مسلسل《 حارس القدس》…الرواية الوطنية للدفاع عن القدس.. وفلسطين
ليست حجارة، القدس بأهلها المؤمنين مسلمين ومسيحيين”…جملة تعني الكثير وردت على لسان المطران المناضل ” كبوجي” في مسلسل “حارس القدس”،جملة تحمل الأبعاد الوطنية والتاريخية والروحية للمدينة المقدسة، وفلسطين،المطران” كبوجي” ليس طارئا أو حالة طارئة في مواقفه الوطنية القوية، إنما هي انعكاس وامتداد للوجود المسيحي العربي ،الراسخ في تاريخ المنطقة، من مبدأ المواطنة، وليس كما يقع الكثير في خطأ مصطلح “التعايش”، لان لا احد من الطرفين” المسلم والمسيحي” يقدم تنازلات للآخر، إنما يقف الجميع في دائرة “المواطنة”، على خط مساواة الحقوق والواجبات.
مسلسل” حارس القدس“، جاء في توقيت صعب، حيث محاولات فرض صفقة القرن، وذكرى النكبة،وانكفاء بعض” العرب” باتجاه التطبيع مع الكيان الصهيوني، فجاء الرد بعمل درامي، التف حوله جمهور كبير، وبعيدا عن بعض الملاحظات حول المسلسل، الا انه ياتي في اطار استمرارية السلك المتوهج لإبقاء جذوة الرفض للاحتلال من جيل الى جيل.
“حارس القدس”، بمقدار ما هو تذكير بسيرة مناضل لم تبدله الايام، بمقدار ما هو وفاء لشخصية عربية مسيحية، فانه ايضا جاء ليفضح ويعري فكر وسلوك واسلوب العدو المحتل،فقد كان يدرك” المطران”كبوجي” انه يمكنه ان يوصل صوت القدس وفلسطين، من خلال موقعة الديني، بما يتمتع به من احترام على مختلف المستويات، لذلك كان يستثمر كل حدث من أجل الدفاع عن القدس وأهلها،وايصال صوتهم المكتوم بالاحتلال البغيض.
فكان تركيز المسلسل على المحاكمات في المحاكم الصهيونية، وفي السجن، حيث كان “المطران”،يضع المحكمة الصورية في زوايا ضيقة،وبارادة الرفض، وقوة إيمانه الروحي وإيمانه بقضية فلسطين،كان في كل مرة يكسب جولة، وتنقل الصحافة للعالم بعض ما يجري داخل المحكمة من مواقف ثابتة، ومنطق قوي،و كاريزما الشخصية التي استطاعت ان تجعل القدس في واجهة الأحداث.
كل ذلك في أجواء استطاع المخرج، مع فريقه من الممثلين والفنيين،إعادة إنتاج حياة المطران المناضل، سواء داخل الكنيسة، او بيت اهله، او في المحكمة، أو بين الناس، حيث الاعتناء بتفاصيل المكان والأجواء العامة للأحداث، وطبيعة ومرجعية كل شخصية.
“حارس القدس” عمل صعب من حيث تتبع شخصية معاصرة،بمراحلها المختلفة،فالمطران “كبوجي” يعرف القدس في فترة مبكرة من عمره، وهو شاهد على لحظات الاحتلال الصهيوني الأولى بكل همجيتها،اضافة الى محاكمته، ونفيه الى روما، وحلمه الذي لم يغب عن باله بالعودة الى فلسطين،كل هذا يحتاج إلى جهد ومحاذرة وشفافية، حيث ان بعض شهود المرحلة ما يزالون بيننا.
“حارس القدس” ليس فقط ردا على المتصهينين، إنما يخاطب عقل ووجدان كل مشاهد، بأن هذه القدس.وفلسطين..التي تستحق من كل واحد منا ان يضع على صدره وسام الدفاع عنها كل من موقعه.فالمطران المناضل…غاب..لكنه ترك نموذجا يستحق الاحتفاء..والاقتداء به