صفقة الغاز مع الصهاينة أمام مكافحة الفساد
وتابعت : رغم الاتصالات المتكررة، إلا أن مكتب رئيس الهيئة لم يقم بتحديد موعد للقاء وفد من لجنة المتابعة لحملة "غاز العدو احتلال"، وذلك للاستفسار عن مصير الشكوى، وكأن رئيس الهيئة ليس موظّفًا عامًّا يقبض راتبه من أموال المواطنين دافعي الضرائب، وكأن شكاوى المواطنين، وملياراتهم المهدورة، وضرائبهم التي تَصرف على دائرته وموظّفيها، لا يعنون له أي شيء، ناسيًا أن موقع الموظّف العام هو موقع للخدمة العامة، لخدمة المواطنين دافعي الضرائب، ولحفظ مصالحهم، فالمواطن هو صاحب الفضل على الموظّف العام، كائنًا ما كان موقعه، وليس العكس.
واردفت الحملة : صباح الأحد 17 أيلول 2017، قامت الحملة بإعادة تقديم الملف، مدعّمًا هذه المرّة بـ24 وثيقة، من خلال تسليمه رسميًّا لدى قسم الشكاوى لدى هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، على أمل أن يلفت هدر أكثر من 10 مليارات دولار من أموال المواطنين، دافعي الضرائب، انتباه الهيئة، فتتكرّم بالنّظر فيها والتحقيق بأمرها.
وقالت الحملة : من الواضح، والحال هكذا، أن هيئة مكافحة الفساد تستهتر بـ10.5 مليار دولار من أموال المواطنين تحيط بها شبهات فساد، وتتعامل معها وكأنها 10 قروش، لا قيمة فعلية لها.
وتساءلت الحملة :ما حاجتنا إذًا لهيئة مكافحة فساد، إن كانت مثل هذه الهيئة لا تلتفت إلى المليارات من الأموال العامة، ويُبقي رئيسها الشكاوى والوثائق المتعلقة بشبهات الفساد المحيطة بصفقاتها، مرميّة في درج مكتبه، ويرفض لقاء المواطنين الذين تموّل الضرائب التي يدفعونها راتبه، وتصرف على دائرته؟ أيُّ استهتار بالمال العام، وبالمواطن دافع الضرائب، أكثر من هذا؟ .
وحول الشكوى قالت الحملة ان الكتاب الذي أعادت تسليمه لهيئة مكافحة الفساد ، يتضمن إحدى عشر نقطة، والمدعّم بـ24 وثيقة تشير إلى شبهات الفساد الكثيرة المحيطة بصفقات الغاز.
وفيما يلي شرح لهذه الشكوى بالإضافة الى روابط الوثائق :
أوائل عام 2014، وقّعت شركة البوتاس العربيّة اتفاقيّة لاستيراد الغاز من العدو الصهيوني (حقل تامار) بقيمة 500 مليون دولار لمدة 15 عاماً [وثيقة 1]، تلاها توقيع شركة الكهرباء الوطنية (المملوكة بالكامل للحكومة الأردنية) اتفاقية أخرى لاستيراد الغاز من العدو الصهيوني (حقل ليفاياثان) بقيمة 10 مليار دولار لمدة 15 عاماً نهاية شهر أيلول الماضي [وثيقة 2]. ورغم أن الصفقة مدانة بأبعادها الأخلاقيّة والتفريطيّة والتطبيعيّة، وتشكل مكسباً هائلاً للعدو الصهيوني على حساب المصالح العربيّة والأردنية، وعلى حساب أمن الأردن واقتصاده ومستقبل مواطنيه، إلا أنّنا نضع أمامكم التّفاصيل الإضافية التالية التي تؤشّر، بالأرقام والحقائق الاقتصاديّة والاستراتيجيّة الصرف المدعّمة بالوثائق، أن هناك شبهات فساد كبيرة تحيط بهذه الاتّفاقيات، وتستلزم التّحقيق فيها، خصوصاً وأن المبالغ مدار البحث هي بمئات ملايين ومليارات الدولارات من الأموال العامّة، حيث أن الحكومة الأردنيّة تملك شركة الكهرباء الوطنيّة بالكامل، فيما تملك وزارة الماليّة 27% من شركة البوتاس العربيّة، و10% لمؤسسة الضّمان الاجتماعيّ.
أولاً: سعر الغاز المستورد من العدو الصهيونيّ أعلى من السّعر العالمي. نعرف هذا بشكل مؤكّد من خلال إعلان شركة الكهرباء الإسرائيليّة عن توقيعها اتفاقيّة لاستيراد الغاز المُسال من شركة "بريتش بيتروليوم" العالميّة لأنه أرخص من الغاز المُنتج في دولة العدوّ [وثيقة 3]. السّعر الذي أعلنت عنه شركة الكهرباء الاسرائيليّة في حينه للغاز المُسال من شركة "بريتش بيتروليوم" هو 4.9 دولار لكل مليون وحدة حراريّة بريطانيّة، بينما كان سعر الغاز المورّد لها من حقل تامار الخاضع للهيمنة الصّهيونيّة (الذي وقّعت معه شركة البوتاس العربيّة) هو 5.5 دولار لكل مليون وحدة حراريّة بريطانيّة، علماً أن أسعار الغاز المسال ما زالت توالي الانخفاض لزيادة المعروض ودخول منتجين جدد إلى السّوق. فإن كانت الشّركة الاسرائيليّة نفسها تلجأ إلى السّوق العالمي لأن أسعاره أرخص، فما هو المنطق الاقتصادي لاستيراد شركات أردنيّة لغاز لا تشتريه الشّركات الاسرائيليّة لارتفاع ثمنه؟ وما هو المنطق الاقتصاديّ من شراء غاز بأسعار أعلى من سعر السّوق العالميّ؟ هذا وضع نموذجيّ لإثارة الشّكوك بوجود شبهات فساد في هذه الصّفقات.
ثانياً: لم يُعلن عن بنود هذه الاتّفاقيات، وتم حجب رسالة النّوايا المتعلّقة بها باعتبارها سريّة. تم توقيع هذه الاتفاقيات بتعتيم رسميّ شديد، وعلم الرأي العام في الأردن عن اتفاقيّة شركة الكهرباء الوطنيّة من خلال الإعلام العالمي أولاً، ولم تعلن الحكومة عن بنود هذه الاتفاقية رغم أنها مرتبطة بالمال العامّ، وتؤثّر على مستقبل ومصالح المواطنين اليوميّة والاستراتيجيّة، وحين استخدمت الحملة قانون حق الحصول على المعلومات للحصول على نسخة من رسالة النّوايا التي وقّعتها شركة الكهرباء الوطنيّة مع نوبل إنرجي لاستيراد الغاز من العدو، أجابت وزارة الطّاقة بأن رسالة النوايا سريّة [وثيقة 4].
كما هو معلوم، فالسريّة في موضوع متعلّق بالمال العام هي واحدة من الاعتبارات الأساسيّة التي تؤشّر إلى وجود شبهات فساد.
ثالثاً: هناك شركة وسيطة في اتفاقيّة استيراد الغاز من العدو من قبل شركة الكهرباء الوطنيّة. لن يباع الغاز المستورد من العدوّ مباشرة من قبل شركة نوبل إنرجي (الطرف الموقِّع في الاتفاقيّة كممثل لتحالف الشّركات الإسرائيليّة صاحبة حقوق الاستخراج) لشركة الكهرباء الوطنيّة، فبحسب إعلان لشركة ديليك الاسرائيليّة (الشّريكة لنوبل إنرجي في حقل ليفاياثان) سيتم بيع الغاز لشركة وسيطة اسمها Jordan Marketing Limited، ستقوم بدورها ببيع الغاز لشركة الكهرباء الوطنيّة [وثيقة 5]، وهذه الشركة مسجلة في جزر كيمان [وثيقة 6]، حيث التهرّب الضريبي والهروب من الرقابة المالية.
إن وجود شركات وسيطة في صفقات من هذا النوع يؤشّر إلى وجود شبهات فساد وعمولات وزيادة في الأسعار لصالح الوسطاء.
رابعاً: الأردن ليس بحاجة لاستيراد الغاز من العدوّ الصهيونيّ، بل هو مكتفٍ ويصدّر الغاز والكهرباء. منذ افتتاح ميناء الغاز المسال في العقبة منتصف العام الماضي، والأردن يستورد كامل احتياجاته من الغاز لتوليد الطاقة الكهربائيّة من هذا الميناء، بل إن الأردن يحقّق فائضاً مما يستورده من ميناء الغاز المسال يقوم بتصديره من خلال خط الغاز العربيّ إلى مصر [وثيقة 7] مُحقّقاً أرباحاً، فيما تُصدّر شركة الكهرباء الوطنيّة فائض الكهرباء إلى كلّ من مصر والعراق وأريحا [وثيقة 8]. لماذا تستورد الحكومة بمليارات الدولارات من الأموال العامة غازاً لا حاجة للأردن به، والأردن يحقّقاً فائضاً من الغاز والكهرباء؟ إن استيراد سلعة لسنا بحاجة إليها تؤشّر إلى وجود شبهات فساد في اتفاقيّة استيراد هذه السلعة.
خامساً: نتيجة لوجود البدائل المحليّة المتعدّدة، احتياجات الأردن المستقبليّة للغاز ستنخفض. هناك عدّة مشاريع عاملة في الأردن في مجال الطّاقة الشمسيّة [وثيقة 9 و10] والصّخر الزّيتيّ [وثيقة 11] والرّياح [وثيقة 12] وتطوير حقول الغاز المحليّة في الريّشة والصّفاوي [وثيقة 13]. الغاز المستورد من العدوّ الصهيونيّ سيبدأ بالتدفّق عام 2019، وعندها تكون هذه المشاريع قد دخلت خليط الطّاقة المستخدم لتوليد الكهرباء، وانخفضت احتياجات الأردن للغاز [وثيقة 14]، المشبعة الآن أصلاً من خلال ميناء الغاز المسال، الأمر الذي يعني أن فوائض ميناء الغاز المسال ستزيد أكثر، ولن يكون لدينا أي احتياج لأيّة فوائض أخرى. فلماذا تستورد الحكومة بمليارات الدولارات من الأموال العامّة غازاً لا حاجة للأردن به بوجود كلّ هذه البدائل؟ إن استيراد سلعة لسنا بحاجة إليها، وبمليارات الدولارات، تؤشر إلى وجود شبهات فساد في اتفاقيّة استيراد هذه السّلعة.
سادساً: الحكومة تفضّل استثمار 10 مليار دولار في الكيان الصهيوني على استثمارها في الأردن. 10 مليار دولار يمكن استثمارها محليّاً لتعزيز أمن الطاقة واستقلاله محلياً، وخلق عشرات آلاف فرص العمل للمواطنين الذين يعانون بشدّة من البطالة، خصوصاً وأنّ لدينا من الإمكانات المحليّة في مجال الطّاقة البديلة ما جعل الجامعة الهاشميّة (وبقدراتها الذاتية) تعلن اكتفائها للأعوام الثّلاثين القادمة من الطّاقة الشمسيّة لتوليد الكهرباء [وثيقة 15]، والأردن (منطقة معان وما حولها) يعتبر من أفضل المناطق عالمياً من حيث السطوع الشمسي [وثيقة 16]، مما يجعل الاستثمار في الطاقة الشمسيّة أمراً ممكناً وملحّاً كمصدر للطاقة.