طرق مبتكرة وتحايل على مشاعر المواطنين.. 5 الاف حالة تسول في 2015
المركب
زوايا محددة وأماكن بعينها في الشوارع والاحياء يحتلها أشخاص يوهمون من حولهم باعاقة ما، أو حاجتهم لشراء الحليب أو الطعام للعائلة، ويبتغون تسول المال، ليتبين لاحقا أن معظمهم من ذوي الاسبقيات.
ولم يعد منظر المرأة التي تحمل طفلا رضيعا يؤثر كثيرا بالمارة ويثير شفقتهم، لأنه بات من الأساليب البالية التي لا تنطلي على أحد، فهذه احداهن اتخذت زاوية قرب أحد المطاعم الفخمة في منطقة تلاع العلي، تتكسب من رواده ، غير ابهة ببرد أو مطر ، فجُل همها جمع المال بطريقة الاستجداء بالطفل الرضيع .
ويبتكر متسولون طرقا حديثة للتسول قد تنطلي على العديدين، إذ يطلب المتسول المال،تحت ذريعة اطعام أطفاله الجوعى، أو شراء الدواء لوالدته المريضة وغيرها من المبررات التي ربما تكون غير حقيقية.
أكثر ما يذهل المواطن خالد عبد المجيد تلك الطرق الغريبة في الاحتيال، إذ يقول" انه أثناء وجوده في أحد المستشفيات برفقة قريب لي، تقدم مني رجل ستيني وقور،يطلب مني إن كان بالامكان المساهمة بتجهيز كفن لقريبته التي توفيت للتو".
لم يكن لدى عبد المجيد، خيارا سوى أن يعطي الرجل ما تيسر من مال، وبنفس الوقت راوده شعور بأن هذا نوع من التسول، ليراقب الرجل ويرى مشهدا أمام عينه، حيث جمع المال من أكثر من عشرين شخصا برفقة أقاربهم، مستغلا شعورهم بالقلق على مرضاهم أو الحزن على موتاهم ، ليدفع المال مع غيره عن طيب خاطر !
ولم يعد يتفاجأ المار في شوارع عمان الرئيسة والتجارية، بالذات في مناطق جبل الحسين أو الصويفية، أو وسط البلد، بوجود أطفال لم يتجاوز عمر الواحد فيهم العاشرة بهيئتهم الجميلة ، سواء من حيث الملابس ، أو المظهر العام أو طريقتهم بالحديث،أو أساليب الحيل المبتكرة.
" خالتو، انا مو شحاد، وما بدي مصاري، أنا جوعان بدي ساندويشة، انت اشتريلي اياها"، بهذا الأسلوب واجهت المواطنة سيرين مشتهى،الطفل الذي ظل يلاحقها من أجل الحصول على المال, وتؤكد أنها اقتنعت بكلامه واعطته المال لشراء ما يحتاج من طعام، إلا أنه بادرني :" خالتو ، اخوي الصغير بحاجة الى حليب، وثمن العلبة دينار ونصف"،عندها تغيرت طريقة المعاملة " اكتشفت انها وسيلة جديدة للتسول، فابتعدت" .
تقول سيرين انها خلال ساعة واحدة من تجوالها في منطقة جبل الحسين تعرضت لأكثر من متسول من الأطفال، يستخدمون نفس العبارات ، بحيث يقف الطفل أمامها ويسألها :" خالتو ممكن أحكي لك شيء؟ " ،فيبدأ بسرد قصة أنه حتى الان - الساعة الرابعة مساء - من غير افطار وأنه لا يريد المال ، بل شراء ساندويشة " .
وتضيف سيرين ،ان سيدة في الاربعينيات من عمرها ، تبتكر طريقة أخرى وفي نفس المكان ، فتبتسم من بعيد وتحدثها بطريقة الصدمة :" ابشرك بشارة .. الرزق والخير جاييك من بعيد ، وانت طيبة، ولكن الحاسدين كثر " مدعية أنها تقرأ البخت ! يعرض الموظف أبو معن، ما حصل معه أثناء عمله في احدى المؤسسات الخاصة، إذ دخل عليه شاب صغير يعاني من اعاقة، ويقوم ببيع أصناف من السكاكر، مدعيا أنه لا يتسول وانما يبيع السكاكر باسعار تتراوح بين العشر قروش والربع دينار. يقول "إن أغلب الموظفين اعطوا الشاب المال دون أن يأخذوا من سلعته، فمنهم من دفع له دينارا ، لأن هذا الأسلوب أوقع العديد منهم باحراج" .
وتعتبر غيداء أن بعض مندوبي المبيعات الذين يدخلون إلى المؤسسات بغرض بيع دفاتر التلوين للاطفال،أو شراء سلع أخرى،أو تجدهم يحملون ورقة موقعة باسم شخص وهمي ، ويعانون من الصمم ،يبتكرون هذه الأساليب للاحتيال،لانها تثير الشفقة لدى النفوس للشراء . يلفت انتباه أحمد ابو الخير، اسلوب آخر من التسول عند اشارات المرور، إذ يقوم بعض باعة الصحف بالاستجداء من السائقين لشراء الصحيفة ، مشيرا الى أنه غالبا ما يدفع ثمن الجريدة أو أكثر بقليل دون الحصول على الصحيفة . تركن في أحد الزوايا في منطقة أم اذينة امرأة تجاوز عمرها الستين، وترتدي ( مشدا للديسك ) فوق ملابسها، والى جوارها عكازات تساعدها على المشي ، تستجدي المارة بسياراتهم ،كما يقول أحد المارة. "فقد أصبحت أغض الطرف عنها لسوء منظرها المصطنع، ولا يثير الشفقة لدى الناس بقدر ما يثير الاشمئزاز من هذه الوسائل التي باتت مكشوفة عند الجميع"، بحسب ما يصف،داعيا الى متابعة المتسولين في العديد من المناطق وبخاصة في عمان الغربية التي تعطي صورة سيئة عن المجتمع الاردني .
ويقول التاجر نادر الحاج،" هناك امرأة مع مجموعة من الفتيات في أحد شوارع عمان، تدعي أنها من الهاربين من الحرب في سوريا وتحاول عبثا التحدث باللهجة السورية ألا انها مكشوفة لانها في بعض الاحيان تتحدث بلهجة يمنية أو عراقية أو سورية ! يؤكد الناطق الاعلامي في وزارة التنمية الاجتماعية الدكتور فواز الرطروط أن التسول ليس له علاقة بالفقر، وانما وسيلة سريعة للحصول على المال والكسب، مشيرا الى الحادثة الاخيرة التي وثقتها الوزارة عن عائلة تتسول بواسطة ابنتها المبتورة اليدين، وتبين حيازتها لفيلا وسيارة دفع رباعي، وهي خير دليل على عدم ارتباط التسول بالفقر .
ويشير إلى دراسة اجرتها الوزارة مؤخرا اثبتت أن كل المتسولين الذين تم ضبطهم ، أصحاء وقادرون على العمل ، ولكنهم يبحثون عن الثراء والمكاسب ، أما الاطفال منهم فذويهم هم من يتسول بواسطتهم من باب كسب عطف الاخرين، معتبرا أن استخدام الاطفال والنساء في التسول ابتزاز ونوع من الاتجار بالبشر.
وبين ان اجراءات الوزارة المتخذة في هذا السياق على نوعين : الاول قانوني منصوص عليه في قانوني العقوبات ومراقبة سلوك الاحداث وخلاصتهما ضبط من يتسول وتقديمه لمؤسسات انفاذ القانون .
اما الاجراء الثاني توعوي ، على اعتبار ان التسول محرم بحسب الفتوى الصادرة من دائرة الافتاء ، وعبر ما تقوم به وسائل الاعلام من سرد قصص وحكايات للمتسولين : احدهم ضبط بجيبه 500 دينار ، واخرى تبين امتلاكها لشقق سكنية مؤجرة ، واخرى تمتلك سيارات ، واخيرا فتاة مبتورة اليدين. تشير الارقام الصادرة عن الوزارة للعام 2015 انه تم ضبط نحو 5 الاف حالة مقارنة 3300 عام 2013 .
واضاف ان التسول مجرم قانونا، ومحرم شرعا ، داعيا المواطنين الى الوعي أكثر بعدم المساهمة في تشجيع المتسولين عبر اعطائهم المال من باب العطف، مشيرا الى ان لجان مكافحة التسول تعمل على مدار العام ولدينا خط ساخن للابلاغ عن قضايا المواطنين وهو ( 0798518259) .
واشار الى ان التقارير الطبية تصدر عن مرجع طبي مختص فقط تحدد نسبة العجز إن وجد ،ولا تشجع على التسول