تفاصيل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي
المركب
توصلت الحكومة الأردنية وصندوق النقد الدولي إلى اتفاق على برنامج التصحيح المالي والهيكلي للأعوام 2016 – 2019، حيث يقوم برنامج الإصلاح على ثلاثة محاور أساسية؛ هي زيادة المنح والمساعدات، وتقليل نفقات الحكومة وزيادة إيراداتها من خلال تحسين كفاءة التحصيل المتحقق من الضرائب والرسوم، وإجراءات إصلاحية لموارد الدولة.
ويهدف البرنامج إلى الحفاظ على نسبة إجمالي الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2016 عند مستوى ما كانت عليه في نهاية عام 2015، أو قريبة منه أي بحدود 94 بالمئة، وعلى المدى المتوسط خفض هذه النسبة الى 77 بالمئة في نهاية عام 2021.
وقال وزير المالية عمر ملحس في بيان رسمي أصدره اليوم الاثنين إن تحقيق مثل هذا الأمر، في ظل ارتفاع الديون بسبب العجز عام 2015 وتراجع نسبة النمو في العام نفسه إلى 5ر2 بالمئة، يتطلب جهدا وإجراءات، تمكن الحكومة من تحسين مواردها وتقليل نفقاتها من ناحية، وزيادة وتيرة النمو من ناحية أخرى، وهو ما يقلل حجم الدين المطلوب وتصبح نسبة الزيادة فيه متناغمة مع الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي، ما يبقي نسبة الدين على حالها.
وأضاف ان الحكومة قلصت خلال العام 2016النفقات الواردة في قانون الموازنة العامّة للعام 2016، لكل من الحكومة المركزية والوحدات الحكومية المستقلة بحدود 163 مليون دينار، وبسبب هذا الإجراء قل الضغط على المبالغ المطلوب رصدها لخفض العجز من باب الإيرادات.
وبين أن الحكومة قررت قبل الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي التأكد من أن أي زيادة في الإيرادات يجب أن تكون منسجمة مع وثيقة الأردن 2025، التي تم إقرارها العام الماضي بتوجيهات ورعاية ملكية سامية، وأن تتناسق مع أهداف اجتماعية وبيئية لأبناء الوطن كافة، "لذلك رؤي أن يوزع عبء الزيادة في الإيرادات على السجائر والمشروبات الروحية، وأن يعاد النظر في نسب الاستهلاك على السيارات المستعملة المستوردة تدفع لمرة واحدة، والتي باتت مصدرا للتلوث وحوادث السير وفقدان المواطنين على طرقات المملكة".
وقال ملحس إن الحكومة لم تقبل المقترح بأن يعاد النظر في أسعار الكهرباء ابتداء من سعر 43 دولارا لبرميل النفط الذي بلغه قبل بضعة أشهر، ورأينا أن نرفعه إلى سعر أعلى حفاظا على أصحاب الدخول المتوسطة والمتدنية، وتقليلا من تكاليف الطاقة على صناعاتنا وخدماتنا حفاظا على تنافسيتها وقدرتها على التوسع وإيجاد فرص عمل أفضل.
وأوضح أنه تم الاتفاق على "أن لا يعاد النظر بأسعار الكهرباء الآن، وإنما مع مطلع عام 2017، فيما لو زاد سعر برميل النفط على السعر الذي يحقق التعادل (وهو بحدود 55 دولارا حاليا بالنظر للنتائج التي حققتها شركة الكهرباء الوطنية خلال الشهور الخمسة الأولى من العام الحالي)، ولا يكبد الخزينة أية خسائر إضافية".
وأشار إلى أنه تم التفاوض مع بعثة الصندوق لإلغاء أحد الإجراءات المطلوبة والمتعلقة برفع نسبة الضريبة العامة على المبيعات لـ90 مادة غذائية وأساسية وأخرى، منعا لإضافة أعباء جديدة على المواطنين، وتم الاكتفاء بالإجراءات البديلة الأخرى الواردة في هذا البرنامج.
وأكد أنه بهذا المزيج من ضغط النفقات الجارية وزيادة الإيرادات، تمكنت الحكومة من الوصول إلى الحل الأنسب لمنع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي من النمو سنة بعد أخرى.
وتابع انه تم التوصل مع صندوق النقد الدولي إلى إدخال إجراءات إصلاحية بهدف تحقيق مزيد من الشفافية وبناء العمل المؤسسي العلمي الذي يمكن من التخطيط الأفضل للسنوات المقبلة، ومن هذه الإجراءات اعتبار مقادير الإعفاءات الضريبية جزءا من النفقات الضريبية حتى تعكس الواقع الحقيقي بجلاء ووضوح، أي إظهار حجم الإعفاءات الضريبية حتى يتسنى الاطلاع عليها، وإنشاء وحدة لإدارة الاستثمارات الحكومية في وزارة التخطيط لتحقيق نتائج تنموية اقتصادية واجتماعية بكفاءة أعلى وعدالة أكبر.
وأضاف انه دعما للشفافيّة، فإن الحسابات الختامية ستصدر بشكل موحد أيضا يجمع بين الموازنة العامة وموازنات الدوائر المستقلة، وكذلك ستنشأ في وزارة المالية وحدة للسياسات المالية لدراسة الآثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على أي قرار في هذا الإطار على الاقتصاد وقطاعاته المتعددة.
وقال "حيث ان جزءا كبيرا من العجز يقع في قطاعي الكهرباء والمياه، فلا بد من وضع خطة رباعية للاحتياجات التمويلية لكل من شركة الكهرباء الوطنية وسلطة المياه، مضيفا ان البرنامج لن يقتصر على تلك الإجراءات، بل سوف يكون هناك مراجعة للتشريعات الضريبية لتكون أكثر عدالة في توزيع الأعباء، ولسد الثغرات التي ينفذ فيها التهرب والتجنب الضريبي.
وقال ملحس إنه سيعاد النظر بقانون تنظيم الموازنة بحيث يعكس أفضل الممارسات العالمية في تنظيمها، وسيكون اختيار المشروعات الرأسمالية منسجما مع متطلبات النمو الشامل، ومراعيا للحاجات الأساسية للمحافظات.
وأشار إلى عدد من التشريعات والإجراءات الأخرى التي سيتم اتخاذها لتصب مباشرة في وضع الموازنة العامة والدين العام، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر بقانون ضمان الودائع، وقانون البنوك، وقانون الإفلاس، وقانون رهن الأموال المنقولة، ونقل قطاع التأمين ليكون تحت إشراف البنك المركزي ورقابته.
وأضاف ملحس إن التحدي الأهم الذي يجب أن يركز عليه ويصبح المدار الأهم هو "إعادة الصحة والعافية للنمو الاقتصادي وضمان توزيع نتائج ذلك النمو بعدالة".
وأوضح "أن معدل النمو السكاني في الأردن بلغ خلال السنوات الخمس الماضية أكثر من 30 بالمئة بسبب الهجرة، أو بزيادة نسبتها 6 بالمئة في العام، ولو أضفنا حوالي 2 بالمئة كنسبة نمو طبيعية سنوية، فهذا يعني أن عدد السكان كان ينمو بنسبة 8 بالمئة أو أكثر سنويا، "وهو عبء تنوء بأعبائه أمم جبارة في اقتصادها ومواردها"، ولذلك، وبالرغم من تحقيق نمو اقتصادي سنوي إجمالي خلال السنوات الخمس الماضية بمعدل 3 بالمئة، فإن من الواضح أن معدل دخل الفرد كان في تراجع، وهذه حال غير مقبولة يجب التصدّي لها. وهذا هو المحور الأساسي الذي حدّد لنا بموجبه كتاب التكليف السامي انطلاقتنا الاقتصادية".
وقال ملحس: ولتسريع وتيرة النموّ، فإن مبدأ تحفيز الثقة والشفافية بالتعامل والحقائق بين الشعب والحكومة، وتعزيز مبدأ التشاركية بين القطاعين العام والخاص، وفتح الأبواب مشرعة للاستثمار الذي يوفر فرص العمل الحقيقية، ويعزز نمونا الاقتصادي وتنافسيتنا، تصبح ضرورات قصوى، وخير وسيلة لتقليص نسبة اجمالي الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي هو أن ينمو الناتج الإجمالي للوطن وأن ينخفض حجم العجز في الموازنة ما يقلل من حجم الدين العام.
وأكد أن الهدف النهائي المنشود هو إعادة وضع الاقتصاد الأردني على سكة النمو الحقيقي، العادل، الذي يأخذ للمواطن وعيشه الكريم وأمنه الدائم واطمئنانه للمستقبل الاعتبار الأول والأخير.