أسامه الراميني يكتب... كل شيء عن قرار البنك المركزي في تأجيل أرباح البنوك على المساهمين
قبل أيام أعلن محافظ البنك المركزي زياد فريز عن قرار هام يقضي بتأجيل قيام البنوك الأردنية عن توزيع أرباح على المساهمين عن العام 2019 إلى العام 2020 معتبراً وحسب قراره أن أي موافقة سابقة صدرت بخصوص توزيع الأرباح تعتبر لاغية بمعنى أن المساهمين في البنوك الأردنية لهذا العام لن يحصلوا على أرباح مساهمتهم مثل كل عام ولم يتمكنوا من الإستفادة من التوزيعات النقدية التي اعتادوا عليها وكانت بالنسبة إليهم " طاقة فرج " يتم إنتظارها من عام لعام
قرار البنك المركزي وهو بالمناسبة البنك المركزي الوحيد في العالم العربي الذي منع توزيع عوائد الأرباح النقدية وأجلها واقترح على البنوك الأردنية بتوزيع أسهم مجانية على المساهمين إن وجدوا ذلك مناسبا .. قرار البنك المركزي المفاجىء والهام لم يأت صدفة بل سبقه البنك المركزي الأوروبي الذي أصدر هو الآخر قراراً يمنع توزيع العوائد من الأرباح على المساهمين في منطقة اليورو وهناك من يتساءل عن سر القرار وتوقيته والغاية منه ومن المستفيد منه أو مبررات إصداره وهل هذا القرار سيخدم الإقتصاد الوطني والسياسة النقدية ؟ وهل سيصفق المساهمين لهذا القرار الذي حرمهم من مبالغ نقدية بأمس الحاجة إليها وتحديداً في هذا الوقت
البنك المركزي برر قراره إلى التوجيهات الدولية للعديد "وليس الكل" من السلطات الرقابية في العالم جرّاء الآثار السلبية المحتملة لجائحة كورونا التي يبدو لا بل أنها السبب في هذا القرار معتبر البنك المركزي أن ذلك سيعزز مكانة البنوك الأردنية ورفع قدرتها على الإستمرار بتوفير التمويل المطلوب للقطاعات الإقتصادية بمستويات وشروط ملائمة بما يدعم الجهود الوطنية لتقليل آثار جائحة كورونا
جمعية البنوك الأردنية أصدرت اليوم عبر رئيس مجلس الجمعية هاني القاضي تصريح يشيد بقرار البنك المركزي الخاص بتأجيل توزيع أرباح البنوك لسنة 2019 معتبراً أن القرار منسجماً مع التوجهات الدولية للبنوك المركزية في العالم بهدف إحتواء تداعيات أزمة كورونا وأضاف القاضي بأن قرار المحافظ سيعزز مكانة البنوك الأردنية في المنظومة الدولية في هذه الأزمة ويساعدها في دعم الجهود الوطنية من خلال مساعدة القطاعات الإقتصادية من تداعيات أزمة كورونا ومدح القاضي هذا القرار واعتبره إنجازاً وجهداً وتكريم للبنوك التي اتخذت قرارات عدة في مصلحة الإقتصاد الوطني
أعتقد أن إلغاء أو تأجيل التوزيعات النقدية على المساهمين الذي سيخلق حالة عداء منهم وخصوصاً الأفراد الذين لم يحصلوا هذا العام إلا على أسهم مجانية في أحسن تقدير ولن يسكتوا على قرار ليس في مصلحتهم وأضرهم بشكل كبير ولكن هؤلاء لا يفكرون بطريقة تفكير البنك المركزي الذي يعلم أن تأجيل التوزيع سيوفر 400 مليون دينار على أقل تقدير وهي ناتج الأرباح بعد خصم الإحتياط القانوني في صناديق البنوك وهي سيولة ضرورية ومهمة ، البنوك أحوج إليها في هذا الوقت أكثر من أي وقت مضى ستعوض ما فقدته من السحوبات الكبيرة وستقوم بتوظيفه مرة أخرى في قروض لشركات وأفراد هي بحاجة إليه
البنك المركزي يعلم أن تأجيل العوائد لعام آخر سيُضر بالأفراد وصغار المساهمين وهم بالمناسبة أعدادهم كبيرة ولكن حصصهم قليلة ولكن محافظ البنك المركزي لا يسير لخطاب شعبوي عاطفي فهو يعلم الحقيقة والواقع ولديه أرقام وحصص ملكيات البنوك وينظر للأمام والمستقبل ويعلم أن المصلحة العليا هي الأهم من مصلحة الأفراد والأقلية لذلك فكان القرار عقلاني لا عاطفي ومنطقي يخدم المصلحة العليا والإقتصاد والنقد والبنوك معاً مع أن هذا القرار ربما أنه لم ولن يعجب البعض وخصوصاً الفئة التي تحدثنا عنها ... فالمحافظ زياد فريز يعلم تماماً أن الأضرار التي نجمت ولا تزال جرّاء جائحة كورونا والأحداث السلبية المحتملة لها مستمرة فمسلسل نزف السيولة مستمراً والتعطل بات يُلمس والأضرار باتت واقعاً فهو يعرف ويعيي بأن البنوك المحلية تحتاج إلى كل تلك العوائد لتكون عامل مهم في تعزيز الملاءة والمكانة المالية وكفاية رأس المال مما يساهم في التعاطي مع المتغيرات الجديدة والتي ستنعكس سلباً على قطاع البنوك جرّاء تأثير الجائحة وزلزالها المستمر والذي لا يعلم أحداً متى سينتهي أو إلى أين سنتجه معه فكل البنوك المركزية في العالم لم تستطع ولن تستطع تحديد حجم الخطورة أو حصرها بعتبار أن الجائحة سيل جارف لن يتوقع أحداً متى سيتوقف ؟
قرار محافظ البنك المركزي مهم وضروري وفي وقته ويشكر عليه لأنه عزز ملاءة البنوك وقوتها وكفاية رأس مالها بعد أن سمح لها بالإحتفاظ بالأرباح وعدم توزيعها والبقاء عليها في الصناديق مما سيساهم من تعزيز حقوق المساهمين وقدرة البنك في المستقبل على التعاطي مع المخاطر وهي باتت وشيكة جرّاء التعسر والتعثر والذي سينعكس سلباً على أرباح البنك مستقبلاً