الأغوار الوسطى: اتساع رقعة الفقر يفاقم من أوضاع الجمعيات الخيرية
المركب الاخباري
الأغوار الوسطى- زاد اتساع شريحة الفقر في وادي الأردن، نتيجة تردي أوضاع القطاع الزراعي منذ سنوات، من حمل ومسؤوليات الجمعيات الخيرية في الوادي والتي تعد إحدى الركائز المهمة في محاربة العوز والفقر، بما توفره من غذاء وملبس لشريحة واسعة من العائلات.
ويرى معنيون أن تردي أوضاع المزارعين أوقع على عاتق الجمعيات الخيرية مسؤولية كبيرة في توفير أبسط الحقوق الإنسانية كالطعام والشراب والملبس، مؤكدين أن ما تتمتع به الجمعيات الخيرية من صلاحيات واسعة ومرونة في الحركة داخل المجتمع، تمكنها من معرفة مشاكله واحتياجاته وقدرتها على جمع المساعدات بشكل قانوني ويشكل تحديا كبيرا أمام إداراتها.
ويؤكد المعنيون ضرورة توفير الدعم اللازم للجمعيات الخيرية لتمكينها من الاستمرار في الدور المهم، الذي تقوم به وتفتح أمامها المجال لخلق فرص عمل للفقراء، من خلال تشغيلهم في مشاريع إنتاجية أو دعمهم لإنشاء مشاريع خاصة بهم، مشيرين الى أن مثل هذه المشاريع ستؤدي في النهاية الى التخفيف من معدل البطالة، خاصة بين الشباب والفتيات.
وترى رئيسة جمعية التعاون الخيرية، كوثر العدوان، أن الجمعيات تقوم بجهود جبارة هذه الأيام لمحاربة الفقر وتأمين لقمة العيش للفقراء والمحتاجين، خاصة ممن لا يستطيعون العمل والتكسب، مشيرة الى أن الجمعيات الخيرية من أهدافها تعزيز التكافل المجتمعي بين أفراد المجتمع الواحد، من خلال سد حاجة الفقراء ومنعهم من السؤال بمشاركة المقتدرين.
وقالت "إن عجز الجمعيات عن الإسهام بالقضاء على الفقر المنتشر في المنطقة، ليس عجزها عن توفير المتطلبات الرئيسة لهذه الأسر، بل عدم قدرتها على انتشال هذه الأسر من الواقع الذي تعيشه"، موضحة أن إيصال المساعدات لمستحقيها من الفقراء والمساكين يساعدهم على تأمين احتياجاتهم اليومية، إلا أنه لا يساعدهم على أن يكونوا منتجين، ما يبقيهم فقراء.
وتضيف أن التحدي الذي يواجهه عدد كبير من الجمعيات مع بروز صعوبات كبيرة أمام الأسرة الفقيرة، هو عدم قدرتها على الدفع بها، وتمكينها من الاعتماد على نفسها بتوفير المداخيل وأن تصبح أسرا منتجة ومفيدة في محيطها، مشددة على ضرورة تحويل دور الجمعيات من رعوي يقتصر على تقديم المساعدات إلى دور تنموي يبني الإنسان والمجتمع في سبيل القضاء على الفقر والجوع.
وتبين العدوان، أن جمعية التعاون قامت خلال فترة 5 أعوام بتقديم منح وقروض لأسر معوزة لإنشاء 70 مشروعا مختلفا نجح منها ما يقارب 70 % أسهمت بشكل فعلي بانتشال الأسر المستفيدة من حالة الفقر التي تعيشها، ما خفف من الأعباء الملقاة على الجمعية بإعادة توجيه المساعدات التي كانت تتقاضاها الى أسر أخرى، مشددة على ضرورة توفير الدعم اللازم للجمعيات لتمكينها من إطلاق مثل هذه المبادرات التي تسهم في إحداث تنمية مستدامة في المجتمع.
وتؤكد رئيسة جمعية تطوير وإعمار الخيرية، سيرين الشريف، أن عدم وجود قدرات مادية وإدارية لدى معظم الجمعيات يمنعها من الارتقاء للوصول الى مؤسسات رائدة تمكنها من حضانة مشاريع إنتاجية صغيرة، مشيرة الى أن العمل حاليا ينصب بموازاة تقديم المساعدات على التشبيك مع مؤسسات معنية لاستحداث مشاريع الهدف منها تشغيل أبناء المنطقة، خاصة من الفقراء والمعوزين.
وتؤكد ضرورة إيجاد مؤسسات حاضنة للمشاريع الإنتاجية الصغيرة تكون مهمتها تقديم الخدمات الأساسية كالتدريب والتشبيك مع المؤسسات المعنية لتسهيل عمليات الاقتراض من جهة، والمساعدة على التسويق لضمان نجاح واستمرارية لهذه المشاريع، موضحة أن على الجمعيات البدء بالنهوض بواقعها من خلال إنشاء مشاريع مدرة للدخل تمكنها من الاعتماد على نفسها لتتمكن من مساعدة الآخرين.
وترى الشريف، أن واقع التجربة يدل على أن المشاريع التي تقام بمساعدة مؤسسات حاضنة أثبتت نجاحها بشكل كبير يصل الى نسبة تزيد على 80 % منها، فيما المشاريع الصغيرة التي تمول من المؤسسات الإقراضية الأخرى، فإن أغلبها يفشل بعد فترة لعدم وجود متابعة ومراقبة تشجعها على الاستمرار.
ويبين المواطن حسن العجرمي "أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي نعيشها حاليا، أثرت بشكل كبير على عمل هذه الجمعيات، مع تراجع قيم المساعدات العينية والنقدية، والتي يقتصر توزيع معظمها خلال شهر رمضان الفضيل، الأمر الذي زعزع من ثقة الفئات المستهدفة بها"، موضحا "أن الصعوبة التي يلاقيها أفراد المجتمع من الفقراء وذوي الدخل المحدود في تأمين متطلبات الحياة الرئيسة، تشكل ضغطا هائلا على هذه الجمعيات التي باتت غالبيتها عاجزة عن القيام بالدور المنوط بها".
وقال "إن الجمعيات الخيرية تتحمل مسؤولية كبيرة في إحصاء الفقراء وإيصال المساعدات العينية والمالية لهم، الا أن الدور الأهم الذي يجب على الجمعيات القيام به هو ابتكار أدوات عمل جديدة لمساعدة هذه الأسر للنهوض بواقعها الاقتصادي والاجتماعي"، لافتا الى أن تمكين الأسر المعوزة من خلال مساعدتهم على العمل والإنتاج سينعكس حتما على المجتمع ككل وسيدفعه نحو الازدهار والتطور.
ويأمل مدير تنمية الشونة الجنوبية، حسان العدوان، أن يتم دعم المبادرات التي تقوم بها الجمعيات الخيرية، والتي سيكون لها أثر كبير في الحد من تداعيات الظروف الاقتصادية التي يمر بها المواطن حاليا، موضحا أن عدد الجمعيات في لواء الشونة الجنوبية يبلغ 18 جمعية تقدم خدمات متنوعة، الهدف منها مساعدة الفقراء والمحتاجين والنهوض بواقعهم الاجتماعي والاقتصادي.
ويبين مدير التنمية، أن عدد المشاريع الإنتاجية، التي أقيمت من خلال صناديق الائتمان والمحافظ الاقراضية، زاد على 100 مشروع كان لها أثر فاعل في الحد من البطالة والنهوض بالواقع الاقتصادي للأسر القائمة عليها، إضافة الى المشاريع التي تعود للجمعيات والتي أسهمت بتشغيل العشرات من أبناء اللواء.