضن صبار مرج بن عامر الأسير محمد العارضة بعد 22 عاماً من الفراق- (فيديو وتغريدات)
“كانت أجمل خمسة أيام في حياتي، تذوقت فيها طعم ثمرة الصبار لأول مرة منذ 22 عاماً من مزارع مرج بن عامر،وتجولت في أراضينا المحتلة عام 48″، جملة لخصت حكاية الفلسطيني الذي يعيش الاغتراب في أرضه منذ ما يزيد عن 76 عاماً، قالها الأسير الفلسطيني محمد العارضة، أحد الأسرى الأربعة الذين أعيد اعتقالهم بعدما حرروا أنفسهم في 6 سبتمبر/ أيلول الجاري من سجن جلبوع الإسرائيلي.
محمد ومعه ثلاثة من رفاقه الأسرى، أدلوا بتفاصيل رحلة تحريرهم لأنفسهم، منذ لحظة البدء بالتفكير في حفر نفق أسفل السجن، وما تلاها من ردود فعل إسرائيلية غاضبة على المستويين الأمني والسياسي، فيما وصفه المختصون بـ”بالاختراق الأمني”، وقال عنه المحللون الإسرائيليون إنه الفعل الذي كشف هشاشة عظمة إسرائيل المزعومة.
حديث العارضة عن تناوله ثمرة فاكهة الصبّار لأول مرة منذ 22 عاما، لاقى تفاعلا واسعا لدى الفلسطينيين الذين جردوا الصبار من كونه مجرد ثمرة، ليصبح رمزاً من رموز التعبير عن النضال الفلسطيني.
فرسام الكاريكاتير محمد سباعنة، أحد رسامي فريق “القدس العربي”، استطاع تجسيد رحلة العارضة في تناول الصبار من خلال رسم يظهر حجم الألم الذي طاله، كي يتمكن من تناول ما تشتهيه نفسه من أرض بلاده، وإظهار الغطرسة الإسرائيلية التي حالت ولا تزال دون أن يصل الفلسطيني لكامل أراضيه المحتلة، معلقاً بالقول: “أكلنا من صبر البلاد”.
أما الرسام الفلسطيني المعروف علاء اللقطة فعبر عن التفاصيل الدقيقة التي ذكرها العارضة وهو يروي كيف تمكن من الوصول لمزارع مرج بن عامر لتذوق الفاكهة التي لم يرها منذ أكثر من عشرين سنة، وربما نسي مذاقها، وكيف أن ثمرة الصبار على كل ما فيها من أشواك استطاعت أن تحتضن الأسير الفلسطيني، لتخفف عنه ألم الأسر والاحتلال.
حديث الأسير العارضة عن رحلة تحرره ووصوله لأراضي مرج بن عامر، لا يقف عند تناوله الصبار فحسب، بل بحسب الفلسطينيين هو حديث الروح الذي احتفظ به في قلبه منذ سنوات، بحثا عن الحرية ولقاء أمه، إذ قال خلال لقائه بالمحامي خالد محاجنة، محامي هيئة شؤون الأسرى، “تذوقت فاكهة الصبر من أحد البساتين لأول مرة منذ 22 عاماً، كنت ابحث عن حريتي ولقاء والدتي، وأنا على يقين بأن الحرية قريبة وأن عودتي إلى المعتقل لا تعنى شيئا أمام ساعات الحرية تلك”.
فاكهة الصبار التي جادت بطيب مذاقها في فم العارضة، أصبحت حديث رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الأراضي الفلسطينية، والذين رأوا أنها ربما حملت من اسمها نصيب، وأن الأقدار ساقته لها كي تعطيه من حلاوة طعمها، مزيداً من جرعات الصبر على العذاب الذي يواجهه ورفاقه منذ لحظة اعتقالهم، وهم محمود العارضة، وزكريا الزبيدي، ويعقوب القادري.
وذكر المحامي محاجنة تفاصيل قاسية ومؤلمة، بعد أن تمكن واثنين من زملائه من زيارة أبطال نفق الحرية الأربعة بعد منتصف ليلة أمس.
وأشار إلى أنهم يتعرضون للضرب والتعذيب، وأن الأسير محمد العارضة لم يسمح له بالنوم منذ اعتقاله سوى 10 ساعات فقط، فضلاً عن حرمانه من الطعام، إذ يُحتجز الآن داخل زنزانة صغيرة تخضع لمراقبة كبيرة.
وأكد محاجنة أن الأسير العارضة يمر برحلة تعذيب قاسية، يتعرض فيها للضرب المُبرح ورطم رأسه في الأرض، كما أنه لم يتلق العلاج اللازم، حيث يعاني من آثار جروح غائرة في مختلف أنحاء جسدة، كان قد أصيب بها أثنار مطاردة الاحتلال له ولزكريا الزبيدي.
وصرح محامي الهيئة بأن أحد المحققين قال لمحمد العارضة “أنت لا تستحق الحياة، وتستحق أن أطلق النار على رأسك”، فيما لم يتمكن من تناول طعامه سوى أمس.
وأكد أنه وزكريا الزبيدي لم يشربا خلال أيام تحررهما نقطة ماء واحدة، وهو ما تسبب بإنهاكهما وعدم قدرتهما على مواصلة السير.
وجدد تأكيد رفض الأسير العارضة للتهم الموجهة إليه، مشيرا إلى أنه قرر التزام الصمت رغم كل التعذيب ومحاولات الضغط، وأن رده على التهم التي يحاول الاحتلال إلصاقها به أنه اكتفى بالقول: “تجولت في فلسطين المحتلة عام 48، خلال تحرري كنت أبحث عن حريتي ولقاء أمي”.