تحويل بورصة عمّان إلى شركة مساهمة عامة
-
المركب
مع إعلان رئيس الوزراء، الدكتور هاني الملقي، نية الحكومة تحويل بورصة عمّان إلى شركة مساهمة عامة قبل نهاية العام الحالي كثرت الآراء حول هذا الموضوع بين مؤيد ومعارض ومستفسر.
ومما لا شك فيه أن تحويل البورصة، أية بورصة، إلى شركة مساهمة عامة وإدراج أسهمها (وهي خطوة عادة ما تتبع هذا التحويل) ليس عصا سحرية لحل مشاكل ومواجهة تحديات السوق المالي، أيّاً كان هذا السوق. فالبورصة، أولاً وآخراً، هي الشركات المساهمة العامة المدرجة، و"الوضع الصحي" لهذه الشركات (من نتائجها المالية وأرباحها، إلى مدى دقة وتوقيت وشفافية إفصاحاتها، وأسس الحوكمة الرشيدة التي تتبعها) هو المؤثر الرئيسي على زيادة أو تقلص ثقة المستثمر في بورصة ما. وعليه فإن بيئة السوق المالي وبنيته التحتية التي تحوي الشركات المدرجة، من أنظمة التداول وإجراءات التقاص والتسوية وتقسيمات السوق إلى أولي وثانوي ووجود مشتقات وعقود آجلة وصناديق إلإستثمار المشترك وغيرها، على أهميتها، هي عوامل ثانوية مقارنة بأهمية الوضع الصحي للشركات المدرجة في البورصة.
وفي هذا السياق، يمكن اعتبار البورصة شركة مساهمة عامة عامل مساند لتعزيز ثقة المستثمر في السوق المالي لأن هذا الشكل القانوني للبورصة يمكنها من القيام بمبادرات مختلفة بهدف زيادة السيولة، وهي مبادرات واستراتيجيات غير متاحة بالشكل المطلوب للبورصة كمؤسسة عامة أو حكومية.
فالسيولة هي "إكسير حياة" البورصات، وارتفاع مستوى السيولة في بورصة ما عادة ما يؤدي الى ارتفاع أسعار الأوراق المالية المدرجة في تلك البورصة واقترابها أو تخطيها للقيم العادلة لتلك الأوراق (كيفما يتم تعريف القيمة العادلة، وهو أمر فني لا يخلو من الاجتهادات المختلفة). وهذا الارتفاع في أسعار الأوراق المالية المدرجة نتيجة زيادة مستويات السيولة في بورصة ما عادة ما يجذب المزيد من الادراجات لتلك البورصة ويخلق طلبا متزايدا على الأوراق المالية المدرجة عليها، مما يؤدي بدوره لتوليد مستويات أعلى من السيولة كما يقضي منطق الحلقة الحميدة.
وبتحول البورصة الى شركة مساهمة عامة مدرجة يصبح هدف الربحية من الأهداف الرئيسية لعملياتها وإداراتها ويترتب على ذلك اعداد وتنفيذ استراتيجيات تنافسية من شأنها زيادة دخل البورصة، خاصة الدخل الناتج عن رسوم التداول والتي تعتمد بدورها بشكل كبير على حجم السيولة.
وقد ساعد تحول البورصات في دول عديدة من مؤسسات حكومية أو جمعيات نفع مشترك إلى شكلها الجديد كشركات على تبني وتنفيذ إستراتيجيات مختلفة لتعزيز أحجام السيولة، منها على سبيل المثال عمليات اندماج مختلفة بين بورصات أو تملك مشترك لنسب معينة في "البورصة الشركة" من قبل "بورصة شركة" أخرى. وترتكز هذه الإستراتيجيات على خلق نوع من "سوق سيولة مشترك" بين بورصتين يكون أكبر من رقع السيولة المنضوية تحت كل بورصة على حدة. وهذا الدمج لرقع سيولة منفصلة بهدف خلق سوق سيولة مشترك بين أكثر من بورصة يتم من خلال حلول تكنولوجية مختلفة ترفدها تفاهمات وإتفاقيات بين الجهات الرقابية.
ومما لا شك فيه أن قدرة أي بورصة على تبني وتنفيذ مثل هذه الاستراتيجيات الهادفة لزيادة أحجام السيولة تتعزز بشكل كبير إذا كانت البورصات المعنية شركات مساهمة عامة، نظراً لتمكن البورصات من تملك أسهم في بعضها البعض، وهو ما يشكل أفضل حافز لنجاح مثل هذه التحالفات المبنية على أسس ربحية.
أما فيما يتعلق بآليات تحويل البورصة إلى شركة مساهمة عامة وطرح أسهمها للإكتتاب، فيجب أن يتم ذلك بشفافية عالية وبإعتماد آليات طرح معينة وحقوق اكتتاب موجهة نحو شرائح استثمارية مختلفة كصناديق تقاعد العسكريين والمعلمين وموظفي الحكومة ومؤسسة الضمان الاجتماعي وموظفي البورصة والوسطاء والشركات المدرجة، مع طرح كل أو جزء من الأسهم المتبقية للاكتتاب العام.*مفوض أسبق في هيئة الأوراق المالية
-