تشويه الحراك الشعبي العربي وآخره في الشارع اللبناني
خرج الشّارع اللبناني في حراكه الشعبي بعد أن انهكه الجوع والفساد والطائفية وكثرة فرض الضرائب على المجتمع اللبناني وهو نهج يمارس ليس في لبنان فقط بل الدول العربية بشكل عام وهو أقصر طريق لسد العجز المالي بشكل مؤقت إلا أنه يؤدي بالنهاية إلى دمار اقتصادي للدولة.
المظاهرات في الشارع اللبناني ظهرت بعد قرار مجلس الوزراء فرض ضريبة على الاتصالات وتطبيق ( الواتساب ) وهو بالمناسبة قرار كان الأردن سباق في هذا المجال بل تستحق حكومتنا جائزة نوبل في ( رفع الضرائب ) وأن ندخل موسوعة غينيس ( Guinness ) .
المسيرات في لبنان حالها كحال الدول العربية يخرج بضعة شبان وسرعان ما يتحول إلى حشود ومن بعدها ترى أنماط متعددة في التعبير عن الرأي بصرف النظر عن تلك الأنماط التي ترى في المضحك والمبكي وغيره إلا أن كل شخص يعبر بطريقته وحسب ثقافته ونشأته، المهم أنه يعبر عن موقف رافض لحالة ويناصر من أجل قضيته.
أما المشهد في الجهة المقابلة ما بين الرفض الحكومي لتلك المسيرات حيث تبدأ بتقليل حجم تلك المسيرات وقيمتها وجوهرها من خلال إطلاق الطابور الخامس أو من خلال أشكال متعدد من السحيجة أو البلطجة ، ولكن في المشهد اللبناني تكثر المشاهد التي تتعلق بالنساء والفتيات اللبنانيات & وتصوير المشهد& أنه مجرد عهر في الشارع فترى صور للبنانيات يرقصن أو يضعن الماكياج كذلك من تخرج وتتحدث عن أن الوضع الاقتصادي منعها من عمل ( عمليات تجميل ) ،كذلك الشباب تمارس لعب الورق والارجيلة وغيره ، جميع تلك الأشياء هدفها تشويه الموقف وتصوير الوضع انه مجرد فتيات وشبان عاطلون يخرجون لمجرد التسلية وذلك لترك انطباع أن ما يجري هو مجرد لهو ليس إلا ، وأن الأمر لا يتعلق بالأوضاع الاقتصادية المتردية في لبنان، وسرعان ما ينتشر هذا التشويه على صفحات التواصل الاجتماعي ليعم ليس لبنان فحسب بل في الوطن العربي لتبدأ مشاهد السخرية وغيره ، فمثلاً نجيب السارويس رجل الأعمال المصري في تغريده له تحت عنوان نكتة اليوم كتب ( قاعد بتفرج على مظاهرات لبنان وأول ما حسيت مراتي دخلت حولت على اليمن ) وهذا الكلام أو الموقف يتشابه به السواد الأعظم من الشعوب في منطقتنا العربية لنظرته للأمور ، ونحن لسنا بعيدين عن المشهد فصرف النكت وانتظرانا لنساء لبنان هو محور حديثنا وتفكيرنا ( فقط وكأن الموضوع يتعلق بالشهوة ) .
مطالب الشعوب العربية هي واحدة والمصائب والمعاناة واحدة والأمور تتفاقم عاماً بعد عام ويوماً بعد يوم، الفقر والجوع والغلاء وتردي التعليم والصحة وغيره ، كل هذا يجب أن يجعلنا أكثر جدية في التعامل والنظر إلى الأمور لا أن نقابلها بالسخرية والتشويه .
د.خالد جبر الزبيدي