أبوحمّور: الرؤى العربية المشتركة أساس العمل العربي نحو تنمية إقليمية مستدامة
أكاديميون ومتخصصون عرب يناقشون تحديات التنمية المستدامة في العالم العربي
ربيع: التنمية المستدامة في الوطن العربي لن تتحقق إلا بنهضة ثقافية فكرية مجتمعية
د. أبوحمّور: الرؤى العربية المشتركة أساس العمل العربي نحو تنمية إقليمية مستدامة
د.السعيدي: لن تتحقق الاستدامة إلا بمعالجة انعكاسات الاختلالات المتراكمة على التنمية
د.الصاوي: الحاجة إلى خطط عالمية تنسّق بين أدوار الأقاليم كافة لبناء الاستدامة
د. العذاري: الحوار الداخلي أساسي لوضع خطط تنموية واقعية شاملة وطويلة الأجل
عمّان - عقد منتدى الفكر العربي، يوم الأربعاء 10/02/2021، لقاءً حوارياً عبر تقنية الاتصال المرئي بعنوان: "العرب وتحديات التنمية المستدامة"، حاضر فيه البروفيسور محمد عبدالعزيز ربيع أستاذ الاقتصاد السياسي في الجامعات الأمريكية وعضو المنتدى، وشارك بالمداخلات في اللقاء، الذي أداره وزير المالية الأسبق وأمين عام المنتدى د.محمد أبوحمور، كل من: د. مطهر السعيدي الوزير الأسبق وعضو مجلس الشورى اليمنـي وأستـاذ الاقتصاد في جامعـة صنعاء، والأكاديمـي د. كمــال الصاوي من مصـر، و د.نبيل العذاري أستاذ تنمية الأعمال الدولية في الجامعات الأمريكية من العراق.
ناقش المُحاضر د.محمد عبدالعزيز ربيع مفهوم التنمية المستدامة ومراحل تطوره عبر فترات تاريخية متتابعة، بدءاً بمفهوم "النمو الاقتصادي" الذي عبّر عن التنمية، والعائد إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية؛ ممّا جعل التنمية مُقتصرة على الاقتصاد فحسب. أما في سبعينات القرن الماضي فقد ظهر مفهوم "التنمية المستدامة" بسبب استنزاف معدلات النمو الاقتصادي للموارد الطبيعية بسرعةٍ هدّدت المستوى المعيشي للأجيال القادمة، فاتسع مفهوم التنمية حتى يشمل الأبعاد الاقتصادية والثقافية والمجتمعية والبيئية كافة، بهدف الحفاظ على التوزان ما بين الموارد الطبيعية والسكان والثقافة وتكنولوجيا الإنتاج.
كما أشار د.ربيع إلى أن التحدي الأكبر الذي يواجه الوطن العربي في طريقه نحو التنمية المستدامة هو تحقيق التحولات الثقافية والاجتماعية العميقة في الفكر والسلوك والعمل والمواقف؛ إذ لا يمكن أن تتحقق النهضة الاقتصادية دون نهضة ثقافية ومجتمعية.
وأوضح المتداخلون أهمية إيجاد رؤية عربية مشتركة نابعة من رصد وتحليل مشكلات البُنى الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية العربية، وربطها بالاستراتيجيات التنموية، وذلك بهدف معالجة الاختلالات التاريخية المتراكمة، تحقيقاً لتنمية مستدامة عبر خطط واقعية شاملة وطويلة الأجل، وعدم تأجيل مواجهة أيٍ من عوائق التنمية المستدامة وتحدياتها للأجيال القادمة. وركّز بعض المتداخلين على أهمية إيجاد سُلطة عالمية تقوم بوضع خطط استدامة متناسقة ما بين الأقاليم المختلفة، من خلال توزيع مسؤولية العمليات الإنتاجية بشكل عادل عليها، ومراقبة سير وتنفيذ هذه الخطط، إضافة إلى دورها في الحفاظ على الموارد الطبيعية بعيداً عن استنزافها وضياعها.
التفاصيل:
بيّن المُحاضر د.ربيع تبلور مفهوم التنمية المستدامة بدءاً بمفهوم "النمو الاقتصادي" الذي يعود إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية؛ إذ عبّر النمو الاقتصادي عن التنمية ممّا جعلها مُقتصرة على الاقتصاد فقط، فكانت التنمية مجرد توظيف لتكنولوجيا التصنيع والإدارة الحديثة لتحقيق الكفاءة في استخدام الموارد المتاحة، والتحوّل من الاعتماد على الزراعة إلى الاعتماد الأكبر على الصناعة، وتنشيط الاقتصاد الوطني، وتحسين نوعية الحياة بوجه عام.
وأوضح د.ربيع ظهور مفهوم "التنمية المستدامة" في سبعينات القرن الماضي بسبب استنزاف معدلات النمو الاقتصادي للموارد الطبيعية بسرعةٍ هدّدت المستوى المعيشي للأجيال القادمة. فأصبحت التنمية المستدامة عملية توظيف الموارد البشرية والطبيعية والتكنولوجية المتاحة للنهوض بالمجتمعات على المستوى الثقافي والاجتماعي والعلمي والاقتصادي، لتحافظ على معدلات النمو الاقتصادي دون إلحاق ضرر بالبيئة أو حقوق الأجيال القادمة.
وأشار د.ربيع إلى أن التحدي الأكبر الذي يواجه العالم العربي في طريقه نحو التنمية المستدامة هو تحقيق التحولات الثقافية والاجتماعية العميقة في الفكر والسلوك والعمل والمواقف؛ إذ لا يمكن أن تتحقق النهضة الاقتصادية من دون نهضة ثقافية ومجتمعية، وذلك لأن التنمية المستدامة عبارة عن نقلة حضارية متكاملة تشمل الأبعاد الاقتصادية والثقافية والمجتمعية والبيئية كافة، بهدف الحفاظ على التوزان ما بين الموارد الطبيعية والسكان والثقافة وتكنولوجيا الإنتاج.
وقال الوزير الأسبق وأمين عام المنتدى د. محمد أبوحمّور في كلمته التقديمية: إن العالم العربي بحاجة إلى رؤية عربية مشتركة نابعة من رصد وتحليل مشكلات البُنى الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية العربية، وربطها بالخطط والاستراتيجيات التنموية وصيغ العلاج القابلة للتطبيق على المستوى الإقليمي؛ فهناك الكثير من المشتركات التي لا تزال غائبة عن العمل العربي المشترك، والضرورية للوصول إلى تنمية مستدامة تحقق الطموحات وتستجيب بفاعلية ومرونة للتحديات.
وأوضح د.مطهر السعيدي الوزير الأسبق وعضو مجلس الشورى اليمني وأستاذ الاقتصاد في جامعة صنعاء، أهمية العمل الدولي الجامع لكل الأمم من أجل استدامة التنمية، وذلك بتحقيق شرط تطوير معايير العدالة وتطبيقها في تحمّل تكاليف التحولات اللازمة في تصحيح الاختلالات التاريخية المتراكمة، وشرط تطوير معايير ومقاييس وأهداف واضحة للعمل تضمن السيطرة على تحديات الاستدامة قبل فوات الأوان. وتنطبق هذه الشروط على مسؤولية الدول العربية في المشاركة في الاستدامة، على الرغم من خصائصها التي تحول بينها وبين ذلك، مثل: اعتماد معظم الدول العربية على مورد غير مُستدام في استدامة التنمية؛ ألا وهو النفط، واعتماد بقية الدول عليه بشكل غير مباشر، إضافة إلى الاختلالات بين ثقافة وقدرات الإنتاج من جهة والاستهلاك من جهة أخرى، وذلك لمصلحة الميول الاستهلاكية.
وبيّن الأكاديمي المصري د.كمال الصاوي أنّ استدامة التنمية على المستوى القُطري أو الإقليمي ليست ناجعة إلا في إطار عالمي متكامل؛ إذ يجب تحديد بُنية سُلطة عالمية تقوم بوضع خطط استدامة تتكامل بين جميع الأقاليم، حيث تحافظ على موارد البيئة وتوزّع العمليات الإنتاجية بشكل عادل على جميع الأقاليم، وذلك لضمان مشاركتها الفعّالة في الاستدامة. وهنا يبرز دور هذه السُلطة العالمية في الحفاظ على الموارد الطبيعية، حرصاً على عدم ضياعها في الصراعات والحروب التي تشهدها بقاع كثيرة من العالم اليوم.
وأشار الأكاديمي العراقي د.نبيل العذاري أستاذ تنمية الأعمال الدولية في الجامعات الأمريكية إلى ضرورة تصحيح رؤى البلدان العربية بخصوص التنمية المستدامة والاستراتيجيات التي تتبعها، حيث أن خطط التنمية فيها تقتصر على التعليم ومكافحة الفقر فقط، وتُهمل جوانب كثيرة أُخرى. ولذلك نحن بحاجة إلى خطط تنموية واقعية شاملة طويلة الأجل، تعتمد على حوار داخلي يحدّد أولويات واحتياجات كل دولة على حدة، فتقوم مؤسسات الدول بدورها في الإصلاحات والعمل نحو الوصول إلى الاستدامة، وعدم تأجيل التحديات والعوائق وترحيلها للأجيال القادمة.
يذكر أن وقائع هذا اللقاء تبثّ بالصوت والصورة من خلال قناة منتدى الفكر العربي على منصة YouTube، وعلى الموقع الإلكتروني للمنتدى