الاتجار بالبشر بالاردن..... قاصرات يعملن في المنازل بأعمار وهمية!
المركب
(يونا) هو الاسم المستعار لعاملة منزل بنغالية عمرها الحقيقي 14 عاما، تقبع اليوم نزيلة في سجن الجويدة، مع ان اوراقها الرسمية تثبت ان عمرها تعدى العشرين.
تبكي (يونا) أسفا على ما لحق بها من ايذاء وحيف لحظة قدومها الى العمل لدى احدى العائلات، إذ ان زوجة كفيلها كانت تنهال عليها ضربا ليلا ونهارا دون سبب خلال مدة عملها التي استمرت سنة وخمسة شهور، وفوق ذلك كله لم يدفعوا راتبها عن خمسة شهور كاملة، واتهمتها العائلة بالسرقة، قبل ان يعيدوها لصاحب المكتب الذي زادها ضربا وألزمها على التوقيع على ورقة باللغة الانجليزية لا تفهم مضمونها.
مدير النوع الاجتماعي والدمج في مشروع تطوير القوى العاملة غادة سالم، ابدت استغرابها من عدم ملاحظة ربات المنزل البنية الجسمية ومعالم الوجه للعاملة المنزلية التي لا تتطابق مع عمرها في وثيقتها الرسمية، اذ اكتشفت ان عاملتها المنزلية عمرها 17 عاما، وفي وثيقتها 20 عاما، وسرعان ما اتخذت الاجراءات اللازمة.
وأوضحت ان وجود هؤلاء من القاصرات يضع المسؤولية على عاتق ربات البيوت لأنهن على تماس مباشر معهن، لأن وجود قاصرة عاملة في البيت هو ضد القانون كون القاصرة اكثر عرضة للاستغلال.
وطالبت سالم الحكومة النقابات والجهات المعنية من خلال الحكومة بمتابعة تزوير وثائق الفتيات العاملات وهن في بلدهن الاصلي، ووضع اجراءات صارمة للحيلولة دون السماح لهن بالدخول في البلاد الا لمن يمتلكن الوثائق الاصلية التي تعبر صراحة على اعمارهن الحقيقية.
واثارت سالم مسألة عدم التزام بعض السفارات في حماية الفتيات العاملات بالمنازل، وهو ما يزيد الامر بلّة وخطورة لواقعهن المعيشي، مبينة ان الفئة الاكثر ضررا من هذه العمالة هن القادمات من بنغلادش لأنهن الأقل أجورا.
رئيس قسم العمالة الوافدة في وزارة العمل ابراهيم الساكت، يقول ان عدد الحاصلين على تصاريح عمل من فئة العمالة المنزلية يزيد على خمسين الفا من سيريلانكا والفلبين وبنغلادش، مشيرا الى ان التلاعب بالأعمار يتم من بلاد العمالة.
وبين ان جوازات السفر لدى معظم العمالة الآتية من تلك البلدان ظلت الى وقت قريب تكتب بخط اليد، وهو ما يتيح الفرصة لدى البعض منهم للتزوير والتعديل.
واوضح ان التلاعب بالأعمار واستخدام قاصرات للعمل يعد وفق القانون "جريمة اتجار بالبشر"، موضحا ان هذه السلسلة من التجاوزات تبدأ من مكتب الاستقدام والبلد الذي قدمت منه العاملة، إضافة الى ان التشابه في السمات والبنية الجسمية يشكل صعوبة التمييز في اعمارهن.
واشار الساكت الى ان العديد من العاملات يجري تلقينَهن وهن في بلادهن الاصلية بأنه في حال سؤالهن عن العمر في البلد المضيف يتوجب عليهن "اعطاء عمر أكبر من عمرهن الحقيقي والا سوف يتم ترحيلهن"، موضحا ان اكتشاف حالات عدم المطابقة في الاعمار يعد مخالفة للقانون، حيث يتم اكتشاف اربع الى خمس حالات في السنة من قبل وزارة العمل في ظل صعوبة كشف باقي الحالات لمحدودية التفتيش على المنازل التي تعمل فيها العاملة ولدى اكتشاف مثل هذه الحالات يجري تحويلها الى وحدة الاتجار بالبشر.
ويؤكد الساكت ان المسؤولية مشتركة في الجريمة إذ ان المسؤولية الفعلية تقع على بلد المصدر، حيث يجري محاسبة صاحب المكتب اذا ثبت انه على علم ودراية بالتزوير، وتقع المسؤولية كذلك على مستخدمي هذه العمالة، متسائلا "هل يعقل ان لا تعرف ربة المنزل بهذا الامر كونها على تماس مباشر مع العاملة؟".
وبين ان هناك مذكرة تفاهم بين وحدة مكافحة الاتجار بالبشر التابعة لمديرية الامن العام ووزارة العمل، حيث يعمل مفتش العمل وضابط الشرطة معا، لافتا الى انه جرى تحويل ثلاث حالات الى وحدة مكافحة الاتجار بالبشر وكانت الادانة لصاحب المكتب.
من جهته قال أمين سر نقابة اصحاب مكاتب استقدام واستخدام العاملين في المنازل رامي العياصرة، أمين سر نقابة اصحاب مكاتب استقدام واستخدام العاملين في المنازل، أن نسبة التغيير في عمر عاملات المنازل تبلغ حوالي 20 بالمئة من أصل 52 الف عاملة مصرح لهن بالعمل، وتشكل العمالة البنغالية حوالي 80 بالمئة من مجموع العمالة المنزلية، مبينا ان المشكلة تكمن في بلاد العاملات والتغيير في وثائق أعمارهن.
وذكرت مديرة (تمكين) للمساعدة القانونية ليندا الكلش، انها قابلت 33 عاملة من عاملات المنازل أعمارهن بين 12 الى 17 سنة تم تزوير اعمارهن في جوازات السفر، مشيرة الى انه تم اكتشاف اكثر حالات تزوير من الجنسية البنغالية.
وأوضحت العلاقة بين مسؤولية عدم الابلاغ وما يسمى الاستثمار بهذا المجال خاصة أصحاب مكاتب الاستقدام الذين يخشون عدم تعويضهم عن كلف الاستقدام جراء استقدامه عاملة منزلية مخالفة للشروط.
واوضحت كلش ان التزوير يتم في الخفاء وفي مجتمعات القرى النائية، حيث يتم تقدير عمر الفتاة المستقدمة على نحو مخالف للحقيقة، "ومن هنا تبدأ جريمة الاتجار بالبشر".
وتنص المادة 74 قانون العمل لسنة 1996 على انه "لا يجوز تشغيل الحدث الذي لم يكمل الثامنة عشرة من عمره في الاعمال الخطرة او المرهقة او المضرة بالصحة وتحدد هذه الاعمال بقرارات يصدرها الوزير بعد استطلاع آراء الجهات الرسمية المختصة". من جانب آخر قال الناطق الاعلامي في مديرية الامن العام المقدم عامر السرطاوي انه لم ترد اي حالة بخصوص وجود عاملات قاصرات في المنازل، وعند ورود حالة من حالات تزوير الاعمار فإن ذلك مخالف للقانون، ولابد من الاستقصاء والتحري والتحقيق، وعرض العاملة على الطب الشرعي للتأكد من ذلك، واذا ثبتت المخالفة، يتم اتخاذ الاجراءات اللازمة وفقا للقانون.
ويشير التقرير الذي أصدرته "شبكة حقوق الطفل الدولية" والذي تتخذ من العاصمة البريطانية مقرا لها، الى ان تطبيق الأردن لحقوق الطفل وفقا للاتفاقيات الدولية "يعوزه الاهتمام من ناحية التبليغ وكذلك زيادة التدابير المتخذة لمنع ومكافحة هذه المشكلة من خلال تنفيذ القوانين ومعاقبة الجناة وتوفير الحماية اللازمة للضحايا خاصة فئة الاطفال والنساء"، فيما يشير مكتب منظمة العمل الدولية في الاردن الى "اهمية الكشف عن تلك الحالات يتم من خلال تفعيل القوانين اللازمة واجراءات التفتيش الدورية من قبل وزارة العمل للتأكد من عدم وجود قاصرات يعملن في المنازل".