جراحة السمنة بـ"البوتكس والبالون والطي" .. مضاعفات تدق ناقوس الخطر
المركب
تعتبر جراحة ومعالجة السمنة في الاردن من أهم القطاعات العلاجية التي ساهمت في تغيير حياة الكثيرين وشكلت ركيزة هامة للسياحة العلاجية ورافدا لخزينة الدولة حيث لمعت اسماء كبيرة لجراحين ومراكز متخصصة ومؤهلة استقطبت المرضى العرب والاجانب وذاع صيتها عاليا.. ولكن للأسف اصبحنا نلمس حالة من الفوضى غير المسؤولة التي من شأنها ان تأثر سلبا على هذا القطاع الهام الذي حقق النجاحات واصبح وجهة للعرب والاجانب الباحثين عن الاسم والكفاءة والتخصص والعمليات المجدية والفاعلة في انقاص الوزن دون مضاعفات.. واقتحم هذا التخصص بعض الاطباء –ولا نقول الجراحين- بعمليات خطرة ذات مضاعفات كبيرة وتحت انواع ومسميات وتجارب مما يدق ناقوس الخطر لتشديد الرقابة واعتماد اسس دقيقة لمثل هذه الجراحات اسوة في بروتوكول تنظيم عمليات جراحة السمنة الذي اقر منذ فترة وكان فيه الكثير من التشديد والتدقيق لحماية المريض حيث التزم بهذا البروتوكول جراحين متخصصين ومشهورين لمع اسمهم في الداخل والخارج وفي المقابل لجأ اطباء غير مؤهلين لمثل هذه الجراحات الى اجراء عمليات لمرضى في بيئة تفتقد لشروط الصحة والسلامة وكانت عبارة عن مغامرات انتهت بالفشل.
وتحدث مرضى عن عمليات اجريت لهم عن طريق حقن جدار المعدة بالبوتوكس باستخدام منظار الفم حيث لم تحقق هذه الطريقة نتائج فاعلة وحقيقية مؤكدين انهم تعرضوا للخداع وانساقوا خلف الدعايات والترويج الذي اوقع بهم ولم يحصدوا سوى المعاناة وذهاب اموالهم هباء ومن ثم الاستغاثة بالجراحين الاكفاء لعلاجهم من جديد .. وفي هذا الصدد نشير الى دراسات مقارنة عالمية منها الدراسة الشاملة من قبل الدكتور بانغ من كوريا الجنوبية في عام 2015 وخلصت الى ان نزول الوزن بهذه الوسيلة "بوتكس" لم يتجاوز بشكل وسطي اكثر من 3-12 كغ في أحسن الحالات وفي بعضها لم ينزل أي وزن مؤكدة –اي الدراسات- على ضرورة تجنب الخضوع لمثل هذه العمليات واستشارة اخصائيين في التغذية وعلاج السمنة ناهيك عن خطورة نتائجها مستقبلا.
وكان لجراحي السمنة في الاردن رأي علمي في بعض هذه العمليات حيث اوضح الدكتور محمد زيتاوي اختصاصي الجراحة العامة والجراحة بالمنظار ان عملية البالون هي عبارة عن كرة او طابة توضع داخل البطن ويتم نفخها بهدف اخذ حيز في ححم البطن والمعدة وتقليل سعتها من الطعام وهي تساعد المرضى الذين يعتمدون بشكل اساسي على تناول الكميات في حين لا تكون مجدية او مفيدة للمرضى الذين يتناولون الحلويات والشوكلاته والغازيات مشيرا ان نسبة انقاص الوزن في هذه العملية يتراوح ما بين 5 الى 25 كيلو..
وكشف الدكتور زيتاوي عن مضاعفات لهذا النوع من الجراحات منها الاستفراغ المتكرر في الاسبوع الاول والالام الحادة في البطن وقد تسبب قرحة بالمعدة او انفتاق بالمعدة او انسداد في مخرج المعدة او التهاب بالبنكرياس.
كما تطرق الدكتور زيتاوي الى مخاطر عمليات طي المعدة بشقيها موكدا ان الطريقة الاولى تتم عن طريق استخدام المنظار واحداث ثقوب في جدار البطن يصل الى جوف المعدة وبعمل على ثنيها حول نفسها مما يقلل من حجمها ولكن لا يقلل من الشعور بالجوع وهنا يكمن الفرق بينها وبين عملية التكميم التي تقلل حجم المعدة وبالوقت ذاته تفقد المريض شهية الطعام مشيرا ان نسبة انقاص الوزن بطريقة الطي تقترب من الـ 20 كيلو ولها مضاعفات منها فرط وفك الطيات وحدوث فتق فيها وحصول التهابات وتقرحات او حصول تسريب وقد لا يستفيد منها المريض ولا يتأثر وزنه بهذه العملية.. مؤكدا ان عددا كبيرا ممن يلجاون لهذه العمليات يعودون لزيارة جراحي السمنة المختصين لحل هذه الطيات واللجوء الى طرق انقاص وزن اخرى.
وشدد الدكتور زيتاوي على عدم جدوى النوع الاخر لعمليات طي المعدة عن طريق الفم والتي يجريها اطباء جهاز هضمي يتم خلالها خياطة المعدة من الجهتين لتصبح كالستارة مؤكدا انها طريقة جديدة ولكن نتائحها غير مرضية ولا يتعدى نزول الوزن فيها من 10 الى 15 كيلو وهي عمليات لا تزال قيد الدراسة والبحث لوجود مضاعفات كثيرة لها حيث لا يستطيع الجهاز الهضمي التعامل مع مضاعفاتها الى جانب عمليات البوتكس غير المجدية ونتائجها ومضاعفاتها على المريض.. واختتم حديثه بان هذه العمليات تتطلب دراسة حالة كل مريض من حيث الطول والوزن والسيرة المرضية والعادات الغذائية بالتزامن مع اخلاقيات المهنة التي يجب ان تكون حاضرة من جانب الطبيب. .
ومن جانب اخر لا تقتصر الخطورة على نوع جراحات السمنة في الاردن ومسمياتها ولكن الخطر الاشد في عدم وجود غرف خاصة ومجهزة ومراكز مؤهلة لمثل هذه العمليات الدقيقة واصبح بامكان الطبيب اجراءها حتى في غرف الولادة والاستقبال دون محاسبة وبعيدا عن الرقابة.. وهنا تكمن الكارثة الحقيقية التي تستوجب اعادة النظر في هذه العمليات وتنظيمها ومسائلة المخالفين والمخاطرين بحياة المرضى.
وهنا لا بد ان نعرج الى نقابة الاطباء ونقيبها الدكتور علي العبوس الذي حقق منذ استلام زمام النقابة انجازات كبيرة خدمت القطاع الصحي بكافة اطرافة اضافة الى سعيه الدؤوب لتنظيم الجسد الطبي ونهضته ورقيه بما يخدم الجميع ونحن نأمل في النقابة ووزارة الصحة وكافة المعنيين بتشديد الرقابة على هذه العمليات الخطرة واماكن اجراءها لحماية صحة وارواح المرضى وسمعة الاردن وتفعيل بنود بروتوكولات جراحة السمنة من حيث وجود المراكز المتخصصة والجاهزة والمؤهلة لأي طارئ واجراءها من قبل جراحين اكفياء ومختصين حتى لا نسيء لقطاع جراحة السمنة الذي يعتبر من اهم روافد السياحة العلاجية بالاردن.