مؤسسة بلومبيرغ الخيرية تتدخل في سياسات مكافحة التبغ في البلدان النامية لخدمة مصالحها
مؤسسة بلومبيرغ الخيرية تتدخل في سياسات مكافحة التبغ في البلدان النامية لخدمة مصالحها
27 حزيران 2021
مقال بقلم ميشيل مينتون، تم نشره على موقع Competitive Enterprise Institute الإلكتروني:
يعتبر هذا المقال امتداداً لمقال سابق نشر في شباط الماضي في نشرة Inside Source، متضمناً انتقاداً لسلوك الجماعات المناهضة للتبغ في الدول النامية منخفضة ومتوسطة الدخل، والتي تمولها مؤسسة بلومبيرغ الخيرية التي تعتبر مبادرة ومؤسسة ممولة من عمدة نيويورك السابق، مايكل بلومبيرغ، تستهدف في ظل توسعها الحالي تثبيط التوجهات لاستخدام أي من منتجات النيكوتين غير الصيدلاني في الدول النامية التي تنطوي على معدلات تدخين مرتفعة بغض النظر عن احتياجات ومصالح الناس في تلك الدول، كما أنها تقدم التبرعات ذات التأثير السلبي على بدائل التبغ معدلة المخاطر (غير القابلة للاحتراق) للعديد من المنظمات والحكومات في تلك الدول، بغض النظر عن مستوى احترامها للقيم الليبرالية والحكم الديمقراطي.
في سياق متصل بنفس الموضوع، فقد تم تقديم تقارير من مصدر مجهول حول استراتيجية حملة "من أجل أطفال بلا تبغ (CTFK)" التي انطلقت في العام 2017 في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، والتي تعدّ إحدى الجهات المستهدفة بشكل أساسي من قبل بلومبيرغ التي تقوم بدورها من بتحويل أموال مكافحة التبغ من خلال الحملة التي تتمثل مهمتها المعلنة في تنمية وتمويل جهود مكافحة التبغ حول العالم، فيما تقوم بلومبيرغ من خلالها بتحويل أموال مكافحة التبغ لإنفاذ سياساتها وأهدافها، فيما تتمثل خططها الخاصة والتي تكشف عن نطاق وانتشار تأثيرها، لا سيما في المناطق النامية، في بناء شبكة واسعة من "الشركاء"، والتي تضم بعضاً من أكثر الشخصيات والمؤسسات نفوذاً في المجتمعات المستهدفة، بما في ذلك الوكالات الحكومية والأنظمة الاستبدادية. وعلى ذلك، فإن حملة من "أجل أطفال بلا تبغ" تعتبر حملة لمكافحة التبغ في الظاهر، لكن في الواقع ما هي إلاّ حملة لخدمة مصالح مترابطة ومنسقة ومحددة مسبقاً من عدة جهات.
ومن غير الخافي على أحد أن علاقة مؤسسة بلومبيرغ الخيرية مع جميع الجهات المستفيدة، كحملة "من أجل أطفال بلا تبغ"، ومنظمة الصحة العالمية، ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC، والاتحاد الدولي لمكافحة السل وأمراض الرئة، هي علاقة مكشوفة خاصة من ناحية الارتباط المالي؛ حيث يمكن تعقب حجم المنح البالغة من المؤسسة لتلك الجهات ما يقارب 700 مليون دولار على مر السنين، ولكن الغموض يكمن في كيفية إنفاق هذا التمويل والمنح من قِبل تلك الجهات للتأثير على صناع القرار.
قد تبدو نوايا هذه الجهات، كحملة "من أجل أطفال بلا تبغ" التي ترفع شعار "نحن نعرف ما هو الأفضل"، حسنة للوهلة الأولى، وأنّ جلّ اهتمامها هو محاولة تشجيع تبني اللوائح التي تحمي الناس من أضرار التدخين وتهدف لتحسين الصحة العامة في الدول النامية. لكن، وعلى العكس من ذلك، فإن أهدافها الرئيسة إنما هي أهداف سياسية بحتة؛ إذ تتمحور جهودها حول محاربة أي نهج مقترح يهدف لتنظيم استخدام التبغ قد يأخذ بعين الاعتبار احتياجات الأفراد في تلك الدول، متجاهلة حقيقة أن ما قد ينجح في الدول المتقدمة قد لا ينجح في الدول النامية بسبب عوامل عدة منها: الاختلاف في الأولويات، وتوفر الموارد، وإمكانية الوصول للخدمات والعلاج لسكان تلك الدول، عدا عن الاختلافات الثقافية والاقتصادية والجغرافية التي تعد مؤثراً مهماً في كيفية استجابة السكان للتغييرات التنظيمية التي قد تفرضها الحكومات؛ فالسياسات التي قد تعتقد الحكومات بأنها تقلل من معدلات التدخين في بلد ما، قد لا تفشل فقط في الحدّ من التدخين في بلد آخر، بل قد تدفع الناس إلى الانخراط في سلوكيات أكثر ضرراً.
هذا وتطالب حملة "من أجل أطفال بلا تبغ" وغيرها من الجهات التي تمولها بلومبيرغ، الحكومات في الدول النامية حيث يعيش 80% من المدخنين في العالم ويموتون، تحقيقاً لأهدافها وأهداف بلومبيرغ، بالتعامل مع جميع منتجات التبغ سواء التقليدية أو البدائل التي قد تكون أقل ضرراً بنفس الطريقة من خلال فرض نفس الضرائب المرتفعة والقيود الصارمة التي تهدف إلى تثبيط استخدام التبغ أو حظره تماماً بما في ذلك البدائل التي يحتمل أن تنقذ الحياة، والتي أثبتت الأدلة والدراسات العلمية أن منتجات التبغ البديلة غير القابلة للاحتراق والتي تعتمد على التسخين أو التبخير أو منتجات المضغ كمنتجات التبغ الرطب، والسجائر الإلكترونية، والسنوس، تعدّ أقل ضرراً بشكل جذري ووسيلة فعالة تساعد المدخنين البالغين على الإقلاع عن التدخين.
كذلك، فإن الحملة لا تدخر جهداً على طريق تحقيق أهدافها غير المعلنة بالتحرك على العديد من المحاور بما يشمل تدريب الموظفين وتنظيم الاجتماعات وإنتاج المواد البحثية التي تدعم بها رؤيتها وأفكارها وأهدافها، إلى جانب إجراء الاتصالات والتواصل مع الجهات المعنية وذات النفوذ وصاحبة القرار النهائي للتأثير عليها، كما في أندونيسيا، والصين، والبرازيل، وفيتنام وغيرها، مع تجاهل نجاحات دول كاليابان التي انخفضت مبيعات السجائر التقليدية فيها لأكثر من 40% بفضل تحول المدخنين إلى منتجات التبغ غير القابلة للاحتراق.
وعلى الرغم من ذلك، تستمر حملة "من أجل أطفال بلا تبغ" وحلفاؤها في الحركة العالمية لمكافحة التبغ، لكن من خلال الدفاع عن السياسات التي ثبت أنها تأتي بنتائج عكسية باستمرار، دون أي جهد واضح لتصحيح المسار. وربما يكون الأمر الأكثر إثارة للقلق، هو أنهم يبدون أيضاً غير مهتمين بكيفية تأثير مقاربتهم للتأثير على البلدان النامية منخفضة ومتوسطة الدخل، والتي قد تكون ضارة بصحة ورفاهية الأشخاص الذين يعيشون هناك على المدى الطويل. وعلى الرغم من الادعاءات التي تشير إلى عكس ذلك، لا يبدو أن استراتيجية حملة "من أجل أطفال بلا تبغ" تركز على دعم العمليات السياسية الحالية في هذه الدول، وإنما في قيادتها لإنشاء نظام واسع النطاق من التبعية للسلطات الأجنبية، دون الاهتمام لتلك السلطات واحترام المعايير الديمقراطية.
قد تكون هذه الاستراتيجية فعالة في التلاعب بالدول منخفضة ومتوسطة الدخل لتبني سياسات التبغ التي تفضلها مؤسسة بلومبيرغ وحملة "من أجل أطفال بلا تبغ"، ولكنها قد تؤدي أيضاً إلى إدامة أو تفاقم إرث الاستعمار في العالم النامي.
وللاطلاع على المقالة بلغتها الأصلية، يمكن زيارة الرابط التالي: Exposed: Bloomberg’s Anti-Tobacco Meddling in Developing Countries - Competitive Enterprise Institute (cei.org).
-انتهى-