"التنمية" تلم شمل فتاة مع والدتها بعد 16 عاما من الانفصال
المركب
بعد 16 عاما من الفراق القسري بين سيلين (اسم مستعار) ووالدتها، تمكنت وزارة التنمية الاجتماعية من لم شمل الأم مع ابنتها، بعد أن فقدت الوالدة حضانة فلذة كبدها، بسبب زواجها بعد الطلاق.
وكان والد سيلين انتزع حضانة ابنته من الأم بعد الطلاق وزواج الأم برجل آخر، لترعى زوجة الأب الطفلة التي لم يكن عمرها يتجاوز 3 أعوام حينها.
ووفق الناطق باسم وزارة التنمية الاجتماعية فواز الرطروط، "تعرضت سيلين خلال طفولتها لشتى أنواع العنف الجسدي والنفسي، حيث كانت تتناول وجبة طعام واحدة في اليوم، ولم يكن يسمح لها بتغيير ملابسها سوى مرة كل ثلاثة أيام، كما كانت تتعرض للعنف البدني بشكل مستمر على يد زوجة الأب، ويدي الأخير، الذي كان يعنف الطفلة إرضاء لزوجته".
وأكملت سيلين تعليمها الأساسي والثانوي بصعوبة، حيث كانت "تجبر على الانقطاع عن الدراسة لتقوم بأعمال منزلية، ولكن رغم ذلك وبجهدها الشخصي تمكنت من إنهاء دراستها، لتقرر بعد ذلك الهرب من منزل أسرتها، حيث تمت متابعتها لاحقا من قبل وزارة التنمية الاجتماعية عبر البرامج المخصصة للفتيات المتغيبات وضحايا العنف الأسري".
ويقول الرطروط إن الوزارة وفرت لسيلين خدمات الرعاية والإرشاد في إحدى دور الحماية، مشيرا إلى أنه "ومن خلال الدراسات الاجتماعية لحالة الفتاة، تبين تعرضها للإهمال والعنف النفسي والجسدي الشديدين وعلى مدار أعوام".
ويتابع "تمكنا أخيرا من إعادة لم شمل الفتاة مع والدتها، حيث كانت الأم قد خسرت الحضانة بعد الزواج، فيما حرم الأب مطلقته من مشاهدة واستزارة طفلتها، ما تسبب بانقطاع تام بين في العلاقة بين سيرين ووالدتها".
ويضيف "تتعامل وزارة التنمية الاجتماعية سنويا مع ما معدله 75 إلى 100 حالة لفتيات ونساء متغيبات عن منازلهن"، مبينا أن "غالبية حالات التغيب ترتبط بتعرضهن لضغوطات أو عنف من ذويهن أو مقدمي الرعاية".
ويوضح الرطروط "كوزارة نعمل على إيجاد الحلول لإعادة دمج الضحايا من الفتيات المتغيبات مع عائلاتهن وتحقيق المصالحة".
وتتفق الناشطة الحقوقية المحامية هالة عاهد مع الرطورط في مسألة التغيب، حيث تقول: "نشهد حاليا حالات تغيب لفتيات عن منازل ذويهن، وغالبا ما تكون تلك الحالات نتيجة لوجود خلل في الأسرة، وفي التعاطي وتفهم احتياجات الفتيات اليافعات".
وتتابع: "تعاني الفتيات المتغيبات في الغالب من عنف أسري، وعدم احترام من قبل ذويهن في حالات أخرى، أو لإجبار على الزواج، والمؤسف أن النظرة الاجتماعية للفتاة المتغيبة تتهمها بأنها قد اخترقت القانون والعرف الاجتماعي، لكن الحقيقة أنه يجب البحث في أسباب التغيب ومحاولة علاج مواطن الخلل لدى الأسرة كذلك".
في مقابل ذلك، ترى عاهد أن حالة سيلين وغيرها من الحالات المشابهة تدفع إلى إعادة النظر في أسس الحضانة، خصوصا أن قانون الأحوال الأردني يحرم الأم من حضانة أطفالها بحال زواجها، في حين لا يفعل ذلك في حالة الأب.
وبحسب تصريحات سابقة لاختصاصية الطب الشرعي في عيادات إدارة حماية الأسرة الدكتورة إسراء الطوالبة، فإن "غالبية حالات العنف ضد الأطفال تكون من قبل زوجة الأب بالدرجة الأولى، ثم الأب، وبدرجة أقل بكثير من قبل الأم".
وتوضح عاهد بأن "الحضانة حق أولى للطفل، وتعني ضمان الحق للطفل في بيئة آمنة تراعي تحقق الأمن النفسي والاجتماعي، وتتوافر فيها ظروف طبيعية للتربية والتأهيل". vوتضيف "ما نطالب به إجراء دراسة معمقة للأوضاع وظروف الأسرة وظروف الحاضن أو الحاضنة، إذ إنه من غير المنطقي أن تحرم الأم من الحضانة في حال زواجها، خصوصا إذا كان لديها كل المتطلبات لتوفير بيئة آمنة ومناسبة لنمو الطفل".
وتلفت عاهد إلى إشكالية أخرى تتعلق بحضانة الأطفال بعد طلاق الوالدين، حيث تبين "في بعض الأحيان تتنازل الأم عن حضانة أطفالها رغم عدم زواجها، جراء ضغط عائلة الام لعدم رغبتهم في رعاية الأطفال باعتبارهم عبئا".
وتقول "هذه الموروثات الاجتماعية تدعمها التشريعات الأردنية، التي تعتبر أن الأبناء مسؤولية الأب فقط، فمثلا تحرم الأم من حق الولاية الطبية على أطفالها، فلا يحق لها إدخال طفلها لإجراء عملية جراحية، فيما يقتصر هذا الحق على الأب، كذلك الحال عند فتح حساب بنكي أو تسجيل الطفل في المدرسة، وغيرها من الأمور المتعلقة برعاية الطفل". وتزيد "كما يكون تدني قيمة النفقة المخصصة للصغار سببا آخر يدفع بالأمهات للتنازل عن حضانة أطفالهن، خصوصا في الحالات التي لا يكون فيها هناك مصدر دخل ثابت للأم، ما يجبرها على التخلي عن الحضانة، خصوصا وأن قيمة النفقة في الغالب لا تتجاوز 50 دينارا للطفل الواحد".